استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أسعار النفط والأثر المُرْتَد لهجمات أبقيق

الجمعة 27 سبتمبر 2019 10:08 م

أسعار النفط والأثر المُرْتَد لهجمات أبقيق

توقعات هدوء أسعار النفط ستبقى أسيرة بمحاولات الاحتواء والاحتواء المتبادل من الدول الأخرى.

بفعل هجمات أبقيق التي تبنّاها الحوثي ارتفعت أسعار النفط أكثر مما كانت تريد السعودية وليس بهذه الطريقة.

المتوقع أن تميل الأسواق العالمية للاستقرار شهرا لأن أسعار الفوائد الأميركية خفضت بربع نقطة مئوية وستخفض ثانية نهاية العام.

*     *     *

الأبوريجينيون Aborigines أو سكان أستراليا الأصليين، عندهم وسيلة صيد يسمونها "البوميرانغ"، وهي قطعة خشب مسطحة ومنحنية بطريقةٍ تجعلها، بعد قذفها في الهواء، ترتد إلى صاحبها وتعود إليه.

وهكذا كانوا يصيدون الطيور خصوصا، ولا تكبدهم فقدان السلاح الذي استعملوه في الصيد.

لكن علماء السياسة والاجتماع يستخدمون المصطلح بعد إضافة كلمة أثر أو "effect"، فيصبح المصطلح باللغة الإنكليزية هو Boomerang effect، أو الأثر المرتد بالعربية، ويعني تحديداً، في مفهوم علوم السياسة والاجتماع، أن تسعى إلى معالجة ظاهرة بهدف احتوائها فترتد على حاملها بنتيجة معاكسة لما كان يقصده.

وقد برزت هذه الظاهرة بشكل قوي إبّان الربيع العربي، حيث جاءت وسائل الاحتواء للتظاهرات التي جابت شوارع تونس ومدنها بعكس ما قُصِد منها، وسقط نظام حكم زين العابدين بن علي.

وحصل الأمر نفسه في مصر، وانتهى بنهاية حكم الرئيس حسني مبارك. وقس على ذلك في ليبيا واليمن، حيث سقط نظاما معمر القذافي وعلي عبدالله صالح على التوالي.

والطريف أن الناطق العسكري السعودي الذي شرح آثار الهجوم على منشأتي نفط لشركة أرامكو للصحافيين أكد لهم أن الأسلحة فيها مدخلات إيرانية كثيرة، وأن صاروخ "يا علي"، الذي لم ينفجر كان أكبر دليل.

وذكّرنا بأدبيات عام 1967 عندما قال بعضهم مازحاً إننا توقعنا أن تأتينا إسرائيل من الغرب والشمال، ولكنها أتت من الجنوب والشرق، وذلك عندما صرّح أن الطائرة المسيّرة أتت من الشمال، بينما كانت الجهات العسكرية السعودية تتوقع إن حصل هذا الهجوم أن يأتي من الجنوب.

لكن التصريح الأكثر لفتاً للنظر كان القول إن التدخل الإيراني، حسب رأي الناطق العسكري السعودي، يعتبر اعتداء على العالم كله، لأنه هبط بإنتاج النفط، وأدى إلى رفع الأسعار.

فإذا كان هذا هو المبرّر لاعتبار الهجوم عملاً عسكرياً ضد أمن العالم، فإن أي محاولةٍ لرفع أسعار النفط عن طريق تقليل الإنتاج يمكن اعتبارها، قياساً على ذلك، عملاً حربياً ضد العالم بأسره.

وقد سعى التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية إلى إقصاء الحوثيين الذين استولوا على صنعاء العاصمة ومدن مهمة في الشطر الشمالي من اليمن، ولكن الرياح لم تجرِ بما تشتهيه المملكة العربية السعودية.

وجاء الهجوم على مرافق نفطية في إبقيق وهجرة خريص دليلاً واضحاً على عدم نجاعة المحاولات لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاع أزمة الحوثي.

ومما يلفت النظر أن المملكة كانت تسعى، عبر وزير نفطها الجديد، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إلى تقليل الإنتاج كي ترتفع أسعار النفط، وهو أمر كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يعارضه بشدة، كما كان يتهم رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي بالسعي لتدمير الاقتصاد الأميركي لإصراره على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة.

وبعد هجمات الجمعة، 13 سبتمبر/ أيلول الجاري، على أبقيق وخريص رأينا أسعار النفط ترتفع بنسبة 20%، قبل أن تهدأ وتعود إلى 15%. ولمّا فتحت الأسواق الآسيوية صباح الإثنين، أو مساء الأحد في نيويورك، انخفضت الأسعار دون 64 دولاراً لبرميل مزيج برنت.

وتسمّى ظاهرة ردة الفعل الأولى overshooting، أو ظاهرة رقاص (بندول) الساعة Pendulum effect. لكن حركة البندول تعود إلى التباطؤ.

وبفعل الهجوم الذي تبنّته حركة الحوثي، ارتفعت الأسعار إلى أكثر مما كانت تريد المملكة العربية السعودية، ولكن ليس بهذه الطريقة.

أما الأسواق العالمية، فالمتوقع أن تميل إلى الاستقرار مدة شهر، لأن أسعار الفوائد الأميركية خفضت بربع نقطة مئوية، وسوف تخفض مرة ثانية في نهاية العام الحالي.

وكذلك، فإن مفاجآت النفط سوف تقل، وإذا عادت المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ونجح رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن انسحاب بلاده (بريكست).

ومن الواضح أن توقعات هدوء أسعار النفط ستبقى أسيرة بمحاولات الاحتواء والاحتواء المتبادل من الدول الأخرى. وإذا استمر الحال على هذا المنوال، سنرى أسواقاً صاعدة هابطة، من دون أن يدري أحد كيف يتعامل معها أو بأي اتجاه تشير أسهمها.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

توقعات باستقرار أسعار النفط خلال 2019 رغم أحداث الشرق الأوسط