ف.تايمز: العناق التركي الروسي جعل البرودة تسري بالجسد الأمريكي

الثلاثاء 30 يوليو 2019 08:25 م

"عضو حيوي في الناتو يشتري معدات دفاعية حساسة من أكبر خصم للحلف.. الأمر دراماتيكي".. بهذه الكلمات علقت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية على تطورات مشهد حصول تركيا على معظم معدات منظومة "إس-400" الروسية، رغم الغضب الأمريكي والقلق الغربي.

وقالت الصحيفة، في تقرير بعنوان "العناق التركي الروسي جعل البرودة تسرى بالجسد الأمريكي"، إن التغير الدراماتيكي بين أنقرة وموسكو حدث سريعا؛ فمنذ نحو 3 سنوات فقط كانت علاقة البلدين في حالة انهيار، بعد إسقاط الأتراك مقاتلة روسية ضلت الطريق عبر الحدود مع سوريا، والآن يتقاربان بشكل يجعل تركيا تتحدى الولايات المتحدة وتغامر بما حققته في برنامج شراكتها بالمقاتلة الأكثر تطورا في العالم "إف-35" من أجل المنظومة الروسية.

ويرى التقرير أن هناك رابطا شخصيا ظهر بين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" لعب الدور الأكبر في سبب هذا التغيير الدرامي، وبالتوازي مع زيادة هذا الرابط الشخصي كانت أيضا التوترات تزيد بين تركيا والولايات المتحدة.

وتلفت الصحيفة عن الدبلوماسي التركي السابق الذي يرأس الآن مركز أبحاث "إيدام" في إسطنبول، "سنان أولجن"، قوله إن هذا التحول "استثنائي ومثير للدهشة، والفائز الأكبر في هذا الأمر ليس تركيا أو أمريكا، إنها فقط روسيا".

  • عداوة فتحالف

وتقول الصحيفة إنه كان يُنظر إلى روسيا منذ فترة طويلة على أنها واحدة من أعداء تركيا الهائلين؛ حيث عانى العثمانيون من سلسلة من الهزائم المؤلمة على أيدي الروس، وفي الحرب الباردة كانت أنقرة هي الجبهة الشرقية النشطة لحلف "الناتو" ضد موسكو.

وترى الصحيفة أن كلا من "أردوغان" و"بوتين" قادة استبداديون وجدوا أرضية مشتركة في انعدام الثقة المتبادل بينهما في الغرب. ومنذ يونيو/حزيران 2016، التقى الرجلان 23 مرة على الأقل وأجريا 52 مناقشة عبر الهاتف، وفقا للكرملين، وهو ما يعادل التحدث مرة كل أسبوعين.

وتضيف: "لقد عملا بشكل وثيق مع بعضهم البعض في سوريا، رغم أن روسيا وتركيا وجدتا نفسيهما على طرفين متعارضين؛ حيث انحدرت البلاد إلى الحرب الأهلية، ودعمت أنقرة المجموعات المسلحة ضد نظام بشار الأسد بينما اصطفت موسكو بقوة بجوار النظام ودعمته عسكريا".

وعادت الصحيفة لتستعرض الأزمة التي نشبت بين البلدين بسبب إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية في 2015، قائلة إن "أردوغان" عمل على تهدئة الأزمة، مدفوعا بألم اقتصادي أحدثه "بوتين" لأنقرة، لكن ذلك لم يكن السبب الوحيد؛ فالأمريكيون لم يستغلوا هذا التوتر ليتقاربوا مع الأتراك.. على العكس استمروا بتسليح الأكراد الذين ترى فيهم تركيا تهديدا وجوديا.

وقال "أولجن": "لقد أدى ذلك بالفعل إلى تآكل ثقة الأتراك في الأمريكان".

وعلى النقيض من ذلك، أعطت روسيا، في العام الماضي، الضوء الأخضر للقوات التركية لشن عملية ضد المسلحين الأكراد في جيب عفرين السوري.

  • أزمة انقلاب 2016

لكن التقرير يرى أن الانفراجة الكبرى والتقارب الأبرز بين تركيا وروسيا حدث بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016. فبعد فشل الانقلاب، شعر المسؤولون الأتراك أن نظرائهم الأمريكيين لم يظهروا دعما يليق بالعلاقات بين البلدين، بل على العكس جاء الدعم الأمريكي شديد البطء، إضافة إلى أن المحرك الأساسي للمحاولة الانقلابية "فتح الله غولن" يختبئ في ولاية بنسلفانيا على الأراضي الأمريكية.

وأثار ذلك الأمر الشكوك لدى الأتراك بأن الأمريكيين إما شجعوا بنشاط، أو أيدوا ضمنيا، المؤامرة للإطاحة بالحكومة التركية.

على النقيض من ذلك، كان "بوتين" من أوائل القادة الدوليين الذين اتصلوا بـ"أردوغان".

وفي غضون أشهر، بدأ الرجلان يناقشان خطة تسليح تركيا بالمنظومة الروسية المتطورة "إس-400".

  • تهديدات خاطئة

وبعد أن ركزت الولايات المتحدة جهودها لإثناء تركيا عن اقتناء المنظومة الروسية في البداية على التأكيد بعدم توافقها مع مقاتلات "إف-35"، جنحت واشنطن سريعا إلى لغة الهديد بالعقوبات، وهو ما اعتبره مراقبون خطأ جسيما.

ونقل التقرير عن سفير تركي سابق في واشنطن هو "فاروق لوجوغلو" قوله: "بالنظر إلى الوضع السياسي الداخلي، والمستوى العالي من عداء الجمهور التركي لأمريكا، والسمة الثقافية السياسية لتركيا التي لا تنسجم مع أسلوب الضغط، فإن استراتيجية التهديدات والضغط كانت خاطئة".

وقالت الصحيفة إن شراء تركيا "إس-400" طرح أسئلة أكبر حول مستقبل دور تركيا في "الناتو"، وأصرت أنقرة على أنها تريد أن تظل عضوا نشطا في الحلف.

ومع ذلك، تقول الصحيفة، يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق بشأن قدرتهم المستقبلية على التعاون عندما يتم تهميش تركيا من برنامج الطائرات الحربية "إف-35"، والتي يأملون في أن تصبح العمود الفقري لعمليات "الناتو" الجوية.

ونقل التقرير عن "قسطنطين ماكينكو"، نائب مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، وهو مركز أبحاث روسي للدفاع، قوله إن صفقة "إس-400" أكثر من مجرد صفقة، لكنها "علامة على تحول تكتوني محتمل في التحالفات الجيوسياسية العالمية".

واختتم التقرير بالإشارة إلى عرض روسيا تعويض تركيا بالمقاتلة "سوخوي-35"، وهي نسخة متطورة قد تجعل تركيا في وضع أفضل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الروسية التركية تطبيع العلاقات التركية الروسية العلاقات الأمريكية التركية