هآرتس: نظام السيسي يواجه اتهامات فساد غير مسبوقة

الاثنين 16 سبتمبر 2019 04:11 م

لا يسع المرء إلا أن يتساءل عن أي تغريدة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يمكن أن تنقذه من آخر زلة كارثية له خلال قمة مجموعة السبع التي تم عقدها الشهر الماضي في فرنسا.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن "ترامب" سؤاله "أين ديكتاتوري المفضل؟" عندما كان ينتظر اجتماعا مع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي". ولا يحمل هذا السؤال - على افتراض أنه قد تم طرحه في الواقع - أي تشكيك في أن "السيسي" و"ترامب" كانا صديقين مقربين لفترة طويلة.

بالنسبة لـ"ترامب" يمثل السيسي كلا الأمرين إذن: ديكتاتور مفضل، وصديق حميم. وبالطبع فإن "ترامب" محظوظ لأنه ليس مواطنا مصريا. ففي مصر، يتم القبض على الأشخاص ومحاكمتهم وسجنهم لقول مثل هذه الأشياء.

ولم ترد مصر رسميا على تصريحات "ترامب المزعومة" ربما لأنها كانت مشغولة على مدار الأسبوعين الماضيين بفضيحة أخرى.

فمنذ بضعة أيام، نشر رجل الأعمال والممثل والمخرج السينمائي "محمد علي" عدة مقاطع فيديو على حسابه على "فيسبوك" و"تويتر" اتهم فيها "السيسي" وأفراد عائلته والجيش بالفساد. 

لكن الأمر الجديد والمذهل هذه المرة هو أن "علي" قام للمرة الأولى بذكر أسماء الجنرالات المتورطين في الفساد، بمن فيهم اللواء "خالد فودة"، صهر "السيسي". ووفقا لـ "علي"، فقد حصل "فودة" على راتب ضخم للتقاعد من الجيش، ثم تم تعيينه محافظا للأقصر، براتب كبير آخر، ثم تم تعيينه محافظا لجنوب سيناء، مما منحه راتبا ثالثا.

وذكر "علي" لواءً آخر يُدعى "نعيم البدراوي"، الذي كان يقود "الهيئة الهندسية" في الجيش المصري. وعند تقاعده، تم تعيين "البدراوي" رئيسا تنفيذيا لمصنع للأسمنت في العريش، ثم رئيسا تنفيذيا لشركة "الصعيد" للمقاولات.

وكان "علي"، البالغ من العمر 45 عاما، ذات يوم متعاقدا من الباطن مع الجيش، ويدّعي أن الجيش لا يزال مدينا له بمبلغ يعادل 13.5 مليون دولار. واتهم "البدراوي" بأنه حصل على 1.5% من كل مشروع نفذته "الهيئة الهندسية". وأضاف أن الهيئة استثمرت مبالغ ضخمة من المال في بناء قصر جديد للرئيس المصري، ومنازل فاخرة لأفراد أسرة "السيسي".

وتم إغلاق حساب "علي" على "فيسبوك" سريعا، لكن العديد من المصريين كانوا قد تمكنوا بالفعل من تنزيل مقاطع الفيديو الخاصة به ونشرها عبر "يوتيوب"، ما أثار عاصفة من الاحتجاجات على الإنترنت. وفر "علي" وعائلته إلى إسبانيا، بسبب مخاوف مبررة من أنه سيتم القبض عليه أو إخفاؤه قسريا.

لكن قنبلة "محمد علي" العنقودية أدت وظيفتها بالفعل، ولم يعد بإمكان الحكومة أن تتجاهل شظاياها المميتة. وعلى عجل، عقد "السيسي" مؤتمرا وطنيا للشباب مطلع الأسبوع الحالي ناقش خلاله "الضرر الذي يحدثه نشر معلومات كاذبة على أمن البلاد".

وعقدت الدورة السابقة لمؤتمر الشباب، الذي يحضره عادة مجموعة مختارة بعناية من الشباب والسياسيين ورجال الأعمال، في يوليو/تموز. وكان من المفترض أن ينعقد المؤتمر مرة أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني. ولكن بسبب الغضب الذي تسببت فيه تصريحات "علي"، قرر "السيسي" تقديم هذا الاجتماع وعقده بعد 4 أيام من نشر مقاطع الفيديو.

وكتب ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، الذين فتحوا حسابا خاصا على "تويتر"، أطلقوا عليه "محمد علي فضحهم"، قبل مؤتمر السبت: "نريده فقط أن يرد على اتهامات محمد علي".

وطالبت مغردة تدعى "سلوى جمال" السيسي "بالإجابة على أسئلة علي، ووضع حد لهذه المؤتمرات التي تهدف إلى توجيه الشباب". وعقبت قائلة: "هناك حقائق وأدلة تعارض الأكاذيب والشائعات... لكن تبني مشروعاتك ومن الذين تخدمهم".

ويطالب الناشطون أيضا "السيسي" بالإفراج عمن يسمون بـ"معتقلي الأمل"، وبعضهم محتجز منذ 3 أشهر. وتم اعتقال الناشطين السياسيين، وعددهم 11، في يونيو/حزيران، بعد مشاركتهم في مؤتمر لأحزاب المعارضة. وكان الهدف من المؤتمر هو صياغة إطار سياسي جديد يسمى "تحالف الأمل"، يخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أواخر عام 2020.

وتم اتهام المعتقلين، كالعادة، بالتآمر لتدمير اقتصاد البلاد ومؤسساته ومساعدة منظمة إرهابية، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. وتعد هذه التهم خطيرة للغاية، ومن المحتمل أن تؤدي الإدانة بها إلى عقوبة السجن لفترة طويلة.

وكجزء من معركته ضد ناشطي "تحالف الأمل"، تم اعتقال نجل "مجدي شندي"، رئيس تحرير صحيفة "المشهد" الأسبوعية، البالغ من العمر 16 عاما. وتم اتهامه بنشر أكاذيب عن الحكومة. ويقول والده إن اعتقال الصبي كان يهدف إلى الضغط على "شندي" الأب لتسليم نفسه، لأن قوات الأمن فشلت في العثور عليه. وكانت السلطات قد أغلقت موقع الويب للصحيفة الأسبوعية في يناير/كانون الثاني لمدة 6 أشهر، وتم تغريم مالكيها 50 ألف جنيها مصريا.

ولا تهم هذه المعركة ضد ناشطي حقوق الإنسان إدارة "ترامب" إلى حد كبير. ففي الشهر الماضي، أخبر وزير الخارجية "مايك بومبيو" الكونغرس أن لأمريكا مصلحة حيوية في الحفاظ على علاقات جيدة مع مصر. وكانت هذه الشهادة ضرورية للكونغرس للموافقة على المساعدات السنوية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار. ودون ذلك، كان يتعين على الإدارة خفض أو تجميد ما لا يقل عن 300 مليون دولار حتى تنفذ مصر التزامها بالحد من انتهاكاتها للديمقراطية.

ولا جدال في أن مصر حليف أساسي للولايات المتحدة. لكن لسوء الحظ بالنسبة لمصر، فهي تفتقر إلى الموارد والقوة الاقتصادية الموجودة لدى المملكة العربية السعودية. ولا أحد يجرؤ على التكلم بصراحة عن حالة حقوق الإنسان في المملكة ولو على سبيل المثال. ولن نرى "ترامب" يدعو الملك السعودي "سلمان"، أو ابنه أبدا بلقب "ديكتاتوري المفضل".

المصدر | تسفي برئيل - هآرتس

  كلمات مفتاحية

ديكتاتور العلاقات المصرية الأمريكية مصر عبدالفتاح السيسي

هل أقر السيسي بصحة اتهامات محمد علي؟

باطل تدشن حملة لفضح الفساد في مصر

مصادر لا تستبعد إطاحة السيسي بوزير الدفاع محمد زكي

محمد علي يدعو السيسي للتنحي ويتوعده بخروج المصريين الجمعة

خاص: الكشف عن وقائع فساد بجهاز الأمن الوطني المصري