استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عدن في مشهدَي 1986و2019

السبت 14 سبتمبر 2019 11:15 ص

عدن في مشهدَي 1986و2019

في 1986 حسم الصراع الجيش تحت سيطرة  ثالوث لحج والضالع ويافع شمال عدن.

أظهرت أحداث يناير 1986 الدامي في عدن أن الذي يسيطر على الجيش له الكلمة العليا في السلطة.

سيطرة «الانتقالي» قوية في عدن ومزعزعة في أبين وضعيفة في شبوة حيث لا يملك فيهما أرضية اجتماعية قوية.

عند إعلان «المجلس الانتقالي الجنوبي» في 2017 ظهر من تركيبته القيادية أن يناير 1986 الدامي يلقي بظله على جنوب اليمن.

لم يكن لعدن نفوذ مؤثر في اليمن الجنوبي منذ هزيمة الناصريين المتركزين بالنقابات العمالية في 1966 و1967 أمام «الجبهة القومية».

الأيديولوجية الماركسية لحزب تشكل منذ 1978 على الطراز السوفياتي في مجتمع متخلف ومنقسم مناطقيا لم تمنع انعكاس ذلك على صراعات السلطة الحاكمة.

*      *      *

بقلم | محمد سيد رصاص

في يوم 13 يناير/ كانون الثاني 1986، اقتحم العميد مبارك سالم أحمد، قائد الحرس الرئاسي للرئيس اليمني الجنوبي علي ناصر محمد، قاعة الاجتماع المقررة لاجتماع المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وأطلق النار من رشاشه فقتل عبد الفتاح اسماعيل الأمين العام السابق للحزب ووزير الدفاع صالح مصلح قاسم ووزير الدفاع السابق علي عنتر ووزير الداخلية السابق علي شايع هادي فيما جرح علي سالم البيض.

كان مقرراً في لحظة اقتحام المكان وصول الرئيس الذي هو الأمين العام للحزب من أجل قيادة الاجتماع، لكنه تغيّب هو وأنصاره الذين كانوا يشكلون أقلية، ثمانية من واحد وعشرين عضواً في المكتب السياسي للحزب الذي كان السلطة الحاكمة في اليمن الجنوبي.

خلال أسبوعين من القتال الذي أوقع ما يقارب العشرة آلاف قتيل تمّت هزيمة أنصار علي ناصر محمد الذي لجأ مع مناصريه إلى صنعاء. في الواقع، الذي حسم الوضع هو الجيش، الذي كانت مراكز القوة فيه متمركزة في ثالوث مناطق لحج - الضالع - يافع في شمال عدن.

وهو وضع كان موجوداً منذ تأسيس دولة اليمن الجنوبي واستقلالها عن بريطانيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، الذي كان بدوره انعكاساً لتركيب «الجبهة القومية للتحرير» التي قادت ثورة مسلحة ضد البريطانيين منذ يوم 14 أوكتوبر/ تشرين الأول 1963.

كان صالح مصلح قاسم وعلي عنتر وعلي شايع هادي من منطقة الضالع، فيما كان عبدالفتاح اسماعيل من اليمن الشمالي، وعلي سالم البيض من حضرموت وهو، مع حيدر أبو بكر العطاس، قادا الحراك المدني الحضرمي منذ عام 1965 لصالح «الجبهة القومية»، وقد أصبحا من أركان الدولة الجديدة في الإدارة.

فيما لم يكن للحضارمة نفوذ يُذكر في الجيش، وكانوا أقوياء في تركيب وزارة أمن الدولة خاصة بين عامي 1986 و1990. كان علي ناصر محمد منذ تولّيه الرئاسة والأمانة العامة للحزب عام 1980 قد حاول زرع أبناء منطقته، أبين، في الجيش.

فتولى عبدربه منصور هادي منصب نائب رئيس الأركان، وتولّى وزارة الداخلية محمد عبد الله البطاني، بالتعاضد مع أبناء منطقة شبوة الذين كان منهم اللواء عبد الله علي عليوة رئيس الأركان وأحمد مساعد حسين وزير أمن الدولة.

لم يكن لمدينة عدن وزن مؤثر في خارطة النفوذ في اليمن الجنوبي منذ هزيمة «جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل» الناصرية التوجه والتي كانت متركزة في النقابات العمالية بمدينة عدن، في عامي 1966 و1967، أمام «الجبهة القومية» التي كانت فرعاً من «حركة القوميين العرب» ثم أصبحت ماركسية.

أظهر شهر يناير 1986 الدامي في عدن أن الذي يسيطر على الجيش هو الذي له الكلمة العليا في السلطة.

وأن الأيديولوجية الماركسية في حزب تشكل منذ 1978 على الطراز السوفياتي لم تستطِع في بلد متخلف ومنقسم مناطقيا أن تمنع انعكاس وضع اجتماعي منقسم على صراعات السلطة الحاكمة ولو أخذت هذه الصراعات عناوين متعددة، كان أحدها الموقف من اليمن الشمالي.

في حرب 1994 كان أنصار علي ناصر محمد مع استمرار وحدة 22 مايو 1990 اليمنية وضد انفصال الجنوب، فيما كان البيض والعطاس الواجهتين للانفصاليين الجنوبيين ولقواتهم المسلحة التي أتت بجسمها الرئيسي من مثلث لحج - الضالع - يافع.

هنا، عند إعلان «المجلس الانتقالي الجنوبي» في 11 مايو 2017 ظهر من تركيبته القيادية أن (13 يناير 1986) يلقي بظله على الجنوب اليمني.

هذا المجلس رئيسه عيدروس الزبيدي هو من الضالع ونائبه هاني بن بريك، وهو (شيخ) سلفي، من حضرموت، بالإضافة إلى سليل أمراء الضالع القدماء من آل الشايف وهو المصرفي المعروف خريج الجامعة الأميركية ببيروت عبد الهادي علي الشايف، مع كبير مشايخ قبائل منطقة يافع الشيخ عبد الرب النقيب.

(مع ملاحظة استقالة الشيخ النقيب من منصبه في فبراير 2019 احتجاجاً على سيطرة بن بريك على المجلس حسب بيان استقالته) كان من الواضح أن هؤلاء بما يمثلونه من جسم اجتماعي كبير في الجنوب اليمني هم الأقوى في قيادة «الانتقالي الجنوبي» عند احتدام الصراع المسلح في أغسطس 2019 بينه وبين سلطة يمنية رئيسها من أبين وكذلك وزير الداخلية أحمد الميسري ورئيس الأركان عبدالله النخعي.

فيما من الواضح أن سيطرة «الانتقالي» قوية في عدن ومزعزعة في أبين وضعيفة في شبوة، حيث في المنطقتين الأخيرتين لا يملك أرضية اجتماعية قوية، وهو ما يظهر عندما يهزم قوات الحكومة اليمنية العسكرية فيهما.

فيما في عدن يبدو أن وضعها، كما ظهر في يوم 29 أغسطس 2019 عندما سيطر «المجلس الجنوبي الانتقالي» عليها عسكريا، مثل الوضع الذي كان بين يومي 30 نوفمبر 1967 و22 مايو 1990 عندما حكمها أبناء لحج - الضالع – يافع.

وهو وضع لا يختلف عن وضع العديد من العواصم العربية (وطهران ما بعد 11 شباط/ فبراير 1979) في مرحلة ما بعد 23 يوليو 1952 عندما سيطر الريف أو المناطق الطرفية على السلطة مع إزاحة العاصمة والمدن الكبرى منها.

* محمد سيد رصاص كاتب سوري

المصدر | الأخبار اللبنانية

  كلمات مفتاحية

هادي يتعهد بطي صفحتي الميليشيا الحوثية والانقلاب