ستراتفور: إسرائيل تدفع أمريكا لأخذ زمام المبادرة ضد إيران

الخميس 16 يناير 2020 02:05 م

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إبعاد بلاده عن عملية الاغتيال الأمريكية الأخيرة لقائد قوة القدس الإيرانية "قاسم سليماني"، حيث قال إن (إسرائيل) "غير متورطة" في الحدث و "ينبغي أن لا يتم جرها إلى ذلك".

ورداً على إعلان طهران بأنها لن تلتزم بالشروط المتعلقة بتخصيب اليورانيوم في الصفقة النووية قال وزير الطاقة الإسرائيلي إنه ما زال "من المبكر جدًا القول إذا كانت هذه الخطوة تعني أن إيران في الواقع تقترب من السلاح"، ويمثل هذا انفصالًا ملحوظًا عن الخطاب الإسرائيلي المقلق في كثير من الأحيان بشأن البرنامج النووي لطهران.

بالنسبة لـ(إسرائيل)، يمثل هذا الرد الخافت بشكل غير عادي تحولا تكتيكيا مؤقتا، في الوقت الحالي، سوف سيجري التركيز على التوترات الأمريكية الإيرانية مع السماح لواشنطن بأن تتحمل وطأة خطر الصراع الإقليمي، ولكن هناك حدود لطول المدة التي ستظل (إسرائيل) تقف فيها مكتوفة الأيدي.

في حال عدم وجود إجراء أمريكي يمنع إيران من الاستمرار في بناء سلاح نووي، أو إذا بدا أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" سيخسر الانتخابات المقبلة ويأتي رئيس أقل استعدادًا لدعم استراتيجية معادية لإيران، ستستعيد (إسرائيل) بسرعة مكانها في مقعد السائق مع المزيد من الحماس.

ألم أمريكا.. ربح (إسرائيل)؟

محاولة (إسرائيل) النأى بنفسها عن الأحداث الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران هي نتاج جزئي للسياسة الداخلية الحالية. لقد أجرت (إسرائيل) انتخابات في 2 مارس/آذار، ولا يريد "نتنياهو" إثارة صراع قبل ذلك، حيث يواجه مجددًا طريقًا ضيقًا نحو النصر.

إن تأجيج نيران التوترات الأمريكية - الإيرانية في الوقت الحالي من شأنه أن يخاطر أيضًا بفتح جبهة شمالية في لبنان ضد "حزب الله"، والذي هدد بمهاجمة (إسرائيل) في حالة تصعيد واشنطن ضد طهران.

لكن ربما الأهم من ذلك هو أن التركيز المتزايد من جانب إدارة "ترامب" على طهران، أوجد فرصة لـ(إسرائيل) للوفاء باستراتيجيتها المعادية لإيران دون تعريض نفسها لمخاطرة بنفس قدر ما تفعله بمفردها. أحد الأهداف الأساسية لـ(إسرائيل) هو ردع الوكلاء الإقليميين لإيران والقادة الإيرانيين الذين يدعمونهم. ومن خلال ضرب ميليشيا "حزب الله" العراقي وقتل "سليماني" ساعدت الولايات المتحدة في القيام بذلك.

إن رغبة واشنطن الواضحة في أخذ زمام المبادرة ضد هذه الميليشيات والقادة تعني أن بإمكان (إسرائيل)، في الوقت الحالي، الامتناع عن مهاجمة وكلاء إيران في العراق كما فعلت خلال الصيف.

كما سمح الموقف الحالي المتشدد للولايات المتحدة تجاه إيران لـ(إسرائيل) بالتخفيف مؤقتًا من محاولاتها لمنع حصول طهران على قنبلة نووية. وكانت الإستراتيجية الأساسية لـ(إسرائيل) في ذلك هي إقناع واشنطن، والمجتمع الدولي، بإعادة نظام العقوبات الساحق الذي سيعزل إيران بما يكفي للتخلي عن برنامجها النووي.

ويتم تحقيق هذه الإستراتيجية بشكل متزايد بفضل إدارة "ترامب"، التي دفعت للحفاظ على نظام العقوبات الأمريكي بالرغم من عدم إخلال إيران بـ"الاتفاق النووي"، مما أثار قلق أوروبا في هذه العملية.

وتهدد (إسرائيل) منذ فترة طويلة بضرب البرنامج النووي الإيراني نفسه. بالإضافة إلى التهديد العسكري المباشر، ويعد هذا النهج أيضًا استراتيجية للضغط الدبلوماسي تهدف إلى الإشارة إلى أن (إسرائيل) مستعدة لإثارة صراع إقليمي مع إيران إذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءً كافياً ضد طهران. لكن مع قيام واشنطن الآن بإعلان نيتها في ضرب إيران، لا حاجة لـ(إسرائيل) إلى تكرار هذه التصريحات.

عودة (إسرائيل) إلى التصعيد

لكن الشروط التي تسمح لـ(إسرائيل) بالانسحاب مؤقتًا من المواجهة مع إيران، تعتمد جميعها على سلوك الولايات المتحدة، والذي من المرجح أن يتغير قبل انتخابات 2020.

ولهذا السبب، فبلا شك ستراقب (إسرائيل) عن كثب كيف سيتكشف موسم الانتخابات في الأشهر المقبلة، لأن الانتخابات لا يمكن أن تجعل الولايات المتحدة أكثر كرهًا للمخاطرة فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى تحول دائم أكثر في السياسة الأمريكية تجاه إيران.

وبالنظر إلى علاقات "نتنياهو" الوثيقة بالبيت الأبيض، يمكن لـ(إسرائيل) أن تتوقع استمرار الضغوط الأمريكية على إيران طالما ظل "ترامب" في منصبه. لكن في حال فشل "ترامب" في الحصول على فترة ولاية ثانية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فقد يحاول خلف أقل تشددًا الرجوع إلى السياسات الأمريكية السابقة بشأن إيران وتقويض حملة العزلة الحالية.

ومع ذلك، فإن التزام واشنطن بالجبهة المناهضة لإيران سيبدأ بالتردد قبل فترة طويلة من توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع. مع بدء موسم الانتخابات، قد تزداد الولايات المتحدة تحفظًا في مواجهة الاستفزازات الإيرانية، سواء كان ذلك مضايقات جديدة أو تطورات أخرى في برنامجها النووي.

وفي الوقت نفسه، فإن انشغال إدارة "ترامب" بموسم الحملات الانتخابية، يمكن أن يعطي إيران مجالًا للتنفس لتطوير كل من برنامجها النووي والوكلاء الإقليميين. ولضمان ألا يحدث ذلك، ستركز (إسرائيل) بقوة على الضربات في العراق ولبنان وفي أماكن أخرى حتى لو كان ذلك يعني إثارة صراع إقليمي أوسع.

أخيرًا سوف يملي تقدم إيران في برنامجها النووي أيضًا الطريقة التي تتصرف بها (إسرائيل)، ومع وجود برنامج أكثر تقدماً من المحتمل أن تشن (إسرائيل) ضربة.

في الماضي، ألمحت (إسرائيل) بقوة إلى أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% سيؤدي إلى هجوم. لكن إعلان إيران الأخير بأنها لن تلتزم بتقييد الاتفاق لتخصيب اليورانيوم قد يقلل من هذه العتبة، خاصة إذا كانت الولايات المتحدة تبدو غير راغبة في اتخاذ إجراء.

عند قياس ما إذا كانت إيران تشكل تهديدًا نوويا، ليس من المؤكد تمامًا ما إذا كانت (إسرائيل) ستأخذ أيضًا عوامل أخرى في الاعتبار، مثل التقنيات ذات الاستخدام المزدوج أو تطوير الصواريخ. ولكن الأمر المؤكد هو عودة (إسرائيل) إلى إستراتيجية أكثر عدوانية ضد إيران، إذا اكتشفت تردد الولايات المتحدة أو خلصت إلى أن إيران في طريقها لصنع قنبلة.

وبالتالي، فمن المحتمل أن يكون الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تقفز (إسرائيل) مرة أخرى إلى الواجهة بصفتها الفاعل الأكثر ترجيحًا لضرب البرنامج النووي الإيراني ولإثارة صراع إقليمي يحتمل أن يجر تدخل من الولايات المتحدة.

المصدر | ريان بول | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي الإيراني مقتل سليماني العلاقات الإسرائيلية الأمريكية

مشكلة الشرق الأوسط التي كشفها مقتل سليماني

أمريكا تخسر قضية أمام إيران في إيطاليا

إعلام عبري: إسرائيل رفضت عرضا عمانيا للوساطة مع إيران