وثائق عسكرية مسربة تكشف موقف الجيش المصري من تيران وصنافير

الأحد 1 سبتمبر 2019 11:05 م

نشر موقع "عربي21" وثائق عسكرية مُسربة من داخل إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة المصرية، عن قضية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية.

وحملت الوثائق تحذيرا بعدم الاطلاع أو العرض أو تداول تلك الوثائق على الجهات المدنية باعتبار أنها "سرية للغاية".

وقالت وثيقة حملت عنوان "الموقف السياسي والأسانيد والوثائق القانونية التي تؤكد سلامة الموقف المصري"، إن "توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي أُبرمت في 8 أبريل/نيسان 2016، آثار جدلا لدى الرأي العام المصري استغلته بعض الأطراف والقوى المناوئة للدولة ووظفته لتحقيق مآربها وأجندتها السياسية؛ حيث ادعت أن الحكومة المصرية تنازلت للسعودية بموجب هذه الاتفاقية عن الجزيرتين".

وأضافت أن "ما تروج له بعض الأطراف السياسية والأصوات الإعلامية من أن مصر تنازلت للسعودية عن الجزيرتين في اتفاقية تعيين الحدود البحرية هو ادعاء منافٍ تماما للحقيقة ويفتقر للمعرفة بنص الاتفاقية".

وتابعت: "تتكون الاتفاقية من 3 مواد لم تتطرق أي منها إلى الإقليم البري لجمهورية مصر العربية إنما حددت خط الحدود البحرية الفاصل بين مصر والسعودية ابتداء من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية (المصرية- السعودية – الأردنية) في خليج العقبة وانتهاء عند خط عرض 22 درجة شمالا في عرض البحر الأحمر، وهو خط الحدود المصرية الجنوبية".

واستطردت الوثائق قائلة: "لم تتعرض الاتفاقية إلى جزيرتي تيران وصنافير، ولم تنطو على تنازل أو تخلي عنهما أو لأي جزء من الإقليم البري لجمهورية مصر العربية ذلك لأنها اقتصرت على تحديد خط الحدود البحرية بين البلدين".

وتمثلت إحدى الوثائق العسكرية في محاضرة لأستاذ التاريخ المعاصر والحديث، وعضو اللجنة الفنية التي تم تشكيلها سابقا لتحديد مصير جزيرتي تيران وصنافير، "جمال شقرة"، والذي فاز بجائزة الدولة في التفوق للعلوم الاجتماعية في يونيو/حزيران الماضي، بحكم قربه من المؤسسة العسكرية.

وتزعم الوثائق أن بعضا ممن تناولوا قضية الجزيرتين في الصحافة ووسائل الإعلام اعتمدوا على "خرائط وأطالس صادرة من بعض جهات مصرية تضع جزيرتي تيران وصنافير ضمن الإقليم المصري للدفع بأن مصر لها السيادة على الجزيرتين ينطوي ذلك القول على مبالغة في تقدير القيمة القانونية للخرائط".

 وتقول إن "الخريطة لا يُعتد بها كسند قانون لسيادة الدولة على الإقليم أو لتحديد الحدود بين الدول إلا إذا كانت مُوقعة ومُعتمدة رسميا من قبل دولتين أو كجزء أصيل من اتفاقية مبرمة بينهما. كما أن كافة المطبوعات الأخرى الصادرة عن الدولة (الكتب المدرسية) لا يُعتد بها كسند للدفع بسيادة الدولة على إقليمها".

يُذكر أن المدافعين عن مصرية الجزيرتين قدموا العديد من الدفوع والأدلة والوثائق الدامغة على بطلان الاتفاقية، ما دفع المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار "أحمد الشاذلي"، للحكم بمصرية الجزيرتين.

وجاء في نص الحكم: "وقر واستقر في عقيدة المحكمة أن سيادة مصر على تيران وصنافير مقطوع بها، وإن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية راجح رجحانا يسمو لليقين، كأثر لسيادتها المستمرة من ناحية، وأن الحكومة لم تقدم وثيقة أو شيئا آخر يغير أو ينال من هذا الأمر، ولهذه الأسباب وغيرها أعدت المحكمة حكمها في 59 صفحة، انتهت فيها إلى أن المحكمة قد حكمت باجماع الآراء برفض طعن الحكومة".

وقالت الوثائق المسربة إن هناك فريقا ممن يعارض الاتفاقية ينطلق من عدائه لما وصفته بثورة 30 يونيو/حزيران 2013، ويعتبر "الاتفاقية تنازلا عن أرض مصرية، وهذا غير صحيح. وفريق آخر تحركه مشاعر وجدانية تحت تأثير الدعاية المضادة التي انطلقت من أفواه غير مسؤولة".

وبالمخالفة الصريحة لأحكام القضاء المصري، ذهبت الوثائق إلى أن الجيش المصري كان جيش احتلال للجزيرتين؛ بعدما قام "السلاح البحري المصري بالاستيلاء عليهما يومي 25 و28 يناير/كانون الثاني 1950، ورُفع العلم المصري عليهما، حماية لهما من (إسرائيل)".

يُذكر أنه ردا على مزاعم احتلال مصر لجزيرتي تيران وصنافير، أكد نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار "أحمد الشاذلي"، المعروف بقاضي تيران وصنافير، أن "الجيش المصري لم يكن أبدا - قديما أو حديثا- جيش احتلال، وما أخرجته مصر خارج حدودها إلا دفاعا عن أمنها وأمن أمتها العربية".

وقال "الشاذلي": "مصر ليست نقطة على خريطة الكون أو خطوط رسمها خطاط أو عالم جغرافي على خرائطه، إنما هي بلد قديم خلقه الله من رحم الطبيعة، بين بحرين عظيمين ربط بينهما بدم وعرق بنيه برباط مادي ومعنوي، ويسري على أرضها من الجنوب للشمال نهر خالد بالتاريخ".

وجاءت الوثائق ضمن حملة ممنهجة داخل المؤسسة العسكرية كمحاولة لإقناع ضباط وضباط صف وجنود الجيش بصحة وسلامة موقف "السيسي" ونظامه من التنازل عن تيران وصنافير، زاعمين أن تلك الوثائق توضح الحقائق الخاصة بمضمون اتفاقية تعيين الحدود البحرية، وكذلك الخلفيات القانونية والسياسية والعسكرية الخاصة بوضع جزيرتي تيران وصنافير، بحسب الوثائق.

 يُذكر أن كل ما وصفته الوثائق العسكرية بالأسانيد والوثائق والحقائق والدفوع القانونية التي تؤكد سلامة الموقف المصري تماما من أحقية السعودية بالحصول على الجزيرتين عُرض على القضاء المصري ورفضه مرتين في حكمين شهيرين صدرا ببطلان الاتفاقية.

هذه الأحكام القضائية النهائية والباتة دفعت النظام المصري للجوء إلى محكمة الأمور المستعجلة، والتي عادة ما يلجأ إليها النظام للالتفاف على بعض الأحكام القضائية التي تصدر عن محاكم متخصصة وسلطتها تفوق سلطة المستعجلة، وهو يؤكده مراقبون وقانونيون بأن النظام يستخدم تلك المحكمة لفرض وتقنين رغباته السياسة عن طريق أحكام قضائية صادرة من الأمور المستعجلة.

وبالفعل، انتهى هذا المسار أمام محكمة الأمور المستعجلة إلى صدور قرارين ببطلان حكمي "القضاء الإداري" السابقين مع استمرار سريان الاتفاقية مع السعودية.

ومع وجود أحكام قضائية متناقضة، وافق مجلس الوزراء المصري على الاتفاقية، وأحالها إلى مجلس النواب في 29 ديسمبر/كانون الأول 2016، الذي وافق عليها بدوره بعد تصويت أجري بالجلسة العامة في 14 يونيو/حزيران 2017. وصدق عليها الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في 24 يونيو/حزيران 2017.

وحاليا لا تزال الاتفاقية معروضة أمام المحكمة الدستورية العليا التي لاتزال تنظر منازعتي تنفيذ أقامتها الحكومة تطلب فيهما إبطال الأحكام الصادرة من مجلس الدولة بدعوى "أنه ليس جهة اختصاص" بنظر الاتفاقيات، التي تقع ضمن "أعمال السيادة"، بحسب رأي هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة).

المصدر | عربي 21 + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تيران وصنافير محكمة مصرية الجيش المصري

مصريون يحيون ذكرى نصر أكتوبر بوسم تيران وصنافير مصرية

وزير سعودي يعترف: السيسي سهل ضم تيران وصنافير عكس مبارك