أوجاع النازحين في غزة تتضاعف بمعاينة دمار مناطق سكنهم

الأحد 27 يوليو 2014 11:07 ص

شينخوا // الخليج الجديد

خارت قوى المسن الفلسطيني أبو شريف جندية ولم تعد قدماه تحملانه وهو يتابع عن قرب مسعفين وعمال إنقاذ ينتشلون جثث نجله البكر وأربعة من أحفاده وأمهم من تحت أنقاض منزلهم المدمر في حي الشجاعية شرقي غزة.

وبدا المشهد سرياليا بالنسبة للرجل الستيني من عمره وهو يطلب منه التعرف على اسم أحد أطفال نجله وقد تهشم رأسه تماما وتحللت جثته، فيما لم تكن باقي الجثث أفضل حالا.

وقضت هذه العائلة تحت انقاض منزلها منذ أربعة أيام كاملة، وتم انتظار دخول سريان اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية ليتم انتشال جثث قتلاها.

ولم ينطق أبو شريف بأي كلمة تقريبا وظل يردد مرارا "حسبنا الله ونعم الوكيل".

وبعد صمت قال بنبرات متقطعة وغاضبة إنه فقد 13 شخصا من عائلته منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة لكنه هذا اليوم هو الأصعب وهو يعاين بنفسه لحظة انتشال جثثهم أشلاء ممزقة من تحت الركام.

وأضاف "لا أعرف ما ذنبنا وما ذنب أجساد صغارنا حتى تصاب بكل هذه البشاعة، لقد تعرضنا لإبادة ونحن لا حول لنا أمام ما يتم قصفنا به ".

واستغل مسعفون فترة 12 ساعة من التهدئة المؤقتة في غزة لانتشال جثث قتلى ظلوا عالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة منذ عدة أيام.

غير أن المسعفين وعمال الإنقاذ واجهوا صعوبات بالغة في مهمتهم بالنظر إلى قلة اعدادهم ومحدودية إمكانياتهم عدا عن قلة عدد الساعات الممنوحة لهم في مقابل ما يواجهون من دمار هائل.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة لوكالة أنباء «شينخوا»، إنه جرى انتشال جثث 85 شهيدا.

وبحسب القدرة رفع ذلك الحصيلة الإجمالية للشهداء الفلسطينيين إلى 985 منذ بدء الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 20 يوما. (تجاوت فيما بعد 1040).

وكثير من جثث القتلى جرى انتشالها من حي الشجاعية الذي تعرض لقصف مدفعي وجوي إسرائيلي مكثف على مدار أيام.

ومع انتشال كل جثة شهيد كانت تكبيرات تعلو من السكان.

وانتشر دمار هائل في مناطق الحي وغطت سحب الدخان الأسود الأجواء مختلطة مع رائحة البارود.

ولم يكن بالإمكان معاينة منزل واحد سليم في شارع (النزاز) إلى الشرق من الحي وقد تناثر حطام الركام في كل اتجاه.

وانشغلت الكثير من العائلات التي اختارها القدر أو اختار بعض أفرادها البقاء على قيد الحياة بعد قصف منازلها بالبحث عن ما هو صالح من الأثاث والملابس من بين ركام المنازل المدمرة وقدرتها مؤسسات حقوقية محلية ودولية بأكثر من ألف منزل.

ونزح عشرات الآلاف من سكان الحي بفعل الاستهداف الإسرائيلي الكثيف.

وقال سليمان حبيب في نهاية الثلاثينيات من عمره، إنه لم يصدق أنه دخل فعلا إلى الحي الذي ولد فيه ولم يغادره قط إلا هربا من الهجمات الإسرائيلية.

وأضاف حبيب، أن الطرقات اقتلعت ودخل بعضها إلى بعض ولم يعد بالمقدور تمييز شيء وسط الركام والدمار.

وصدم سكان آخرون كانوا نزحوا قبل بدء الضربات الكثيفة على الحي وهم يشاهدون مناطق سكنهم وقد ضربها ما يشبه الزلزال المدمر.

وكان هؤلاء يتنقلون على أقدامهم بصعوبة بالغة فوق الركام المتناثر.

وحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فإن اكثر من 160 ألف فلسطيني نزحوا إلى مقارها.

كما أن عشرات آلاف آخرين انتقلوا للمبيت لدى أقارب لهم في وسط مناطق قطاع غزة.

وبدأت التهدئة المؤقتة عند الساعة الثامنة صباحا وذلك بطلب من الأمم المتحدة.

وتوقف خلال فترة التهدئة الممتدة إلى 12 ساعة دوي انفجارات الغارات الإسرائيلية التي ظلت تسمع كل دقيقة تقريبا طوال أيام الهجوم الإسرائيلي.

واتاح ذلك عودة صور الحياة تدريجيا إلى قطاع غزة مع ظهور حركة نشطة للسيارات في الشوارع، فيما فتحت البنوك ومؤسسات تجارية أبوابها جزئيا.

وشهدت الأسواق العامة حركة نشطة وإقبالا من السكان لشراء احتياجاتهم الأساسية فيما عمد آخرون إلى زيارة أقارب لهم جرحى بفعل الغارات الإسرائيلية في المستشفيات والمراكز الصحية.

وتوجهت طواقم البلديات وشركة الكهرباء المحلية إلى المناطق التي تعرضت للغارات الإسرائيلية طوال الأيام الأخيرة لتصليح خطوط المياه والكهرباء.

وقال مسؤولون في بلدية غزة إنهم يعملون على إصلاح خطوط مياه دمرت بفعل الغارات الإسرائيلية المتواصلة، وأن 120 ألف نسمة يقطنون شرق وجنوب مدينة غزة أصبحوا بلا مياه منذ عدة أيام.

وهذه هي التهدئة الإنسانية الثانية التي تعلن في قطاع غزة بعد اتفاق لوقف إطلاق نار امتد لست ساعات في 17 الماضي وذلك منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على القطاع في السابع من الشهر الجاري.

وهدد متحدث عسكري إسرائيلي بأن القوات الإسرائيلية "سترد بشدة على أي اعتداء" خلال فترة سريان وقف إطلاق النار.

وذكر المتحدث للإذاعة الإسرائيلية العامة، أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عمليات رصد وتدمير الأنفاق في الأراضي التي تسيطر عليها، مشيرا الى أنه لن يتسنى لسكان غزة الذين غادروا منازلهم العودة إليها خلال فترة وقف إطلاق النار.

وقتل 37 جنديا إسرائيليا في معارك الاشتباكات على مشارف غزة ومحيطها إلى جانب مدنيين اثنين بالصواريخ الفلسطينية.

واقترحت مصر والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة مساء الجمعة إعلان تهدئة لمدة سبعة أيام يتخللها التوصل إلى اتفاق شامل يتضمن التفاوض على مطالب الجانبين.

وتصر حماس والفصائل الفلسطينية على أن يتضمن أي اتفاق تهدئة دائم الاستجابة لمطلب رفع الحصار عن قطاع غزة المستمر منذ ثماني أعوام.

وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن إسرائيل ستكون على استعداد للنظر بصورة إيجابية في تمديد وقف إطلاق النار في غزة شريطة أن يتسنى لجيشها مواصلة نشاطاته ضد أنفاق الإرهاب في القطاع.

وبعد 20 يوما من العنف غير المسبوق بدا على سكان غزة حاجتهم لالتقاط أنفاسهم.

وأقيمت خلال فترة التهدئة المؤقتة بيوت عزاء ليست كالمعتادة فكانت على عجل لا تحتوي على مظلات كبيرة بل على بعض الكراسي وبعض القهوة السادة وقد أمها الناس من جيران فلسطينيين قتلوا خلال الغارات الإسرائيلية.

وخيم الحزن والغضب الشديدان على جنازة 21 شخصا من عائلة النجار قضوا جميعها في غارة إسرائيلية على منزلهم السكني في خان يونس قبل ثلاث ساعات فقط من دخول وقف إطلاق النار المؤقت حيز التنفيذ. 

وظل أقارب الشهداء ومن بينهم 7 أطفال يرددون هتافات مناهضة لإسرائيل وأخرى تتوعدها بالانتقام فيما نادى أخرون بالاستمرار بالقتال "حتى الانتصار".

 
 

  كلمات مفتاحية

احتكار المآسي في أولمبياد الضحايا العرب