سبب تواجد سليماني بالعراق يكشف مدى تعقيد الأزمة الإيرانية

الثلاثاء 7 يناير 2020 06:00 م

كجزء من الأزمة الشديدة والمتصاعدة المحيطة باغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني "قاسم سليماني"، هناك تفسير لسبب وجود القائد الإيراني في بغداد وقت استهدافه بضربة صاروخية أمريكية.

إذ كشف رئيس الوزراء العراقي "عادل عبدالمهدي" أنه كان من المقرر أن يلتقي بـ"سليماني" لمناقشة الخطوات التي يجري اتخاذها لتخفيف المواجهة بين إيران والسعودية.

كان "عبد المهدي" واضحا تماما: "كان من المفترض أن ألتقي به في صباح اليوم الذي قُتل فيه، لقد جاء لتسليم رسالة من بلاده ردا على الرسالة التي أرسلناها من السعوديين إلى إيران".

وكشف رئيس الوزراء أيضا أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" اتصل به ليطلب منه التوسط عقب الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد. ووفقا لمسؤولين عراقيين، تم الاتصال مع عدد من الميليشيات، إضافة إلى شخصيات في طهران لرفع الحصار المفروض على السفارة، وشكر الرئيس الأمريكي شخصيا "عبدالمهدي" على مساعدته.

لم يكن هناك ما يوحي للعراقيين أن "سليماني" غير آمن للسفر إلى بغداد، بل كانت الأمور تسير على العكس تماما. وهذا يشير إلى أن "ترامب" ساعد في جذب القائد الإيراني إلى مكان يمكن قتله فيه. ومن المحتمل أن "ترامب" لم يكن على علم بالدور الحاسم الذي لعبه "سليماني" في محاولة التقارب مع السعوديين. أو أنه يعلم، لكنه لم يهتم.

ويقول البعض إنه ليس من مصلحة "ترامب"، الذي يركز كثيرا على صادرات الأسلحة الأمريكية، أن يحصل السلام بين الإيرانيين والسعوديين. وكانت أول رحلة رسمية لـ"ترامب" بعد توليه منصب هي رحلة لبيع الأسلحة إلى السعودية؛ حيث قام خلالها بشن هجوم ضد إيران.

وتحدث "عبد المهدي" عن خيبة أمله لأنه في الوقت الذي كان فيه "ترامب" يعرب عن امتنانه للوساطة، كان يخطط في الوقت نفسه للهجوم على "سليماني". ووقع هذا الهجوم بعد وقت قصير من مكالمة هاتفية له من الرئيس الأمريكي.

هناك أيضا احتمال أن المخططين العسكريين الأمريكيين لا يعرفون شيئا عن المحادثات بين "ترامب" و"عبدالمهدي"، وتعاملوا مع "سليماني" عندما جاءت الفرصة نفسها.

قد يكون هناك مصداقية في هذا، بالنظر إلى السردية التي انطلقت من مسؤولي الدفاع والمخابرات في واشنطن، والتي مفادها أن خيار الاغتيال المقدم إلى "ترامب" كان مرفوضا، كما كان من قبل أسلافه في البيت الأبيض. وأنهم صدموا عندما أمر "ترامب" بالضربة.

إن وجود محادثات بين السعوديين والإيرانيين، والأهم من ذلك تهديد العنف الوشيك، يعني أن ردة الفعل في الرياض على القتل قد خفت حدتها بشكل ملحوظ. أرسل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" شقيقه الأصغر، نائب وزير الدفاع "خالد بن سلمان"، إلى واشنطن؛ للحث على ضبط النفس.

وأدى الخطر الحقيقي للغاية المتمثل في تحول المنطقة إلى ساحة للصراع إلى تحسن نادر في الأزمة الخليجية؛ حيث أرسلت قطر وزير خارجيتها إلى طهران مع نداء مماثل من أجل الهدوء.

في طهران، التقى الوزير القطري "محمد بن عبد الرحمن" الرئيس الإيراني "حسن روحاني"؛ لمناقشة "الإجراءات للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا).

ودعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" إلى "حوار عقلاني"، قائلا: "يجب أن تسود الحكمة والتوازن"

وفضلا عن كونها في موقع خطر مؤهل للوقوع في تبادل إطلاق النار بين الولايات المتحدة وإيران، فإن الدول العربية في المنطقة معرضة لهجمات من ميليشيات طهران في لبنان واليمن والعراق وسوريا. وهناك قلق بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة بعد إطلاق موجة من الصواريخ، ستفعل أي شيء عندما يتم الانتقام من الدول الشريكة لها.

لقد تعلم السعوديون بوضوح شديد في الصيف الماضي أنه لا يمكن الاعتماد دائمًا على الالتزام الأمريكي، عندما جرى استهداف منشآت معالجة النفط في المملكة ما أدى لتخفيض إنتاج النفط إلى النصف. إذ ألقى "ترامب" باللوم المباشر على إيران في الهجمات، لكن لم يكن هناك رد عسكري أمريكي.

في ضوء كل هذا، أشار الباحث السياسي السعودي "خالد الدخيل" إلى أن "المملكة وجميع دول الخليج هادئة. إنهم لا يريدون استعداء الإيرانيين؛ لأن الوضع في المنطقة حساس للغاية، ومنقسم للغاية لدرجة أنك لا تريد إثارة ذلك أكثر".

وقال محلل الأمن البريطاني "روبرت إمرسون" إنه كان من الواضح لماذا كان الحذر سائدا، مضيفا: "لا نعرف ما إذا كان ترامب سيفعلها ثم يختفي". لذا فإن الدول العربية محقة في الحذر. والحديث عن إيران والمفاوضات السعودية مثير للاهتمام، وينبغي أن تظهر المزيد من التفاصيل.

تواصل إدارة "ترامب" الإصرار على سلامة موقفها بقتل "سليماني" بحجة أنه كان على وشك شن حملة إرهابية وشيكة، دون تقديم أي دليل على هذا التأكيد. وهناك شكوك متزايدة حول الادعاء والأسئلة لن تختفي. فهناك الكثير من ذكريات "صدام حسين" وترسانة أسلحة الدمار الشامل التي لا وجود لها. لكن ما هو مؤكد أن تداعيات الاغتيال في بغداد ستستمر لفترة طويلة جدا.

المصدر | إندبندنت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأمريكية مقتل سليماني العلاقات السعودية الإيرانية

مقتل سليماني.. ارتدادات محتملة على أمن الخليج؟

جيوبوليتيكال فيوتشرز: ما هي الخطوة التالية لأمريكا وإيران؟

فرنسا تدعو لاتفاق أوسع مع إيران وتخفيف العقوبات

هؤلاء العراقيين تدفع لهم إيران رواتب لضمان ولائهم