استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لا حصانة «دينية» لرجل السياسة والحزب

الثلاثاء 26 نوفمبر 2019 11:29 ص

لا حصانة «دينية» لرجل السياسة والحزب

لماذا تجري المقامرة بوحدة البلاد والعباد نظير مكاسب آنية قصيرة الأجل وقصيرة النظر؟

ألم يشارك الشباب والصبايا الشيعة وبمختلف أماكن انتشارهم في فعاليات الانتفاضة مبكراً وبأعداد كبيرة؟

يسعى قادة أحزاب مذهبية في العراق ولبنان في خلق «حصانة» بإسباغ «قداسة» حول شخصه وحزبه وتوجهاته و«محوره».

من قال إن انتفاضة اللبنانيين كانت موجهة ضد الشيعة حتى تتعالى صيحات «شيعة.. شيعة» في شوارع بيروت أمس الأول؟

*     *     *

تطرح الانتفاضتان، العراقية واللبنانية، من ضمن ما تطرحان، إشكالية العلاقة بين «الديني» و«السياسي»، صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها هذه المسألة على جدول أعمال المنطقة بمجتمعاتها المختلفة، بيد أن الصحيح كذلك، أنها في الحالتين المذكورتين اتخذت طابعاً خاصاً، مستمداً من أمرين اثنين:

- الأول، أنهما انتفاضتان مشتبكتين مع الإسلام السياسي في طبعته الشيعية، حيث يحتفظ رجال الدين في هذا المذهب الإسلامي، بصفة «مرجعية» – تراتبية - هرمية.

- الثاني، أنهما تواجهان أحزاباً سياسية بقيادات مرجعية دينية. ما يجعل مواجهة «الطبقة السياسية – الحزبية»، أمراً بالغ الخطورة والتعقيد.

لا يستطيع رجل الدين أن يكون قائداً سياسياً – حزبياً، وأن يحرص في الوقت ذاته، على تسييج شخصه ودوره ومواقفه بهالة من القداسة. رجل الدين في الأصل، شخصية عامة، وهو عرضة بطبيعة الحال، للنقد والخلاف والاختلاف، بما في ذلك التنديد والإدانة إن لزم الأمر، فالأمر يعتمد بدرجة كبيرة على طبيعة أدائه وما يصدر عنه من مواقف وتوجهات و«فتاوى».

ولكن حين يلعب رجل الدين دوراً مزدوجاً، ويحرص على استخدام «قُبعتين»، واحدة على شكل عمامة والثانية على شكل «برنيطة» فمن حق الناس عليه، أن يتسع صدره للنقد والاتهامات ... ومن واجبه أمام جمهوره، من مؤيدين ومعارضين، أن يبدي قدراً كبيراً من التسامح حيال هذه الانتقادات.

إن أخطر الأشخاص، هم أولئك الي يقودون أحزاباً دينية أو مذهبية، من دون أن يكونوا رجال دين، وأن تكون سيرتهم الذاتية، مليئة بالاتهامات والشكوك والظنون، بما فيها أبشع أنوع التعديات على المال العام والفساد وانتهاك سيادة القانون والإفلات من العقاب.

لا أدري لماذا يحق للبنانيين أن يوجهوا سهام انتقاداتهم لكل الطبقة السياسية اللبنانية، ويحظر عليهم انتقاد حسن نصر الله أو نبيه بري ... لا أحد هنا يتحدث هنا عن هوية هذين الزعيمين «المذهبية» أو «الدينية»، هم عرضة للانتقاد لأسباب سياسية، ولمواقفهم من انتفاضة الشعب اللبناني، وهو أمرٌ يجب أن يكون بديهياً، وأن يؤخذ بلا حساسية أو سوء تقدير.

والحقيقة أن بعض قادة الأحزاب، الدينية أو المذهبية، في العراق ولبنان، وفي عدد من دول المنطقة، يسعى في خلق «حصانة» لنفسه، من خلال إحاطة نفسه بهالة دينية، أو إسباغ قدر من «القداسة» حول شخصه وحزبه وتوجهاته و«محوره».

هذه معادلة لا يمكن أن تكون صحيحة، وهي لا تقف على أرض صلبة ... قد يستطيع أصحابها إقناع بعض الناس بها لبعض الوقت، بيد أنهم لن ينجحوا في إقناع كل الناس طوال الوقت، بقدسية هذه المعادلة.

من قال إن انتفاضة اللبنانيين كانت موجهة ضد الشيعة، حتى تتعالى صيحات «شيعة.. شيعة» في شوارع بيروت أمس الأول؟ ألم يشارك الشباب والصبايا الشيعة، وفي مختلف أماكن انتشارهم في فعاليات الانتفاضة، مبكراً وبأعداد كبيرة؟

لماذا يُحقن بعض الشباب بهذه الشعارات الغرائزية – المذهبية، ويدفع بهم إلى الشارع للتصدي لانتفاضة الشباب والصبايا التواقين للدولة المدنية، الدولة العادلة، دولة جميع أبنائها وبناتها، كياناتها ومكوناتها؟

لماذا يجري شحن الغرائز العدائية ضد الشريك في الوطن، لخدمة أهداف آنية وتكتيكية، والمقامرة في الوقت ذاته، بتبديد وحدة الدولة والمجتمع والهوية الوطنية الجمعية. لماذا تجري المقامرة بوحدة البلاد والعباد، نظير مكاسب آنية قصيرة الأجل وقصيرة النظر؟

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية