العملية التركية في شمال سوريا: هل نضجت الصفقة؟

الأربعاء 9 أكتوبر 2019 07:27 ص

العملية التركية في شمال سوريا: هل نضجت الصفقة؟

هل نضجت الصفقة بين واشنطن وأنقرة والقوى الفاعلة على حساب الفصائل المسلحة الكردية كما تكرر في الماضي؟

من المنطقي ترجيح صفقة بين واشنطن وأنقرة تم الاتفاق عليها خلال مكالمة أردوغان وترامب الهاتفية.

الهدف الأكبر من العملية أوضحه اردوغان مرارا حول إخراج المسلحين الأكراد من مناطق متفاوتة العمق بالشمال السوري.

*     *     *

كانت مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتناقضة إزاء إعلان أنقرة أنها أنهت الاستعدادات لعملية عسكرية في شرق سوريا، بمثابة خلاصة لحال التذبذب التي تعيشها الاستراتيجية الأمريكية في سوريا من جهة أولى، وكذلك من حيث تقدير العلاقة مع تركيا إجمالاً وبخصوص السياسات التركية في الملف السوري من جهة ثانية.

ففي تغريدة أولى أعلن ترامب أن الولايات المتحدة قد تكون «في طور مغادرة سوريا»، ولكن الإدارة لم تتخل «بأي شكل من الأشكال عن الأكراد المميزين».

وقال في المقابل إن تركيا «شريك تجاري كبير» للولايات المتحدة، والأتراك «يقومون بتصنيع الإطار الهيكلي الفولاذي للمقاتلة الأمريكية إف-35»، كما أن «التعامل معهم كان جيداً».

وأما على الأرض، وفي أعقاب مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن ترامب عن قراره بسحب 100 ـ 150 جندياً أمريكياً من المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا، وسط ذهول البنتاغون وعلى نقيض ما سبق أن أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية.

وحتى هذه الساعة لا يبدو واضحاً أن أنقرة تمارس لعبة تهديد كلامية فقط، لأن الاستعدادات العسكرية الميدانية بدأت منذ أسابيع وهي تجري اليوم على قدم وساق، والبرلمان التركي لن يتردد في منح الحكومة التخويل اللازم للبدء في عملية واسعة النطاق شمال سوريا.

صحيح أن الأهداف المعلنة للعملية تشير إلى ضرورة إقامة منطقة آمنة أو «ممر يساهم في الاستقرار والسلام في المنطقة»، و«يمكِّن السوريين من العيش في أجواء كريمة» كما قال بيان وزارة الدفاع التركية.

إلا أن الهدف الأكبر من وراء العملية هو ذاك الذي أوضحه اردوغان مراراً وتكراراً حول إخراج المسلحين الأكراد من مناطق متفاوتة العمق داخل الشمال السوري.

ومن هنا قد يكون من المنطقي ترجيح صفقة تفاهم بين واشنطن وأنقرة تم الاتفاق عليها خلال المكالمة الهاتفية التي جمعت أردوغان وترامب.

وأن الخاسر الأول سوف تكون القوى الكردية التي تحالفت مع البنتاغون شرق الفرات، وراهنت عن خطأ على أن واشنطن سوف تمنع هذه العملية وتفرض حماية صريحة للمسلحين الأكراد في وجه الجيش التركي.

وكما جرت العادة، أنصت الأكراد إلى تصريحات وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر خلال زيارته إلى أنقرة قبل أسابيع قليلة فقط، وصدقوا ما قاله حول إصرار واشنطن على منع أي توغل عسكري تركي داخل الأراضي السورية ومناطق انتشار المجموعات الكردية المسلحة.

ومن جانب آخر لا تتوفر مؤشرات واضحة أو كافية حول فاعلية بيانات الاعتراض والقلق التي صدرت عن إيران أو روسيا أو حتى بريطانيا، إذ يصعب الافتراض أن أنقرة لم تُنضج خيار التدخل على نار هادئة اقتضت مراحل من التشاور مع البيت الأبيض، وبالتالي فإنّ تغطية العملية لا تقتصر على التأمين الدبلوماسي وحده بل قد تشمل أيضاً مستويات مختلفة من التنسيق اللوجستي.

ومما يثير الدهشة أن روسيا أبدت استغراباً مزدوجاً إزاء إعلان ترامب سحب عشرات الجنود الأمريكيين من شمال سوريا وإعلان تركيا بدء الاستعدادات للعملية العسكرية، مقابل ادعاء المسؤولين الروس عدم معرفة الكرملين المسبقة بالتطورين معاً.

والسؤال البسيط والحاسم هو التالي: هل نضجت الصفقة، أخيراً، بين واشنطن وأنقرة والقوى الفاعلة المختلفة، على حساب الفصائل المسلحة الكردية، وكما تكرر مراراً في الماضي؟

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

سيناتور أمريكي: غزو شمال سوريا سيدمر علاقة أنقرة الهشة بواشنطن

أبوالغيط يؤكد رفض الجامعة العربية للتوغل التركي في سوريا