استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الدراسات الاستشراقية .. والنعرة العلمية

السبت 27 يونيو 2015 04:06 ص

تنشأ النعرة العلمية أساساً من استعمال منهج، أو طريقة، أو عادة تخالف تماماً موضوع البحث لأنها «مادية» ترمي إلى دراسة الفكر عن طريق الحوادث التاريخية أو الوقائع الاجتماعية، أو ترجعه إلى الإبداع الشخصي، أو الأثر الخارجي. وهذا مناقض تماماً لطبيعة موضوع البحث في الدين باعتباره ظاهرة نشأت من مصدر قبْلي هو الوحي، وبعد تحول نصوصه إلى معانٍ، والمعاني إلى أبنية نظرية.

فوصف الظاهرة الفكرية هو محاولة للعثور على كيفية تحويل النص إلى معنى عن طريق منهج في التفسير والفهم، وكيفية تحويل المعنى إلى نظرية عن طريق البناء العقلي لها. وبعد ذلك تُقيّم الظاهرة الفكرية بإرجاعها إلى مصدرها الأول وهو النص، والحكم عليها بأنها إيجابية أي من النص، أو سلبية أي من الخارج.

فإذا كانت الظاهرة الفكرية تعبيراً حضارياً عن الوحي، فالمنهج الذي يمكن اتباعه هو منهج ذو جانبين:

الأول، يتابع خروج الظاهرة الفكرية من النص، وهذا هو الوصف الظاهري التكويني الذي يبيّن النشأة والتطور.

والثاني، يرجع الظاهرة الفكرية إلى النص من جديد لتصفية ما يمكن أن يعلق به من آثار ثقافية أخرى، أو من بناءات وأحكام بيئية، وهذا هو الوصف الظاهري الارتدادي.

فالظاهرة الفكرية إذن مثالية، مصدرها الدين، وأساسها العقل، وقوامها الواقع. فالنعرة العلمية التي تقوم عليها مناهج المستشرقين تعني دراسة الظاهرة الفكرية كظاهرة مادية خالصة، وكتاريخ خالص مكون من شخصيات وأنظمة اجتماعية وحوادث تاريخية محضة، يمكن فهمها بتحليلها إلى عوامل مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية تحدد نشأتها وطبيعتها، وتحاول ابتداءً من هذه العوامل المتفرقة تركيب الظاهرة بدعوى تفسيرها.

وهكذا تفقد الظاهرة طابعها المثالي، وتنقطع عن أصلها في الدين، وعن أساسها في الفكر والواقع، وتصبح ظاهرة مادية خالصة لها أصلها في التاريخ الذي أعطاها أساسها، وفي المجتمع الذي أعطاها طبيعتها.

ويرجع هذا الخطأ نسبياً إلى أن جميع المستشرقين أو جلّهم غير مؤمنين، ومن المستحيل بالنسبة إليهم إرجاع الظواهر الفكرية التي يدرسونها إلى أصولها في الدين عن اعتقاد أو عن تعود. هذا مع أن المستشرق يعرف في قرارة نفسه أن التفسير الوحيد للظاهرة هو إرجاعها إلى أصولها في الوحي. ومع ذلك يدير ظهره، ويحاول إيجاد أصول تاريخية واجتماعية لها.

والباحث الجاد يمكنه أن يصف نشأة التراث وتطوره وكيفية خروجه من مصادره الأولى، فهو يقرر واقعاً قد لا يحتاج إلى إيمان مسبق بالأصول، وتسمح بعض المناهج الغربية المعاصرة بذلك مثل المنهج الظاهراتي الفينومينولوجي. وقد يقع بعض الباحثين المسلمين أيضاً في نفس الخطأ وهم مؤمنون بالدين، فالمسألة إذن هي الوعي بطبيعة التراث ونوعيته ونشأته وبنائه.

وقد يكون السبب أيضاً ميل النفس البشرية بطبعها إلى ترك النظرة المثالية للظواهر إن لم يكن الحافز الديني أو الحساسية الفكرية متغلباً على شخصية الباحث، وهو ما يمكن تسميته بالمادية «المقنّعة» دونما تبنٍّ لمذهب فكري معين، مما قد يوجد في بيئة ثقافية.

وقد يكون السبب أيضاً نوعاً من التعود على السهولة، إذ إن جمع المواد من أسماء أشخاص وتواريخ وتقلبات الدول أسهل بكثير من الانتظار حتى يمكن إدراك الظاهرة الفكرية وفهمها، من خلال هذه المواد التاريخية المتناثرة، وخاصة إذا لم يكن الباحث على قسط كبير من الوعي الفلسفي، وليست لديه القدرة على الرؤية والقراءة للمواد الخالصة، ثم يعوض هذا النقص الكيفي بالكم التاريخي، ويبهر العالم بقدراته على جمع المعلومات.

وقد يكون السبب عدم تخصص المستشرق في ميدانه منذ البداية، فغالباً ما يبدأ بالتاريخ العام أو بتاريخ علم من العلوم، اللغة أو الأدب أو الفقه، أو الفِرق الكلامية ثم يصل إلى الاستشراق بعد تطور طويل تعوّد فيه على سرد الوقائع والأحداث. وقد حدث ذلك في الجامعات الغربية حيث توضع الحضارة الإسلامية داخل الحضارات السامية القديمة أو اللغات الشرقية.

ولنقص في المستشرقين فإن عالم اللغة يميل إلى الفكر، والمؤرخ قد يشطح إلى الفقه. فلم ينشأ الاستشراق على الإطلاق كميدان مستقل أو كعلم متخصص، بل كان ملحقاً بالتاريخ أو الجغرافيا أو اللغة أو الدين أو الحضارة أو الفلسفة، وكانت النتيجة أن فقد التراث وحدته، وتنازعته العلوم الإنسانية المختلفة، كل علم يتناوله بمنهجه وموضوعه وغايته.

  كلمات مفتاحية

الاستشراق التراث الوحي الظاهرة الفكرية المادية المقنعة الدين الحضارة الإسلامية

التراث وتحيزات الاستشراق

المنهج التاريخي عند المستشرقين

الاسـتشــراق والمنـهــج الإسـقــاطي

الاسـتشـراق ومنهـج الأثـر والتـأثــر

ما بعد الاستشراق الأمريكي والعالم الإسلامي: إنتاج المعرفة في عصر الامبراطورية