وليام بيرنز: هذه حرب يستطيع ترامب أن ينهيها

الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 12:02 ص

سلط رئيس مؤسسة "كارنيجي" للسلام، "وليام بيرنز" الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية في مارس/آذار 2008، الضوء على إمكانية إبرام عملية سلام في اليمن، استغلالا للظروف الحالية المواتية للدبلوماسية وإنقاذا للوضع الإنساني في البلاد التي مزقتها الحرب المتواصلة منذ سنوات.

نص المقال:

إن دوافع الرئيس "دونالد ترامب" لإنهاء تورط أمريكا في " حروب لا نهائية لها" منطقية، لكنه تصرف في كثير من الأحيان بطرق تؤجج نار الحرب في الشرق الأوسط بدلا من إخمادها.

ففي سوريا، قوضت العملية الكبيرة ضد زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية"، عدم الاتساق الاستراتيجي الأوسع نطاقا، من خلال اتخاذه قرارا مفاجئا؛ بسحب القوات الأمريكية من شمال شرقي سوريا، دون تنسيق مع الحلفاء والشركاء، ناهيك عن قادته والدبلوماسيين، ليفتح بذلك الباب أمام مزيد من النزاعات.

فقد عززنا مصالح دمشق وطهران وموسكو وأنقرة، بجانب مفاقمة شكاوى السكان المحليين السنة، التي يستغلها تنظيم "الدولة".

وبالانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية، رفع الغطاء عن البرنامج النووي الإيراني، وزاد من حدة التوترات الإقليمية المتصاعدة، وكانت النتيجة نشر 3000 جندي إضافي في الخليج للتعامل مع الأعمال الاستفزازية التي كانت إلى حد كبير من صنع "ترامب".

ومع ذلك، هناك حرب واحدة لا يزال بإمكان "ترامب" المساعدة في إنهائها، وهي الحرب اليمنية، فقد تبدو بعيدة عن معظم الأمريكيين، لكن عواقبها الإنسانية والاستراتيجية جسيمة.

وقد وصفت الأمم المتحدة الوضع باليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتسببت في نزوح أكثر من 3 ملايين يمني، وقتل ما يقرب من مليون شخص، وأصبح أكثر من 15 مليون شخص معرضين لخطر المجاعة، وساهم النزاع في اندلاع أسوأ حالة تفشي للكوليرا في التاريخ الحديث، ويزداد الوضع سوءا يوما بعد يوم.

الآثار الاستراتيجية تحتل نفس القدر من الخطورة، حيث تتواجد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في المنفى، والحوثيون المدعومين من إيران يسيطرون على العاصمة، وينمو تنظيما "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" في الجزء الشرقي من البلاد، حيث يواصلون التآمر على الغرب.

الصراع هو أيضا وصمة عار على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، فلقد بعنا للسعودية القنابل والصواريخ المسؤولية عن ثلثي الإصابات في صفوف المدنيين، فضلا عن الأسلحة الأمريكية الأخرى التي بين أيدي الميليشيات التي تدعمها السعودية.

كما نقوم بتدريب الطيارين السعوديين وتقديم خدمات لطائراتهم، وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم المشورة؛ بشأن الأهداف التي سيتم ضربها، نحن لا نخدم أنفسنا أو شركاءنا السعوديين بالانغماس في تلك الحرب ومساعدة وتحريض توسع الرياض الكارثي في اليمن.

لكن الأخبار الجيدة، أن الظروف المواتية للتقدم الدبلوماسي في اليمن آخذة في النضوج، لقد أدركت الإمارات، الشريك العسكري الأكثر أهمية للسعودية، أن رد الفعل السلبي على مصالحها وسمعتها لا يستحق كل هذا العناء، وبكل بساطة بدأت في يوليو/تموز في سحب الغالبية العظمي من قواتها من اليمن.

وبالمثل، بدأت السعودية في مواجهة الأمر الواقع، بعد أن أنفقت أكثر من 100 مليار دولار على الحرب، في عملية كشفت حدود قدرات جيشها، وفضحت هشاشة قدراتها أمام إيران.

كما تواجه الرياض الآن قلقا متزايدا في الكونجرس الأمريكي، كل هذا دفع السعوديين إلى إعطاء إشارات نحو الدبلوماسية، وفي الشهر الماضي، فتحت الرياض والحوثيون قنوات اتصال خلفية.

يمكن للولايات المتحدة، ويجب عليها استخدام نفودها للدفع نحو الدبلوماسية، ويمكن القيام بذلك عبر 3 طرق.

أولا: يجب أن نضغط على الرياض لتمديد وقفها شن الغارات الجوية، وقبول وقف إطلاق النار على مستوى البلاد لاختبار مدى جدية تعهدات الحوثي الأخيرة بوقف الهجمات على الأهداف السعودية.

يجب علينا أيضا أن نضغط على السعودية لفتح مطار صنعاء أمام رحلات الإجلاء الطبي، ورفع القيود المفروضة على واردات الوقود التي تعتبر ضرورية لعمليات الإغاثة الإنسانية.

ثانيا: يجب أن نلقي بدعمنا الكامل خلف إطار جديد للمحادثات بقيادة الولايات المتحدة، يكون من بينها الإقرار بأن الحوثيين لن ينسحبوا مرة أخرى إلى معقلهم في الشمال، وأن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لا يمكن ببساطة نقلها جوا من المنفى في الرياض إلى صنعاء، وضرورة معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لشركائنا في الخليج، وأن طهران يجب أن تشارك بشكل مباشر في المحادثات.

إيران متواطئة بشدة في العنف في اليمن، لكن لديها مصلحة محتملة في تنشيط الدبلوماسية، وفي نفس الوقت تملك قدرة واضحة على تقويضها.

ثالثا: يتعين على الكونجرس أن يشترط بيع الأسلحة المستقبلية للسعودية والدعم العسكري للمملكة بالتزامها المستمر بوقف إطلاق النار والتقدم الدبلوماسي.

لدينا مخاطر ملموسة على المدى الطويل في شراكتنا مع السعوديين، لكن علينا أولا أن نساعدهم على توجيههم إلى المخرج من اليمن الذي يبحثون عنه.

ستبقى اليمن لبعض الوقت دولة فقيرة مجزأة وغير مستقرة، لكن يمكننا المساعدة في إزالة طبقة واحدة من عدم الاستقرار في منطقة تفيض به، ونقلل من المعاناة الإنسانية التي لا توصف، ونقلل من التشابك العسكري الأمريكي، ونمهد الطريق للدبلوماسية الصعبة التي سوف تتبع ذلك.

في اليمن لن يكون هناك موكب انتصار كبير، أو نوع من مؤتمرات القمة التي غالبا ما تنشط فيها دبلوماسية "ترامب"، ولكن إنهاء الحرب هناك هو الشيء الصحيح والذكي للقيام به بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة، يجب أن نغتنم الفرصة.

المصدر | واشنطن بوست - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب الأهلية اليمنية أطراف الحرب اليمنية مآلات الحرب اليمنية

اتفاق الرياض.. هل يحمل الحل أم الفوضى لمستقبل اليمن؟

مجلس الأمن يرحب باتفاق الرياض: خطوة لحل أزمة اليمن