هل يمكن لتحالف روسي صيني أن يحل محل أمريكا كراع لأمن الخليج؟

الأحد 15 سبتمبر 2019 11:28 م

يأتي الدعم الصيني لمبادرة الأمن الجماعي الروسية المقترحة - التي تحل محل مظلة الدفاع الأمريكية في الخليج العربي، وتضع روسيا كوسيط قوة إلى جانب الولايات المتحدة - وسط توترات متصاعدة، نتيجة لمصادرة متبادلة لناقلات النفط، وعقوبات الولايات المتحدة على إيران، وتعزيز الوجود العسكري البريطاني في مياه الخليج.

وفي أوائل أغسطس/آب، استولى الحرس الثوري الإيراني على ناقلة نفط عراقية في الخليج.

وقالت إيران إن السفينة كانت تهرب النفط إلى دولة عربية مجهولة.

وجاءت واقعة السفينة العراقية في أعقاب الاستيلاء الإيراني على الناقلة التي ترفع العلم البريطاني "ستينا إمبيرو"، وكان هذا ردا على احتجاز ناقلة إيرانية قبالة "جبل طارق" يُشتبه في خرقها لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد سوريا.

وتقترح روسيا إنشاء "تحالف يجمع جميع أصحاب المصلحة"، من شأنه أن يكون المحرك لحل النزاعات في جميع أنحاء المنطقة، وأن يعمل على تعزيز الضمانات الأمنية المتبادلة. وسوف يشمل ذلك إلغاء "النشر الدائم لقوات الدول غير الإقليمية في أراضي دول الخليج"، في إشارة إلى القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية.

الاقتراح الروسي

ويدعو الاقتراح إلى نظام أمني "عالمي وشامل"، يأخذ في الاعتبار "مصالح جميع الأطراف الإقليمية والأطراف الأخرى المعنية في جميع مجالات الأمن، ويشمل جميع الأبعاد العسكرية منها والاقتصادية إضافة إلى أمن الطاقة".

وسيتم إطلاق التحالف، الذي يضم دول الخليج وروسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند، بالإضافة إلى أصحاب المصلحة الآخرين، في إشارة مرجحة إلى إيران، في مؤتمر دولي حول الأمن والتعاون في الخليج.

ولم يذكر الاقتراح الروسي كيف سيتم إقناع دول الخليج المتناحرة، مثل قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران، بالجلوس على طاولة واحدة.

واقترحت المبادرة أن تعمل روسيا كوسيط، كونها تحافظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف.

ويعطي الدعم الصيني للاقتراح الروسي وزنا كبيرا.

ويشير بعض المحللين إلى أن الولايات المتحدة، التي لم تعد تعتمد على واردات نفط الخليج، تقلل تدريجيا من التزاماتها في المنطقة، على الرغم من الارتفاع المؤقت في عدد القوات الأمريكية هناك، نتيجة التوترات مع إيران.

ويشير هؤلاء إلى أن رد فعل الولايات المتحدة على تصعيد إيران كان في الغالب مسرحيا، على الرغم من خطاب إدارة "ترامب" العدائي.

وأثبتت التحذيرات الأمريكية من "العواقب الوخيمة" أنها لم تكن أكثر من مجرد تهديدات.

التحوط الخليجي

ويقول "ستيفن كوك" الباحث بمجلس العلاقات الخارجية ومقره نيويورك: "الولايات المتحدة في طريقها لمغادرة الخليج العربي. ربما ليس هذا العام أو العام المقبل، ولكن ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة في طريقها لذلك".

ويفهم القادة في الرياض وأبوظبي والدوحة والمنامة ومسقط ما يحدث، وقد تحوطوا ضد الرحيل الأمريكي بمجموعة متنوعة من الرهانات، بما في ذلك التطلع إلى أطراف مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا".

وتشير إحصائيات ناقلات النفط الحديثة إلى أن السعودية ترسل حصة أكبر من الخام إلى الصين.

وخلال زيارته إلى بكين الشهر الماضي، رفع ولي عهد الإمارات "محمد بن زايد"، والرئيس الصيني "شي جين بينغ"، مستوى العلاقة بين البلدين إلى علاقة "شراكة استراتيجية".

وقد تجعل تصورات تراجع الالتزام الأمريكي الاقتراح الروسي الخاص بالنهج متعدد الأطراف أكثر جاذبية على المدى القصير.

ومع ذلك، فإن التعامل طويل الأجل مع تحالف روسي صيني مستمر قد يكون صعبا وخادعا. 

ويمكن لمثل هذا التحالف أن يثبت أنه انتهازي أكثر منه استراتيجي.

ويجبر ذلك دول الخليج على تسريع عملية تولي مسؤولية أمنها بنفسها.

وحتى الآن، كانت الجهود الخليجية فردية ومختلطة.

وبالإضافة إلى عدم اليقين بشأن الموثوقية الأمريكية، والقلق من التوسع الإيراني الإقليمي، تواجه دول الخليج سخطا شعبيا مستمرا عبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتيجة التدخل السعودي الإماراتي المدمر في اليمن، والجهد السعودي الفاشل لإجبار رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة، وإسقاط السعودية والإمارات للقوة العسكرية والنفوذ التجاري في القرن الأفريقي.

ومع ذلك، قد يشير الاجتماع الأخير بين الإمارات ومسؤولي الأمن البحري الإيراني، وهو الأول من نوعه منذ 6 أعوام، بالإضافة إلى الانسحاب الجزئي للإمارات من اليمن، إلى نهج ناشئ أكثر إيجابية.

وإذا تم تبني الاقتراح، فإنه قد يورط الصين وروسيا في صراعات الشرق الأوسط المتعددة، ويجبرهما على الانحياز إلى أطراف معينة، على الرغم من قدرتهما حتى الآن على الحفاظ على علاقات وثيقة مع جميع أطراف الانقسامات الإقليمية، خاصة السعودية وإيران.

ويمكن للنهج متعدد الأطراف كذلك أن يبرز الخلافات الصينية الروسية الكامنة ويخرجها إلى السطح.

المصدر | جيمس دورسي - مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية

  كلمات مفتاحية

أمن الخليج معضلة الأمن الخليجي أمن الخليج العربي

مسؤول أمريكي يحذر دول الخليج من التعامل مع الصين

كيف يمكن لدول الخليج فرض نفسها كفاعل دولي في عالم متعدد الأقطاب؟