بعد تردد طويل، أعلنت رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" فتح تحقيق رسمي بهدف بدء إجراءات سحب الثقة وعزل الرئيس "دونالد ترامب" بتهمة انتهاك الدستور، لكن ذلك الإعلان طرح تساؤلات حول إجراءات وفرص عزل "ترامب" فعلا.

تتمثل الاتهامات الموجهة لـ"ترامب" فى سعيه الحصول على مساعدة دولة أجنبية، أوكرانيا، لإيذاء خصمه الديمقراطى "جو بايدن"، النائب السابق للرئيس "باراك أوباما"، الذى يخوض سباقا للحصول على بطاقة الترشيح عن الحزب الديمقراطي.

تعتبر الفرص المتزايدة لـ"بايدن" تهديدا لـ"ترامب"، وتفتح الباب لإمكانية إزاحته، ولذلك يقول خصومه إنه سعى للضغط على أوكرانيا، عبر مكالمة هاتفية مسجلة مع رئيسها، لفتح تحقيقات بتهم فساد ضد ابن "بايدن" (هنتر)، بغرض التأثير على شعبيته.

خيانة وانتهاك

تقول "بيلوسى" إن "تصرفات ترامب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه وخيانته لأمننا القومى وخيانته لنزاهة انتخاباتنا"، وأضافت: "لذلك، أعلن اليوم أن مجلس النواب يفتح تحقيقا رسميا لعزل الرئيس".

وكان "ترامب" أعلن فى وقت سابق الثلاثاء أنه سمح بنشر فحوى المحادثة الهاتفية التي أجراها مع نظيره الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" والتي يتهمه خصومه الديمقراطيين بأنه ارتكب خلالها تجاوزات يمكن إذا ثبتت أن تؤدي لبدء إجراءات في الكونغرس لعزله.

ينفي "ترامب" بشدة أن يكون قد ضغط على نظيره الأوكراني لفتح تحقيق بشأن نجل "بايدن" مقابل تقديم مساعدة عسكرية أمريكية لأوكرانيا.

في الواقع، لا تحتوي نصوص المكالمة المنشورة حتى الآن تهديدا أو ابتزازا صريحا من الرئيس الأمريكي لنظيره الأوكراني حول المساعدات الأمريكية العسكرية، لكن "ترامب" ذكر "زيلينسكي" بأن واشنطن كانت "جيدة للغاية" مع أوكرانيا، وهو ما يعتبره الديمقراطيون ربطا بين المساعدات وطلب فتح تحقيق جديد.

إجراءات وإمكانية

وفقا للدستور الأمريكي، يمتلك مجلس النواب وحده سلطة بدء عملية إقالة الرئيس، لكن مجلس الشيوخ فى هذه الحالة يقوم بالوظيفة الأهم، لأنه يعمل كهيئة محلفين وقاض في الوقت ذاته، ويكون له القرار النهائي بالموافقة أو رفض إقالة الرئيس.

يعني ذلك أن إجراءات عزل "ترامب" يجب أن تبدأ من النواب الذى يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية 235 عضوا مقابل 200 للجمهوريين.

لكن هذه الإجراءات لا تنتهي إلا بموافقة مجلس الشيوخ ذى الأغلبية الجمهورية المتمثلة فى 53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين.

ولا تمر إجراءات العزل إلى بأغلبية الثلثين أي 66 عضوا، وهو ما يصعب تصوره حتى الآن إلا إذا حدثت مفاجآت من العيار الثقيل تسمح بانضمام ما يقرب من 20 نائبا جمهوريا إلى الديمقراطيين في إقرار إجراءات العزل.

من يربح؟

من غير المتوقع أن تنجح "بيلوسي"، زعيمة مجلس النواب الأمريكي، في الإطاحة بـ"ترامب"، فالبدء في التحقيقات لا يعني أن حظوظ عملية عزل الرئيس كبيرة، حتى لو جرى توجيه التهم له رسميا، لأن العزل يتطلّب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذي يتمتّع فيه الجمهوريون بالأغلبية.

وتنقسم آراء الخبراء إزاء تلك الإجراءات، فبينما يقول البعض إن "ترامب" سيخرج منتصرا، وإن إجراءات العزل حال فشلها فستظهره في مظهر الضحية الذي يحبه، وسيظل يردد أنه ضحية كراهية الديمقراطيين له.

لكن آخرين يقولون إن "ترامب سيخرج ضعيفا في جميع الأحوال"، خاصة أن هذه الفضيحة تأتي قبل 14 شهرا من انتخابات الرئاسة الأمريكية التي يأمل الفوز فيها بولاية ثانية.