استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مصر .. هل صدق الربيع العربي وعده؟

الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 01:28 م

  • مشهد "20 سبتمبر" كان مشوبًا بشيء من الغموض!
  • الدافع الرئيس لخروج "اللامرئيين" أنهم يصدقون وعد "الربيع العربي".
  • نقلة مفاجئة لكثيرين فلا تنظيم هرميا ولا شبكيا رعى التحرّك ولا جماعة سياسية زعمت أنها حشدت أنصارها.
  • لم تُحصِ قواعد بيانات الأجهزة الأمنية "اللامرئيين" ولم ينجح الخطاب التحليلي السائد في حشرهم ضمن تصنيف.
  • مسلحون بـ"إدراك سياسي" واضح المعالم وإن لم يكن وعياً سياسياً مؤطّرًا وخروجهم يوم 20 سبتمبر ليس الأخير.
  • من خرج للتظاهر؟ ولماذا؟ سؤالان يتمحور حول "اللامرئيين" في الواقع المصري الذين يصدقون "وعد الربيع العربي".
  • كأن محمد علي وجد "راية الثورة" ملقاةً بقارعة الطريق فحملها، فاستحق أن يصدّقوه ويخرجوا اقتناعاً بـ"وعد الربيع العربي" وإن انتكس إلى حين.

*     *     *

في ساعات قليلة، كان هناك متظاهرون في أماكن عدة في مصر يهتفون، في مظاهراتٍ خالفت حتى ما بدا أنه اتفاق على النزول أمام المنازل من دون تجمّع في ميدان أو شارع رئيس. كانت النقلة مفاجئة لكثيرين، فلا تنظيم هرميا، ولا شبكيا، رعى التحرّك، ولا جماعة سياسية زعمت أنها قرّرت حشد جماهيرها.

من خرج للتظاهر؟ ولماذا؟ سؤالان تحمل الإجابة عنهما بذرة منطق تحليل سياسي جديد، من المتوقع أن تتبلور ملامحه لاحقاً، يتمحور حول "اللامرئيين" في الواقع السياسي المصري، هؤلاء الذين يصدقون "وعد الربيع العربي"، بعد ما شهدته موجتاه الأولى والثانية من خيباتٍ كبيرة، ونجاحاتٍ محدودة في تونس والسودان.

فالمؤكد أن مشهد "20 سبتمبر" كان مشوباً بشيء من الغموض، أي مشهد الخروج للتظاهر في مصر في اللحظة الراهنة، بكل ما فيها من عوامل تدفع إلى الخوف من القبضة الأمنية، والإحباط الناجم عن مآلات الثورات في مصر وسورية وعيرهما، والريبة في أن يكون الداعي المجهول، الممثل المقاول محمد علي، جزءاً من لعبةٍ ما تمسك خيوطها قوى مجهولة، أو "مجهولة معلومة".

استجابة من تظاهروا استجابة لدعوة هذا الداعي حالة تستحق الدراسة، فالرجل ليس سياسيا محترفا له جمهوره، ولا هو استعان بآلةٍ إعلاميةٍ كبيرةٍ تحمل خطابه الذي لا يتجاوز عمره ما يزيد قليلاً عن أسبوعين، لكنه على الأرجح بدا للمستجيبين شخصاً "طيباً" تبنّى طفلاً يتيماً من عائلة كريمة، وآواه بعد أن شردته الأقدار..

وكأنه وجد "راية الثورة" ملقاةً في عرض الطريق فحملها، فاستحق أن يصدّقوه، وأن يخرجوا اقتناعاً بصدق "وعد الربيع العربي"، وإن انتكس إلى حين.

وهؤلاء الذين لم يشر شيء في سماتهم الظاهرة، لا جيلياً، ولا رمزياً، ولا ما هتفوا به، إلى اصطفافٍ تحت راية أيديولوجية، أو سياسية بالمعنى البسيط المباشر للوصف.

هم الوقود الخام للتغيير، المستبشرون، المستعدّون للتضحية، القادرون على الوقوف في ميدانٍ تحيط به قوات فض الشغب، في وحدة مصير (قد يكون الموت) مع أناس غرباء، استجابةً لدعوة شخصٍ هو، في النهاية، غريب عنهم.

وهنا تقف مقولات: "الطبقة" و"وعي الطبقة" و"الالتزام التنظيمي" و"المصالح".. عاجزة عن التفسير وقاصرة عن إجابة السؤالين أعلاه.

السمات التي غابت عن أن تتوفر في هؤلاء، ربما كانت من أسباب قلة الأعداد، وقلة الخبرة في التعامل مع المطاردة والكر والفر، وخبرات التصرّف بمواجهة قنابل الغاز، وخلو الذهن من تصوّر، حتى لو كان ساذجاً، للممكنات المرحلية وأساليب التصعيد، أو حتى وسائل استنزاف طاقة الخصم أو تشتيته.

وهؤلاء مركبٌ يحتاج إلى من يستكشف حقيقته، من دون تصوّرات مسبقة، وقد يكون من المقطوع به أنهم ساخطون لم يصلوا إلى مرحلة اليأس، ومتفائلون لم يصلوا إلى مرحلة الثقة المفرطة بالنفس، وحالمون لا يخافون "الغرباء" خوفاً مرضياً.

ولذا كانوا قادرين على الذهاب بعيداً، متجاوزين ما طمح إليه صاحب الدعوة، وهو كان حتى قبل أسبوعين ممثلا لا نصيب له من نجومية الفن الطاغية، ولا رصيد له، قبل هذا الوقت القصير، من التجربة السياسية.

لم تُحصِ قواعد بيانات الأجهزة الأمنية هؤلاء "اللامرئيين"، ولم ينجح الخطاب التحليلي السائد في حشرهم ضمن معاييره التصنيفية، وهم مسلحون بـ"إدراك سياسي" واضح المعالم، وإن لم يرق إلى أن يكون وعياً سياسياً مؤطّراً بالصورة الكلاسيكية، وخروجهم يوم 20 سبتمبر، على الأرجح، ليس الأخير. وملامحهم تبدو كما لو كانت صورًا في مرآة قول الشاعر أمل دنقل:

اذكريني إذا نسِيَتْني

شهود العيان

ومضبطة البرلمان

وقائمة التُهم المعلنة!

كان الدافع الرئيس لخروجهم أنهم يصدقون وعد "الربيع العربي".

  • ممدوح الشيخ - كاتب وباحث مصري

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية