فوضى حقن الفيلر في الإمارات.. تشوهات بالجملة

الجمعة 25 أكتوبر 2019 08:23 م

كشفت الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، وهي منظمة معنية بتثقيف المرضى وسلامتهم، أن أكثر من 8.5 مليون شخص حول العالم أقبلوا على حقن الفيلر والبوتكس في عام 2016.

وفي الإمارات وحدها، بحسب الجمعية، أجرى نحو 3.18 مليون رجل وامرأة عمليات حقن "فيلر وبوتكس" خلال عام 2011، وهي العمليات التي تتصدر قائمة الاجراءات التجميلية التي تجرى في البلاد بنسبة 70%.

ولا يعرف عدد المراهقين الذين يخضعون لهذا الإجراء لأنها غالبا تجرى بعيدا عن المشافي المرخصة.

وبالرغم من أن القواعد المعمول بها في الإمارات، تنص على ضرورة الحصول على موافقة الوالدين كشرط مسبق لأي إجراء تجميلي لمن هم دون سن الـ 18 عاما، فإن هذه القاعدة ليست بالصرامة الكافية.

وقالت "ماسة" (20 عاما)، والمقيمة بالإمارات، إنها لم تر أي طبيب في السابق يرفض حقنها هي أو أي من زملائها رغم صغر سنهم.

وأضافت: "بدأت إجراءات حقن مادة الفيلر عندما كنت في السابعة عشرة من عمري".

وأوضحت أنها تواظب على زيارة طبيب التجميل كل 6 أشهر لتعبئة شفتيها "فالكل هالحين صارت شفافه كبيرة"، كما تهتم ايضا بملء ما حول الفم وأسفل العينين.

و"ماسة" ليست حالة استثنائية، إذ انضم مراهقون ومراهقات أصغر منها عمرا، أحيانا في عمر الـ 12 عاما، إلى عالم الهوس بحقن "الفيلر".

وبحسب "ماسة"، فإن الأمر يمكن أن يبقى سرا "لا أضطر أحيانا لإخبار أهلي، فمصروفي الشخصي يمكن أن يفي بالغرض" .

وتغري سهولة الإجراء وقصر المدة التي يستغرقها -الحقن يستمر لـ 10 دقائق أحيانا- الملايين حول العالم بالإقبال عليها.

  • عواقب وخيمة

من جانبه، قال أخصائي الجراحة التجميلية الدكتور "شادي جابر"، إن الخطورة تكمن في أن هؤلاء المراهقين لم يكتمل نمو عظامهم ولا الأنسجة الرخوية بين الجلد لديهم، وبالرغم من أنه لا يوجد عمر محدد للإقبال على حقن "الفيلر" و"البوتكس"، فإن التدخل التجميلي المبكر قد "لا يكون في صالحهم".

وأضافت أن صغار السن يريدون بالأساس مجاراة ما يتابعونه على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يتعذر على الأطباء القيام به، فالأمر هنا "لا يمكن تحقيقه إلا ببرامج تعديل الصور".

تقول "سارة" - وهذا اسم مستعار لها - ذات الـ 30 عاما، إنها أقبلت على حقن "الفيلر" عندما كانت في الرابعة و العشرين من عمرها.

وكانت حين ذاك لا تزال تدرس في الجامعة؛ ما جعلها غير قادرة على تحمل تكاليف الذهاب للطبيب، والذي كان في ذلك الوقت يتقاضى حوالي 40 ألف درهم، أي ما يعادل نحو 11 ألف دولار أمريكي.

وكان التعامل مع السيدات "الفلبينيات"منتشرا بين الفتيات في الجامعة، بحسب سارة؛ لأنهن يتقاضين أموالا أقل (5 آلاف درهم، أي ما يعادل نحو 1400 دولار أمريكي).

بالإضافة إلى ذلك، يستمر تأثير المادة التي يحقنها السيدات الفلبينيات لأكثر من 6 أشهر، وهو ما يعطيهن ميزة إضافية.

أما الميزة الأهم فهي "الحفاظ على السرية"، إذ لا حاجة للذهاب إلى الطبيب ولا البقاء في المستشفى ولا "لإخبار أي شخص حتى المقربين".

  • مادة مجهولة

وتقول "سارة" إنها طلبت من "جوسي" -السيدة الفلبينية التي اشتهرت بحقن "الفيلر" قبل ترحيلها لاحقا من البلاد- أن تطلعها على اسم المادة قبل حقنها، إلا أن الأخيرة رفضت تماما وتراجعت عن الموافقة على حقن "سارة"، بل وأغلقت هاتفها تهربا من "الزبونة المشكوك فيها".

وبعد تدخل وسطاء من زميلاتها في الجامعة، بحسب "سارة"، قبلت "جوسي" القدوم إلى منزلها لحقنها.

تقول "سارة" إن "جوسي" أخرجت المادة من علبة معدنية تشبه العلب المستخدمة في المطبخ، وحقنتها بنحو 200 مللتر من المادة غير المعروفة في مؤخرتها.

الإجراء استغرق ساعتين، حيث أصيبت سارة بهبوط في الضغط الدموي، وقالت لها "جوسي" "إنه أمر عادي"، وأعطتها قطعة من الشوكولاته قبل أن تعود لتكمل المهمة.

في البداية كانت "سارة" سعيدة بالنتيجة وأخفت عن الجميع كيف توصلت إليها.

إلا أنه بعد سبع سنوات، ظهرت آثار المادة على مؤخرتها التي باتت تعانى الآن من كتل صلبة يصل حجمها إلى حجم البرتقالة تقريبا.

تلك الكتل تجعل من الأنشطة العادية كالجلوس والمشي وممارسة الرياضة وصعود الدرج أو هبوطه أمرا مؤلما للغاية.

ويضاعف من حجم الألم بحسب "سارة"، دوامة الصمت التي تعيش فيها، إذ لا يمكنها البوح لعائلتها بما أقدمت عليه، كما أن الأطباء يرفضون التعامل مع حالتها وحالات أخرى على المنوال ذاته.

وتقول: "يؤكد أطباء التجميل أنه في مثل هذه الحالات، ينبغي التوجه إلى طبيب الجراحة، بينما يقول أطباء الجراحة أن هذا من اختصاص أطباء التجميل، وكلاهما يخشي أي تدخل جراحي قد لا تحمد عقباه".

أما "رويدا" وهي سورية مقيمة في الإمارات تبلغ من العمر 50 عاما، فتقول إنها استهانت بعواقب العملية، فهي "لا تتعدى كونها حقنتين لا أكثر"، وقررت الاستعانة بإحدى "صاحبات الشنطة" لحقن وجهها من أجل "نفخه" وتعبئة الأجزاء النحيفة منه.

وأضافت أن القرار الذي لم يستغرق دقائق وكانت نتيجته مرضية في الحال، قد أسفر عن "كارثة" لم تستطع التخلص منها منذ أكثر من عامين.

فبعد الحقن بأربعة أشهر فوجئت بتورم شديد في وجهها، واضطرت للذهاب إلى الأطباء بشكل متكرر خلال العامين الماضيين للتخلص من المادة غير المعروفة.

وعبثا حاولت "رويدا" خلال هذين العامين التواصل مع السيدة التي حقنت المادة لها للتعرف على ماهية المادة، الأمر الذي قد يساعد الأطباء على التعامل معها بشكل أفضل.

وتقول "رويدا" إن تورم وجهها بشكل متكرر يجعلها محرجة من الخروج من المنزل أو الذهاب للعمل.

  • ما هو الفيلر؟

"الفيلر"، بحسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، مادة تستخلص من مواد طبيعية ذات أصل حيواني كالأبقار والديكة، وبضعها من مواد كيميائية مستخلصة من أسطح البكتيريا وأخرى من الدهون الذاتية من جسم الشخص نفسه.

وتحقن تحت الجلد لتعبئة الفراغات بهدف تكبير حجم منطقة معينة أو إخفاء التجاعيد الناتجة عن التقدم في العمر، وهي مادة مؤقتة يتم حقنها بشكل متكرر حسب نوعها ومكان حقنها في الجسم.

تقول "رويدا" إنها لم تهتم بالبحث عن ماهية "الفيلر " أو مخاطره قبل الإقدام على الحقن، فالأمر لا يتعلق إلا بحقنة بحسب رأيها.

أما "سارة" فتقول إنها قرأت عن "الفيلر" لكن بعد عملية الحقن، وقبل ذلك كانت أصغر من أن تدرك العواقب، كما أن "جوسي" خدعتها ولم تبلغها أن المادة التي حقنتها بها كانت مادة "دائمة المفعول".

لكن "ماسة"، تقول إنها غير مهتمة على الإطلاق بالبحث عن مكونات الفيلر أو مضاره و لا تهتم إلا بالنتيجة.

وتتفق "هبة" البالغة من العمر 27 عاما، والتي حقنت شفتيها قبل 8 أعوام، مع "ماسة" في الاهتمام بالنتائج فقط.

"هبة" تعاني من تورم في شفتيها بسبب المادة غير المعروفة التي استخدمت لحقنها، قائلة إنها ذهبت "إلى دلال الجزائرية لأن صديقتي حقنت شفتيها عندها وكانت النتيجة رائعة، لم أكن أدري أنه بعد مرور سنوات سينتهى بي الحال إلى تورم دائم في شفتّي من الداخل".

وأضافت "هبة"، أنها "بعد التفاوض عبر الهاتف مع دلال ذهبت إلى منزلها في الشارقة، وهناك أدخلتها إلى غرفة نوم عادية بينما كان أولادها يلعبون في الخارج، وأخرجت المادة من خزانة الملابس الخاصة بها ثم حقنتها".

وتقول إن الخزانة كانت ممتلئة بمادة في علب بلاستيكية عادية لا تحمل اسما ولا تاريخ صلاحية ولا أي بيانات.

ومنذ سنوات تشعر "هبة" بألم دائم عند الكلام والأكل أو "وضع أحمر الشفاه"، وكلما توجهت لطبيب يسأل عن المادة التي تم حقنها، فتعود للاتصال بـ"دلال" التي تغير رقم هاتفها وعنوانها بشكل متكرر ولا تجيب أبدا عن اسم المادة التي تستخدمها.

  • للرجال نصيب

يعاني "علي" (27 عاما) من إحمرار و تورم مستمر في الوجه بسبب الفيلر، بالرغم من أنه توجه لطبيب متخصص وقام بالبحث عن مضار حقن "البلازما الغنية بالصفائح الدموية" والمعروفة اختصارا بالبلازما في الوجه، إلا أنه لم يتأكد من طبيعة المادة التي استخدمها الطبيب؛ الأمر الذي انتهى به إلى آلام كتلك التي تعانيها "هبة" و"رويدا" و"سارة".

ويقول "علي" إنه بدأ حقن "البوتكس" في الوجه عندما كان عمره 18 عاما، وذلك للحفاظ على نضارة بشرته إذ تتعرض للشمس والإرهاق طوال الوقت، كما يحافظ "البوتكس" على البشرة على المدى الطويل ومع تقدم العمر.

ويضيف أن هذه الثقة في الطبيب الذي اعتاد التعامل معه لحقن "البوتكس" ثلاث مرات قبل هذه المرة، جعلته لا يسأل عن طبيعة المادة التي حقنها في المرة الرابعة، والتي لم تكن بلازما كما طلب وإنما "فيلر دائم".

و"البلازما" هي واحدة من مكونات دم الإنسان يتم حقنها تحت الجلد وتحتوي على الفيتامينات والمعادن، وتعمل على تحفيز البشرة وما تحتها لإنتاج الكولاجين لاستعادة نضارة الوجه.

ورغم مرور 9 سنوات، لا يزال يعاني "علي" من بقع حمراء مزمنة اشبه بالحروق في الوجه.

  • دروس عبر اليوتيوب

إلى جانب غير المتخصصين، تقول "ماسة" إن هناك خيارا آخرا انتشر بين زميلاتها في الجامعة وهو الحقن الذاتي، إذ انتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي و"انستغرام" تحديدا "مجموعة من المقاطع المصورة التي توضح كيف يمكن أن يحقن الشخص نفسه بـ "الفيلر".

ومواد الحقن نفسها متاحة عبر الإنترنت ويمكن شراؤها بأسعار زهيدة.

وتقول "ماسة": "فكرت في حقن نفسي لكن الأمر الوحيد الذى منعني هو الخوف على شكلي النهائي وليس الخوف من المخاطر الصحية، فالطبيب يعرف أين يحقن؟ والكمية التي يجب حقنها في كل جهة ليبقى الشكل النهائي متناسقا".

ووفقا لإحصاءات غير رسمية، أُنفق على التجميل بما يشمله من إجراءات وجراحات ومستحضرات، في الإمارات أكثر من 5 مليارات دولار خلال 2018.

ويتُوقع أن يتضاعف الرقم خلال السنوات المقبلة، في ظل استراتيجية الإمارات الطموحة لتنمية السياحة الطبية في البلاد.

وبحسب إحصاءات هيئة الصحة بدبي، ارتفعت عوائد السياحة الطبية في الإمارة خلال 2016 إلى أكثر من 386 مليون دولار أمريكي.

وتسعى الإمارة لاستقطاب أكثر من 500 ألف سائح بهدف الحصول على الخدمة الصحية بحلول عام 2020.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

عمليات التجميل أدوات التجميل منتجات التجميل جراحات التجميل

النساء ينفقن قرابة مليار دولار على عمليات التجميل في الإمارات