لوب لوغ: حفتر يثير الخلافات بين مصر والإمارات حول ليبيا

الثلاثاء 10 سبتمبر 2019 06:00 م

تواصل الجهات الفاعلة الخارجية مشاركاتها العميقة في الحرب الأهلية متعددة الأوجه في ليبيا. وهذا العام، كثفت تركيا دعمها للفصائل المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومقرها طرابلس. ويزيد "مجلس النواب" المتمركز في طبرق، خصم حكومة الوفاق المتحالف مع الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال "خليفة حفتر"، يكثف جهوده للحصول على دعم من العديد من الدول العربية، فضلا عن فرنسا وروسيا و(إسرائيل). وضمن هذا السياق، يتحول الصراع الكابوسي في ليبيا إلى ساحة لصراع أعظم على النفوذ بين الدول الأجنبية التي تسعى إلى فرض رؤاها وأيديولوجياتها وبرامجها الطموحة على الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.

وطوال الحرب الأهلية الليبية، لعبت مصر دورا مؤثرا، وإن كان متناقضا. وعندما حاول "حفتر" السيطرة على طرابلس لأول مرة في فبراير/شباط 2014، كان الكثيرون في ليبيا -وفي جميع أنحاء المنطقة- يرفضونه كقائد. ومع ذلك، احترمت قيادة مصر "حفتر" في تلك المرحلة، وأخذته على محمل الجد. وبحلول النصف الأول من عام 2014، توصل المسؤولون في القاهرة إلى استنتاج مفاده أن شرق ليبيا أصبح وكرا خطيرا للميليشيات الإسلامية يحتاج إلى التطهير. وعندما أدركت القيادة المصرية هذا الوضع، كان "حفتر" هو الزعيم الليبي الأنسب لمواجهة هذه الجماعات "الإرهابية" من وجهة نظرهم.

ووفقا لهذه الرواية المصرية، يمثل "حفتر" والجيش الوطني الليبي الحصن الوحيد ضد التطرف في ليبيا. وبخلاف الدعم السياسي القوي الذي تلقاه القائد الليبي من الخارج، فإنه حظي أيضا بدعم من السكان المحليين في بنغازي وأجزاء أخرى من شرق ليبيا. وينبع ذلك من تصورات شائعة مفادها أن "حفتر" وقواته لهم الفضل في التعامل مع الميليشيات الإسلامية النشطة في الشرق.

عملية الكرامة

وفي مايو/أيار 2014، عندما أطلق "حفتر" ما يسمى بـ"عملية الكرامة"، كانت مصر أول دولة تدعم الجيش الوطني الليبي بشكل كامل. لكن المصريين لم يكن لديهم أي نية لإنفاق مواردهم المحدودة لتمويل حملة "حفتر"، لذلك سعوا إلى حشد المزيد من الداعمين وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يمكن أن توفر جيوبها العميقة نسبيا دعما أكبر بكثير. وبعد مرور شهرين إلى 3 أشهر على "عملية الكرامة"، أصبحت الإمارات بالفعل الممول الرئيسي للجيش الوطني الليبي و"حفتر". وبحلول أغسطس/آب 2014، كان تدخل مصر والإمارات في ليبيا مباشرا وصريحا. وكما أوضح أحد الخبراء الليبيين، كانت القاهرة سعيدة بالسماح للدول الأخرى الموالية لـ"حفتر" باستخدام غرب مصر كمنطقة لإطلاق العمليات العسكرية، خاصة مع قيام أبوظبي بتسديد معظم فاتورة أسلحة الجيش الوطني الليبي.

وفي فبراير/شباط 2015، أقنعت مصر روسيا فعليا أن "حفتر" يستحق فرصة، وأن الكرملين بحاجة إلى التفكير بجدية في فوائد دعم القائد الشرقي. وفي العام الماضي، صعدت فرنسا من مستوى دعمها لـ"حفتر" بفضل الجهود المصرية الإماراتية لإقناع باريس بأن دعم الجيش الوطني الليبي هو الطريقة الأكثر حكمة لمعالجة الحرب الأهلية الليبية والتهديد الذي تمثله لأمن أوروبا.

ومع ذلك، على الرغم من أن القاهرة قد جمعت العديد من اللاعبين المؤثرين في تحالف خلف "حفتر"، إلا أن المسؤولين المصريين ليسوا غافلين عن نقاط القوة والضعف في الجيش الوطني الليبي. وتؤمن القاهرة بأن الجيش الوطني الليبي ليس في وضع يسمح له بتحقيق نصر عسكري على جيش ليبيا الموالي لحكومة الوفاق والميليشيات المتحالفة معه. وينظر المسؤولون المصريون إلى الجيش الوطني الليبي على أنه مجموعة شاملة غير منضبطة تضم العديد من الفصائل، مثل القوى السلفية المتشددة، التي تفضل القاهرة ألا تكون جزءا من الحكومة الليبية المستقبلية. وبينما كان القادة المصريون يفضلون أن يحرر الجيش الوطني الليبي كل ليبيا، إلا أنه بحلول أواخر عام 2018، بدأت مصر في دفع "حفتر" نحو إيجاد تسوية سلمية للحرب الأهلية الليبية. وفي الوقت نفسه، شجع المسؤولون في أبوظبي والرياض "حفتر" على شن حملة شاملة لاغتصاب السيطرة على "طرابلس" و"مصراتة"، وأجزاء أخرى من ليبيا لم تكن بالفعل خاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي.

أهمية غرب ليبيا لدى مصر

وتدرك القاهرة أن الإمارات تركز على الحرب، وأنها ستواصل دعم الجيش الوطني الليبي ماليا. ومع ذلك، لا تتوقع مصر من الإماراتيين إعادة بناء ليبيا بمجرد انتهاء الحرب الأهلية. وبدلا من ذلك، ستتحمل مصر عبء هذا الدور. ونتيجة لذلك، كان هناك اختلاف واضح في الأولويات بين القاهرة وأبوظبي فيما يتعلق بغرب ليبيا. وفي نهاية المطاف، لا يحوي شرق ليبيا سوى ثلث سكان البلاد، في حين أن الغرب هو موطن البنك المركزي الليبي والشركات الوطنية للنفط، من بين أصول أخرى يمكن أن تتيح للعمال المصريين المغتربين فرص عمل حقيقية بمجرد استقرار غبار الحرب. لذلك، لدى مصر حافز لتثبيط أي استراتيجية من شأنها أن "تتخلى" عن غرب ليبيا وتركز فقط على بنغازي والأجزاء التي يسيطر عليها الآن الجيش الوطني الليبي التابع لـ "حفتر". ولهذا السبب، ترى القاهرة أن "حفتر" كان يجب عليه تجنب "عملية تحرير طرابلس"، والسعي بدلا من ذلك إلى السبل الدبلوماسية للسيطرة على العاصمة.

وعلى الرغم من المخاوف المصرية من هجوم "حفتر" على طرابلس في 4 أبريل/نيسان، اعتقدت القاهرة أنه ليس لديها خيار سوى دعم هذا الجهد. وكان مصدر القلق الرئيسي للقادة في مصر هو أن حملة "حفتر" الموسعة في الغرب قد تضعف قبضته على السلطة في شرق ليبيا، ما قد يخلق فراغات جديدة في السلطة تهدد الأمن المصري. وفي مواجهة عقوبات الأمم المتحدة، واصلت القاهرة تزويد الجيش الوطني الليبي بالدعم العسكري على أمل منع هذه النتيجة.

وعلى الرغم من التكهنات بأن الحكومة المصرية ستتخلى عن "حفتر" بسبب إحباطها من القائد الليبي، تشير المخاوف الأمنية والاقتصادية إلى أن القاهرة ستواصل رعاية الجيش الوطني الليبي مع استمرار الحرب الأهلية في ليبيا. وفي هذه الحرب، ينظر القادة في مصر إلى الجيش الوطني الليبي على أنه هو الممثل الوحيد الذي يمكنه تحقيق الاستقرار في ليبيا، والذي أثبت قدرته على طرد الجماعات الإسلامية من المناطق الحيوية الاستراتيجية.

ويشبه صعود "حفتر" إلى السلطة صعود الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، ويشترك الرجلان في أهداف سياسية متماثلة، وإيمان بضرورة وجود جيش قوي من أجل تحقيقها. وقد اتخذ كلاهما موقفا متشددا ضد الإسلام السياسي بشكل علني، ولكل منهما رؤية لتخليص ليبيا ومصر بشكل دائم من جماعة الإخوان المسلمين. وبفضل هذه الخلفيات وجداول الأعمال المشتركة، يعد "حفتر" و"السيسي" شريكين طبيعيين في الكفاح المزعوم ضد التطرف.

المصدر | جورجيو كافييرو - لوب لوغ

  كلمات مفتاحية

قلق متزايد من استخدام موسكو مرتزقة روس لدعم حفتر

السراج يعلن اقتراب الانتصار على قوات حفتر: نحن أكثر قوة

الوفاق الليبية تتهم الطيران الإماراتي بقصف مطار معيتيقة