أولياء الجمهورية.. تشريح الاقتصاد العسكري المصري

الأحد 15 ديسمبر 2019 11:10 ص

كشفت الدراسة التي أعدها كبير الباحثين فى مركز كارنيجي "يزيد صايغ" حول الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري أن استلاء القوات المسلحة على السلطة في عام 2013 غير الدور الذي تلعبه في الاقتصاد الوطني، وحوّلت المؤسسة العسكرية إلى جهة فاعلة مستقلة يمكنها إعادة تشكيل الأسواق والتأثير في صياغة السياسات الحكومية واستراتيجيات الاستثمار.

وجاءت الدراسة تحت عنوان "ولياء الجمهورية: تشريح الإقتصاد العسكري المصري" وتضمنت 9 فصول، رسمت الخريطة الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية للجيش، وركزت على طبيعة العلاقة بين العسكر ورجال الأعمال، وأهمية الدور الذي تلعبه إدارة الشؤون المالية بالقوات المسلحة، فضلا عن ماهية التحول الذي أحدثه الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".

وأوضحت الدراسة أن القوات المسلحة المصرية تتسلّم مشاريع ضخمة متعلقة بالبنية التحتية، وتنتج سلعًا استهلاكية تراوح بين الغذاء والأجهزة المنزلية، وتصنّع المواد الكيميائية الصناعية وأدوات النقل، وتستورد آلات وسلعًا أساسية للأسواق المدنية.

وأشارت الدراسة إلى أن الهيئات العسكرية توسعت إلى قطاعات جديدة متنوعة للغاية مثل إنتاج الصلب، وصناعة الأدوية، والتنقيب عن الذهب، وإدارة الحج والأوقاف الدينية. 

وبحسب الدراسة، فقد استفاد الآلاف من كبار الضباط المتقاعدين من التأثير السياسي النافذ للقوات المسلحة لشغل مناصب عليا في الجهاز المدني للدولة وشركات القطاع العام، الأمر الذي عاد عليهم بالمنافع في مقابل تكملة الاقتصاد العسكري في الوقت ذاته .

وقالت الدراسة إن المؤسسة العسكرية تفخر بأنها حائزة على مهارات إدارية راقية وإنجازات تكنولوجية، وتدّعي أنها تعمل كرأس حربة للتنمية. بيد أن دورها هذا له ثمن فادح. إذ أنها تستنسخ ريعية الاقتصاد السياسي المصري، وتفيد مثلها مثل نظرائها المدنيين (في كلٍ من القطاعين العام والخاص) من بيئة تسمح لها فيها الجوازية القانونية، والتعقيد البيروقراطي، والسلطات الاستنسابية بحيّز واسع للافتراس والفساد.

واعتبرت أن العسكر في أفضل الأحوال مهندسون جيّدون لكنهم اقتصاديون سيئون. وهكذا، فإن الطفرة الهائلة للمشاريع العملاقة في الإسكان والبنى التحتية العامة التي أدارتها الهيئات العسكرية منذ العام 2013، أسفرت عن حجم كبير من الرساميل العقيمة والأصول المجمّدة، الأمر الذي حوّل الاستثمار والموارد بعيداً عن قطاعات اقتصادية أخرى.

وأكدت أن استحكام الاقتصاد العسكري ضار للسياسات الديمقراطية في مصر، مهما كانت شوائب هذه الأخيرة. وبالتالي، يتعيّن عكسه في معظم القطاعات، وتقنينه في قطاعات أخرى مُنتقاة، ووضعه تحت سلطة مدنية واضحة، هذا إذا ما أرادت مصر أن تحل مشاكلها البنيوية الحادة والكأداء التي تعيق مسيرة تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وتقف سداً منيعاً في وجه الانتاجية والاستثمار، وتقوّض ديناميكيات السوق، وتشوّه نمو القطاع الخاص.

وشددت على أن أي حكومة مصرية لن تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة، إلى أن يتم وضع حد لشبكات الضباط غير الرسمية في كلٍ من الجهاز البيروقراطي المدني، وشركات القطاع العام، ودوائر الحكم المحلي.

وأشارت إلى أن التقديرات الوردية حول المؤشرات الاقتصادية الكبرى في مصر، التي يُصدرها مسؤولون مصريون ونظراؤهم في الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية، تغضّ الطرف عن المشاكل الأساسية الكامنة في الانتاجية والابتكار الخفيضين، وفي القيمة المضافة المحدودة، وفي الاستثمارات غير الكافية في معظم القطاعات الاقتصادية.

ولفتت إلى أن هؤلاء المسؤولين ربما يأملون بأنه سيكون بمستطاع الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، بطريقة ما، بناء دكتاتورية تنموية ناجحة، ما قد يفسّر أسباب قفزهم فوق المضاعفات الاجتماعية لمقاربة حكومته الاقتصادية، ولقمعها العنيف للحريات السياسية والاجتماعية، ولخروقاتها الفادحة لحقوق الإنسان. وبأنها ستنسحب من حلبة الاقتصاد حين يكتمل نموّه. 

واستدركت أن أن الاتجاهات الراهنة تشي بأن "السيسي" سيبقى أسير شركائه الأساسيين في الائتلاف الحاكم، ورهينة الاندفاع العسكري الذي سيؤدي إلى زيادة وتيرة الانخراط في الاقتصاد.

وأوردت الدراسة ملخصا للقطاعات الاقتصادية التي تنشط فيها الهيئات العسكرية والتي جاءت كالتالي:

كما أوردت خريطة لأهم مشروعات الجيش الاقتصادية والتي جاءت كالتالي:

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيش المصري الاقتصاد المصري عبدالفتاح السيسي

فايننشال تايمز: الاقتصاد المصري صديق للمستثمرين وعدو للفقراء

«السيسي» مخالفا كل الأرقام: اقتصاد الجيش يعادل 1 - 1.5% من اقتصاد مصر