حليمة عدن.. عارضة أزياء مسلمة ترفض التنازل عن حجابها

السبت 14 ديسمبر 2019 09:57 ص

يشيد المعجبون بجمالها وشجاعتها، في حين ينتقدها آخرون بسبب صورها الجريئة، قائلين: "لا مكان للمرأة المسلمة المؤمنة على منصات عروض الأزياء".

إنها عارضة الأزياء "حليمة عدن"، التي تمشي على منصات العرض وهي تضع الحجاب وترتدي أزياء تغطي كامل جسدها، والتي لم تتخيل يوما أن تكون أشهر عارضة أزياء محجبة في العالم.

فـ"حليمة"، التي دفعت الحرب الدائرة في بلدها الصومال، أسرتها للفرار إلى كينيا، قبل أن تولد فيها داخل معسكر للاجئين، ومن ثم غادرت إلى الولايات المتحدة، قدمت نموذجا لتحقيق الحلم في زمن قياسي.

"حليمة" لم تكن تعلم يوما أن بإمكان الفتيات المحجبات العمل كعارضات أزياء، وترى أن وصولها لهذه المكانة في عالم الأزياء يمثل رسالة للجميع أنه لا يوجد عائق أمام الفتاة المسلمة التي تنتمي لأسرة محافظة أمام تحقيق أحلامها من دون التخلي عن دينها أو عاداتها أو تقاليدها.

  • نشأة صعبة

ولدت "حليمة" في مخيم للاجئين في كينيا؛ فعائلتها فرّت من الصومال منتصف التسعينيات بسبب واحدة من أكثر الحروب دموية في القارة الأفريقية.

مشت والدتها 12 يوما قبل الوصول إلى كينيا، وعندما بلغت "حليمة" السادسة من عمرها انتقلت إلى الولايات المتحدة مع والدتها وشقيقها، وفقدوا التواصل مع والدها بسبب الحرب.

تعيش عائلة "حليمة" في ولاية مينيسوتا التي تضم واحدة من أكبر الجاليات الصومالية في الولايات المتحدة.

تتذكر "حليمة" ما جرى لها قائلة: "اعتقد أصدقائي في أمريكا أنني أميرة صومالية لأنني كنت أخبرهم كيف انتقلنا باستمرار من منزل إلى آخر في كينيا.. لم يعرفوا أن المنازل التي عشنا فيها كانت مصنوعة من قناني بلاستيكية ومن ركام الأبنية.. كان ذلك كل ما استطاعت والدتي العثور عليه".

وتضيف: "سخر زملائي مني وقالوا إنني أرتدي غطاء رأس لأن شعري متسخ كما كانوا يلقون نكات عن الإرهابيين".

عندما بلغت "حليمة" عامها التاسع عشر أصبحت أول مشاركة على الإطلاق تظهر على المسرح مرتدية الحجاب، ورداء السباحة "البوركيني" في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا.

تقول "حليمة": "أردت دائما المشاركة في مسابقة ملكات الجمال. لكنني صومالية ولم يسبق لأي واحدة منا اتخاذ مثل هذه الخطوة. وبعد المسابقة أخبرت أصدقائي أنه بإمكانهن ارتداء بوركيني والشعور بالثقة، وإن كن واقفات إلى جانب شابات أخريات يرتدين ثياب السباحة المكشوفة".

وتتابع: "إننا على الأقل نبدو مختلفات، لكن لا أحد يستطيع أن يحرمنا من فرصة تجربة شيء جديد".

وخلال هذه المسابقة، وصلت "حليمة" إلى الدور قبل النهائي، رغم إصرارها على المشاركة بالحجاب.

وبعد المسابقة، تلقت "حليمة" عرضا للتعاون مع واحدة من أكبر وكالات الأزياء في العالم وهي "IMG Models"، ووافقت عليه، لكنها وضعت شرطها "ارتداء الحجاب عند مشاركتها في التصوير والمشي على منصات العرض".

وتتحدث حليمة عن حجابها، قائلة: "ارتديت الحجاب منذ الطفولة، لذا فهو بالنسبة لي جزء لا غنى عنه في خزانة ملابسي".

  • تمسك ديني

"حليمة" البالغة من العمر 22 عاما، أصبحت أول عارضة أزياء محجبة تظهر على غلاف مجلة "فوغ" البريطانية، وتظهر مرتدية رداء السباحة "بوركيني"، على صفحات "أمريكان سبورتس إليستريتد"، التي غالبا ما تنشر صور عارضات شبه عاريات.

تقول "حليمة" إن الحصول على فرصة للظهور بعرض أزياء "أسبوع الموضة" في نيويورك، ثم المشاركة بالحجاب في عرض أزياء "ألبرتا فريتي" و"ماكس مارا" بإيطاليا بالحجاب، رسالة للفتيات المسلمات مفادها بأن يكن على طبيعتهن

ويسعين أيضا وراء حلمهن حتى يتحقق؛ فلا يوجد عائق أمام الحلم إلا عدم السعي لتحقيقه.

وتضيف: "أحاول الصلاة خمس مرات في اليوم، لكني قد لا أنجح في هذا الأمر دائما.. أتذكر نفسي أثناء أسبوع الموضة في نيويورك، وأنا أركض حاملة بيدي سجادة، وأبحث عن مكان للصلاة.. وغالبا ما يكون هذا المكان هو غرفة تبديل الملابس".

وتتابع: "لا تغيري نفسك، بل غيّري قواعد اللعبة"، فهدفها جعل صناعة الأزياء أكثر شمولية لفتح الطريق أمام الفتيات ليصبحن عارضات أزياء في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن انتمائهن العرقي أو الديني.

وتزيد: "لو لم أخض اختبارات الأداء فما كانوا ليختاروني في أي عرض.. لم أفقد عزيمتي لأني أحمل إيماني معي دائما.. فالإيمان هو ما يمنحني الثقة بالنفس".

"حليمة" باتت بوابة عروض الأزياء العالمية إلى المرأة المسلمة المحافظة، التي قلما كانت تجد أيا من العلامات التجارية المشاركة في عروض الأزياء مناسبة لها.

ورغم أن طول "حليمة" لا يتعدى 166 سنتمترا، وهو أقل بكثير من المقاسات المطلوبة عادة من عارضات الأزياء، إلا أن ماركات تجارية فاخرة تدعوها باستمرار للمشاركة في عروضها.

وقبل عامين، أصبحت أول عارضة أزياء محجبة في العالم توقع عقدا مع واحدة من أكبر وكالات الأزياء "IMG Models".

كما أن وجود "حليمة" جعل بيوت الأزياء العالمية، توظفها في مجال التسويق لمنطقة الشرق الأوسط؛ كون الملابس التي ترتديها تعبر عن نسبة كبيرة من جموع النساء في هذه المنطقة.

ولدى "حليمة" متطلبات صارمة تتعلق بالثياب، التي تعلن عنها؛ فمعتقدها لا يسمح لها أن تكشف إلا عن وجهها ويديها وقدميها علنا، وقد كتب ذلك في عقود عملها.

وتضيف: "أرغب بتسهيل عمل المصممين غير المعتادين على العمل مع عارضات مثلي.. كنت في السابق أحمل معي دائما حقيبة مليئة بأغطية شعر مختلفة وياقات قمصان وجوارب طويلة.. أسافر دائما مع مديرة أعمالي، التي ينبغي أن تكون امرأة دائما فتساعدني في تغيير الملابس عندما يكون طاقم العرض من الرجال".

تقول "حليمة": "أنا مسلمة.. ويجب أن أتذكر هذا خارج المنصة.. لذلك، يبذل المصممون ومنظمو العروض كل ما بوسعهم كي يكون لدي غرفتي الصغيرة التي أشعر فيها بالراحة".

وتتابع: "شخصيا لا أستطيع ارتداء الملابس في الأماكن العامة؛ لذلك أحتاج إلى غرفة منفصلة.. لا أطلب الكثير.. إن لم يناسب ذلك أحد المصممين فأنا جاهزة دائما للمغادرة".

"حليمة" أعلنت رفضها القطعي أن تمشي يوما على المنصة بدون حجاب، وتقول: "إذا كنا نريد العيش في مجتمع يضمن للمرأة حق اتخاذ قراراتها بنفسها، فمن حقي ارتداء ما يجعلني أشعر بأني جميلة وواثقة من نفسي.. هذا حجابي.. بغض النظر عن نمط الملابس الذي تختاره المرأة فهي تستحق الاحترام والدعم والحب.. هذه هي رسالتي".

وتضيف: "في أي بلد في العالم، لا ينبغي لأي امرأة ارتداء الحجاب دون رغبتها بذلك، ولا ينبغي لأي امرأة خلعه تحت الإكراه".

وتستطرد: "كل ما نسمعه عن النساء المحجبات يكتنفه السلبية ويكون مسيسا بشدّة. أريد تغيير ذلك. أنا شابة تعشق الأزياء والتصاميم، ولدي روح ومشاعر، ولا أختلف عن أي شابة أخرى".

  • حلم مؤجل

ورغم الشهرة والأموال التي حققتهما "حليمة" من وراء عملها في مجال عروض الأزياء، فإن حلمها التالي، هو أن تصبح سفيرة للأمم المتحدة.

فالشابة التي تدرس بجامعة منيسوتا، تؤكد أنها عقب تخرجها، ستكرس حياتها للوصول إلى هدفها الجديد، لتعبر مرة أخرى لكل فتيات العالم عن أن البداية المظلمة لن تكون النهاية مع السعي لتحقيق الأهداف.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

حليمة عدن عارضة أزياء

أول عارضة أزياء محجبة تصل إسطنبول