استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لا فرصة لـ«تجفيف ينابيع» التدين ... لماذا؟

الثلاثاء 23 يونيو 2015 05:06 ص

ثار جدل كبير في الشهور الأخيرة حول نوع من الاستهداف المبرمج للظاهرة الإسلامية بكل تجلياتها من حجاب وتراث وعلماء ورموز، وكل ذلك بدعوى الحرب على الإرهاب، ما أعاد إلى الأذهان فكرة «تجفيف الينابيع» التي عُرفت في بعض الدول العربية خلال مراحل شتى.

يعود مصطلح «تجفيف الينابيع» للرئيس التونسي المخلوع بن علي، وتقوم على أن محاربة ما يسمى «الإسلام السياسي» لن تنجح من دون تجفيف ينابيع التدين في المجتمع، وأطلقه المذكور مطلع التسعينات على خلفية صراعه مع حركة النهضة بعد انقلابه على بورقيبة.

هناك للمفارقة من استخدم المصطلح قبل ذلك وبعده أيضا، أعني الكيان الصهيوني، الذي كان ساسته يمعنون تفصيلا وتوضيحا، ودائما في حق حركة حماس، حين كانوا يقولون إنك لا تستطيع مكافحة «بعوض الإرهاب» بقتله فرادى، بل لا بد من تجفيف المستنقع!!

لسنوات بدا أن البرنامج قد حقق نجاحا كبيرا في تونس، حيث غابت ملامح التدين من المجتمع، وبالطبع بعد أن طالت الحرب كل مظاهره؛ من الحجاب وصولا إلى مراقبة الناس في المساجد، وبين ذلك تشجيع كل عناصر الانحلال، وحاز بن علي تبعا لذلك الكثير من شهادات حسن السلوك الغربية، لا سيما أن ما جرى كان يتزامن مع الحرب التي كانت دائرة في الجارة الجزائر بين الإسلاميين وبين الجيش إثر الانقلاب على العملية الديمقراطية، ودخول ما بات يُعرف بالعشرية السوداء.

على أن المشهد ما لبث أن تغير فجأة مطلع الألفية الجديدة إثر بروز ظاهرة الفضائيات وما سمي الدعاة الجدد، وشيوع ظاهرة الصحوة الدينية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وبالطبع لأسباب عديدة؛ منها ما ذكرنا، ومنها ما جاء كردة فعل على هجوم بوش الذي أعقب هجمات سبتمبر, والذي حمل شعارات صليبية.

قبل تجربة تونس، حدث شيء مماثل في سوريا بعد الصدام المسلح بين الإخوان المسلمين ونظام الأسد (الأب) مطلع الثمانينات، من دون أن يُستخدم ذات المصطلح «تجفيف الينابيع»، ولكن جوهره كان حاضرا بحرب شعواء على كل مظاهر التدين، مع «انفتاح» مقصود أيضا لتغييب الصحوة الدينية. وللتاريخ، فقد سجّل النظام نجاحا كبيرا أيضا، لكن المشهد ما لبث أن تغير بعد ذلك بعقدين، وتحديدا في الألفية الجديدة، ولذات الأسباب التي ذكرنا في تونس.

ثمة تجربة أخرى سبقت تونس وسوريا، وسجلت هي الأخرى نجاحا كبيرا، تمثلت في مرحلة ما بعد الصدام بين نظام عبد الناصر وبين الإخوان في الخمسينات، وضمن ذات المقاربة، وكانت النتيجة هي تغييب التدين من المجتمع المصري لسنوات طويلة، تكاد تقترب من عقدين وأكثر، قبل أن تعاود صعودها مطلع الثمانينات، ليس فقط بسبب الانفتاح السياسي الذي أحدثه السادات كما هو رائج في أوساط النخب اليسارية والقومية والليبرالية، بل أيضا بسبب الأجواء المحيطة في عموم المنطقة.

من هنا يمكن القول إن الصحوة الدينية لها بُعد داخلي يتعلق بالسياسات الداخلية الرسمية من قبل هذا النظام أو ذاك، ولها بعد خارجي يتعلق بالأجواء العامة في المنطقة، وهذا البعد الأخير صار أكثر وضوحا مع تطور وسائل الاتصال الحديثة، بينما كان أقل تأثيرا في السابق، وإن كان حاضرا على نحو ما.

اليوم، هناك في مصر ودول عربية أخرى من يريد لتكرار ذات التجربة، وباستخدام ذات السياسة، ودائما من أجل محاصرة ما يسمى الإسلام السياسي بعد صعوده خلال مرحلة الربيع العربي، ومن يتابع الهجمة على التدين ومعالمه، من حجاب وتراث، وصولا إلى نسبة موجات العنف السائدة إلى الدين، سيلمس ذلك دون شك.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن للنجاحات التي سُجلت سابقا أن تتكرر هذه الأيام؟

الجواب هو لا بكل تأكيد، من دون أن ينفي ذلك ما سيكون لها من تأثيرات متفاوتة، والسبب الأهم لذلك هو أن الصحوة الدينية لم تبلغ منذ ثلاثة قرون، بما في ذلك في التجارب المشار إليها ما بلغته في المرحلة الراهنة، تحديدا منذ مطلع الألفية الجديدة، بدليل ما يلمسه الجميع من إقبال على مظاهر التدين بكل أشكالها، ما يعني أن ظاهرة التدين صارت أكثر عمقا من المستوى الذي يمكنه معه اقتلاعها، ومن سيفعل ذلك سيدخل في صدام مع المجتمع برمته، مع أن العملية ستتم بالتدريج وبشعارات مواربة كالتجديد وما شابه.

ثم إن كثيرا من الأنظمة ما تزال في حاجة إلى أنماط من التدين التقليدي لمواجهة التدين المسيّس إذا جاز التعبير. وهناك بالطبع عنصر آخر، يتمثل في هذا الانفجار الطائفي بسبب غرور إيران، والذي يعلي بدوره من أنماط تدين متشددة ردا على ذلك، وبالطبع من منطلق الشعور بالخطر على الهوية.

ما جرى في مصر خلال الشهور القليلة الماضية من ردة فعل مجتمعية، وبل من أناس ينتمون للمؤسسة الرسمية، على الهجمة على رموز التدين، دليل على ما نقول، حيث اضطر أهل ذلك التوجه إلى التراجع. لكن ذلك لا يعني أن الحملة ستتوقف، إذ ستمضي، ولكن بطريقة أكثر ذكاءً وعلى نحو أنعم.

والحال أن الحرص الذي ينبغي أن يبديه المخلصون من أبناء الأمة على موجة التدين الراهنة لا ينطلق من حرص على التدين التقليدي وحسب، لا سيما أن تأثيراته الإيجابية على الناس لا تحصى (أفرادا وجماعات)، وإنما أيضا من حرص على البعد المسيّس منه، لما له من تأثير على لجم مسارات الاستبداد والفساد، حتى لو لم يحقق مبتغاه النهائي في المسار السياسي، مع العلم أن ظاهرة التدين ما تلبث أن تنحسر حين تكف عن التأثير في حياة الناس، وتبني قضاياهم.

من هنا، يبدو أن على الإسلاميين أن يعودوا إلى ميادين الدعوة ما وسعهم ذلك، من دون أن يهملوا جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القضايا العامة، لأنهما مساران متكاملان يرفد أحدهما الآخر.

  كلمات مفتاحية

الإسلام السياسي الربيع العربي التدين الإسلاميون الدعوة المجال العام

موقع عبري: الدوحة تدير حملة لبناء نظام شرق أوسطي يمزج القومية العربية بالإسلام السياسي

الحركات الجهادية العنيفة ولدت من العولمة.. وليس من الإسلام السياسي

دعاوي إغلاق« كلية الشريعة» بالكويت.. تجفيف لمنابع «التطرف» أم «التدين»؟

محللون مصريون: السعودية مقبلة على قلاقل باتساع الفجوة مع تيار الإسلام السياسي