استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن «الأصدقاء الثلاثة»

الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 10:12 م

عن «الأصدقاء الثلاثة»

جميعهم من مدرسة واحدة: يمين شعبوي متطرف وجميعهم «قوميون متعصبون».

الديمقراطية قد تأتي بنقيضها، وفي أقل تقدير، لا تأتي بالأفضل بالضرورة ودائمًا.

رئيس يجلس منذ انتخابه في «منطقة رمادية» بين «اتهام ذي صدقية» و»براءة لعدم كفاية الأدلة».

ثلاثتهم يخوضون اختبار "ديمقراطية تصحح نفسها" وهم في خضم منظومة ضوابط وتوازنات قد تعصف بهم قريبا وبالتزامن.

مقارباتهم لأزمات المنطقة متقاربة شعبويون معادون لـ"المؤسسة" و"المؤسسية" خطرون على الديمقراطية ببلادهم والعالم.

ترامب يتحدث عن «أمريكا العظمى ثانية» ونتنياهو يرفع لواء «إسرائيل الكبرى» وجونسون يريد إخراج «بريطانيا العظمى» من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن.

*     *     *

عن دونالد ترامب وبوريس جونسون وبنيامين نتنياهو أتحدث.

الأول؛ مُلاحق بقضايا سوء استخدام الوظيفة، وخيانة الأمانة، والاستعانة بزعماء دول أجنبية في حملتيه الانتخابيتين: الأولى «روسيا – غيت»، والثانية: «أوكرانيا - غيت». فضائحه النسائية تزكم الأنوف، وسجله الشخصي والعملي، لا يدعو للفخر أبداً.

رئيس يجلس منذ انتخابه في «منطقة رمادية» بين «اتهام ذي صدقية» و»براءة لعدم كفاية الأدلة». حالة نادرة في تاريخ الرئاسات الأمريكية، تنهض شاهدًا على أن الديمقراطية قد تأتي بنقيضها، وفي أقل تقدير، لا تأتي بالأفضل بالضرورة ودائماً.

الثاني؛ لا يوحي بالتوازن والاتزان، قبل أيام اجتمع الحي الذي يقطن فيه على صوت شجار بينه وبين صديقته، الجيران أبلغوا عمّا يمكن أن يكون «عنفاً ضد النساء». جاءت الشرطة وتبين عدم وجود قضية. شجار صاخب لا أكثر.

لاحقاً، بدأ الرجل يتعرض لملاحقات تحقيقية وقضائية، هذه المرة أيضاً، كانت المرأة حاضرة، صديقة له حصلت على أموال دافعي الضرائب البريطانيين من غير وجه، لمجرد أنها مقربة من عمدة لندن في حينه. القضاء سيفصل في الأمر، والقضاء البريطاني أثبت أنه ليس كأي قضاء آخر.

الثالث؛ ملك إسرائيل، الرجل الذي زاحم ديفيد بن غوريون على لقب «أطول رئاسة للحكومة». مشهور بالمراوغة والخداع وعدم احترام التزامات. في حكومته الأولى، اشتهر بـ»الكذاب»، فهو يكذب كما يتنفس، في هذا لا فرق بينه وبين ترامب.

لم يتردد يوماً في الاحتيال على حلفائه وخصومه. مصالحه الشخصية فوق كل اعتبار، وهو مستعد أن يخوض حرباً إن كانت نتيجتها بقاءه في السلطة. مطارد بتهم جنائية عدة، منها استغلال السلطة، والفساد المالي والإداري، يدفع فواتير جموح «السيدة الأولى» للعيش الباذخ حتى وإن كان على حساب المال العام.

اثنان من الثلاثة، مهددان بالسجن، ترامب ونتنياهو، لا ندري ما هي عقوبة الاتهامات الموجهة لجونسون إن ثبتت إدانته. وهذان الاثنان يبدو أن لا خيار لدى أي منهما سوى البقاء على مقعد الرئاسة أو الانتقال إلى زنزانة شديدة الحراسة.

الثلاثة تجمعهم صداقة عميقة، وقد تبادلوا الدعم في الانتخابات، وسجل كل واحد منهم، اشادات لا تحصى بحق الآخر، ويرى كل واحد في الاثنين الآخرين، مشروع حليف، ومصلحة عليا لبلده ولعلاقاتهم الثنائية. جميعهم من مدرسة واحدة: اليمين الشعوبي المتطرف، وجميعهم «قوميون متعصبون».

ترامب يتحدث عن «أمريكا العظمى ثانية». نتنياهو يرفع لواء «إسرائيل الكبرى». وجونسون يريد أن يخرج بـ«بريطانيا العظمى» من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن، باتفاق أو من دونه، ففي خروجها تكمن عظمة بريطانيا، وتستعيد الإمبراطورية التي كانت الشمس لا تغيب عنها ذات يوم، هيبتها ومكانتها بين الأمم، وتحفظ نقاءها وخلاصها من طوفان الأجانب واللاجئين.

الثلاثة من أنصار مدرسة يمينية انغلاقية، لا يحترمون الاتفاقات والمعاهدات المبرمة، لا يقيمون وزناً للشرعية الدولية والقانون الدولي. ثلاثتهم مهجوسون بتجارة السلاح وجني المليارات، حتى وإن كان ذلك على حساب شعوب مستضعفة، وملايين الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.

هم أصدقاء، يعاضد بعضهم بعضا. مقارباتهم من مختلف ملفات المنطقة وأزماتها متقاربة، من فلسطين إلى إيران، ومن سوريا إلى اليمن. شعبويون معادون لـ"المؤسسة" و"المؤسسية"، خطرون على الديمقراطية في بلدانهم والعالم.

ترامب مزق كل التراث الرئاسي الأمريكي، وجونسون خدع الملكة وورطها بقرار تعليق عمل البرلمان ونتنياهو عدو للمحكمة العليا ومراقب الدولة والسلطة القضائية.

لغتهم تحريضية. ترامب تحدث بعنصرية فجة عن السود واللاتينيين والعرب والمسلمين. نتنياهو يصف نواب الكنيست العرب بالأعداء، ولا يكف عن استهداف عرب 48 والتعريض بهم والتحريض عليهم.

جونسون حذر أعضاء مجلس العموم من مواجهة خطر القتل إن استمروا في مواقفهم من مسألة «البريكست»، ما استدعى ثورة غضب داخل مجلس العموم وخارجه. ثلاثتهم مخرجات بغيضة لأفضل نظام سياسي توصلت إليه البشرية: النظام الديمقراطي.

لكن ثلاثتهم في المقابل، استولدوا مقاومة ضارية من الشعب والمجتمع المدني والاعلام ومؤسسات الرقابة والمحاسبة والقضاء.

ثلاثتهم يخوضون اختبار «الديمقراطية التي تصحح نفسها بنفسها»، وقد وجدوا أنفسهم في خضم منظومة «ضوابط وتوازنات» Checks and Balances التي قد تعصف بهم، وقد تعصف بهم قريباً، وربما في توقيت متزامن أو متقارب.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية