استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الصين لن تتعافى!

الأحد 16 فبراير 2020 09:00 ص

  • يجب التركيز على درجة عدم اليقين في مسار الأزمة التي لا يوجد ما يدل حتى الآن على أنها ستمر سريعاً.
  • كان الاقتصاد الصيني في وضع هش بشكل غير عادي بسبب تأثير التوترات التجارية مع أميركا.
  • يمر اقتصاد الصين عبر عملية تحول تنموي صعبة أسقطت العديد من البلدان قبل الصين في «فخ الدخل المتوسط».
  • الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا بالصين والاقتصاد العالمي ليست سهلة الاحتواء ومؤقتة ويمكن التعافي منها بسرعة.
  • يرى كثيرون أن أفضل نهج تحليلي هو النظر إلى الأزمة على أنها تحت السيطرة، ومؤقتة ومعالجة آثارها الاقتصادية ممكنة.

*     *     *

حتى في الوقت الذي تكافح فيه السلطات في مختلف دول العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا، فإن الأسواق ترسم التأثير الاقتصادي في الصين في منعطف حاد على شكل الحرف «V»، قوامه تباطؤ في النمو في الربع الأول يتبعه انتعاش قوي في الثاني.

وانطلاقاً من هذه المسلمات يرى الكثيرون أن أفضل نهج تحليلي هو النظر إلى الأزمة على أنها تحت السيطرة، ومؤقتة ومعالجة آثارها الاقتصادية ممكنة.

أنا على يقين من أن هذا هو النهج الصحيح، إذ لا يمكن للاقتصاد العالمي - وخاصة تلك البلدان التي تمتاز بديناميات نمو أكثر هشاشة - تحمل الصدمة الكبيرة التي لها آثار سلبية جيوسياسية ومؤسسية. ومن قال إنه ما زال من المبكر الإعلان بثقة عن تطور مسار الأزمة على شكل حرف «V» فإذا أخذنا في الاعتبار صعوبات الوقف الفوري لانتشار الفيروس في الصين وخارجها، فإن خطر اتخاذ مسار الأزمة شكل الحرف «U» أو الحرف «L» خلال عام 2020 لا يمكن استبعاده وتبقى احتمالاته مرتفعة جداً.

ومما يزيد من الشعور بعدم اليقين فيما يخص الاقتصاد الصيني بشكل خاص، الطبيعة متعددة الجوانب لهذه الصدمة الأخيرة. فعلى سبيل المثال، تنطوي على انقطاع حرج في جانبي العرض والطلب يؤثر بقوة في قطاعي التصنيع والخدمات؛ وهذا يعطل التجارة الداخلية والخارجية.

وعلى أرض الواقع، تجلى ذلك من خلال توقف ديناميات اقتصادية متتالية بشكل مفاجئ، تركزت بداية في المقاطعة التي تم فيها تحديد ظهور الفيروس للمرة الأولى.

وكانت النتيجة وقف النشاط الاقتصادي، سواء الإنتاج والاستهلاك، وكذلك حركة الأشخاص والبضائع. وظهرت في المرحلة التالية مؤشرات الشلل الزاحف على النشاط الاقتصادي في أماكن أخرى من الصين، وتعطيل التجارة الداخلية، والتجارة والسفر.

وهناك اليوم أدلة متزايدة على انتشار التأثير في بقية دول العالم. ومن الأمثلة الطارئة وقف أنشطة شركات مثل آبل وإيكيا في الصين؛ وتراجع مبيعات شركات أخرى مثل «باربري» بنسب تصل إلى 70% أو أكثر.

وحذرت شركة «فيات - كرايسلر» من أنها قد تضطر إلى وقف الإنتاج في أحد مصانعها الأوروبية بسبب مشكلات سلاسل التوريد. وأوقفت العديد من الدول رحلاتها الجوية إلى الصين ووضعت قيوداً على القادمين من هناك؛ بينما يتم الحجر الصحي على ركاب السفن، بما في ذلك في اليابان. والقائمة تطول.

وتعرض الاقتصاد العالمي لآخر تجربة في التوقف المفاجئ في ديناميات النشاط الاقتصادي على نطاق واسع في عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية. وفي ظل غياب خطر التعامل مع الطرف الآخر وتراجع أهمية فاعليات السوق الأساسية مالياً، توقف النشاط المالي بشكل حاد. واتجه الاقتصاد العالمي بسرعة نحو كساد طويل الأمد لولا تدخل البنوك المركزية كوسيط لاستئناف الأنشطة المالية وإعادة ربط الأسواق المتعثرة.

يبدو أن الديناميات الناتجة على شكل الحرف «V» تؤثر حالياً في كثير من المراقبين عندما يتعلق الأمر بتقييم الصدمة المرتبطة بفيروس كورونا. المبررات الأكثر شيوعاً هي أن معدل الإصابة في الصين قد بلغ ذروته وسوف ينخفض بسرعة، والحالات خارج الصين محدودة؛ ويجري تطوير اللقاحات بسرعة؛ والبنوك المركزية، بدءاً من بنك الشعب الصيني، قادرة ومستعدة لضخ سيولة هائلة لدعم الميزانيات العمومية وتسريع الانتعاش الاقتصادي.

وبقدر ما آمل أن يحدث هذا بسرعة، أتذكر كيف يتم تعليم الاقتصاديين في وقت مبكر من حياتهم المهنية أن أسواق السلع تستجيب ببطء أكثر من الأسواق المالية. وهذا ينطبق على فيروس كورونا. لقد بدأت الصدمة المفاجئة الأولية بشكل أبطأ وتدريجي مقارنة بما شهده الاقتصاد العالمي خلال الأزمة المالية. وأخشى أن الأمر قد يستغرق وقتاً أطول لاستئناف النشاط الاقتصادي بعد أن يصاب في الصميم.

كما أخشى أن لا يعير العديد من المحللين ما يكفي من الاهتمام للفوارق الملحوظة بين تعطل الأنشطة المالية و تعطل الأنشطة الاقتصادية المفاجئة. وبدلاً من توصيف الحالة بأنها منعطف سريع لا يستغرق التعافي منه وقتاً طويلاً، أي الحرف «V»، يجب على خبراء الاقتصاد انتظار المزيد من الوقت حتى تتكشف أدلة تؤكد على مدى تأثير الأزمة في الاقتصاد الصيني، وهو اعتبار أصبح أكثر أهمية من خلال ملاحظتين:

أولاً، كان الاقتصاد الصيني في وضع هش على نحو غير عادي بسبب تأثير التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

ثانياً، أنه يمر عبر عملية تحول تنموي صعبة أسقطت العديد من البلدان قبل الصين، في «فخ الدخل المتوسط».

كل هذا يشير إلى أنه من السابق لأوانه التعامل مع الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا في الصين والاقتصاد العالمي باعتبارها سهلة الاحتواء ومؤقتة ويمكن التعافي منها بسرعة. بدلاً من ذلك، يجب على المحللين وخبراء الاقتصاد التركيز على درجة عدم اليقين في مسار الأزمة التي لا يوجد ما يدل حتى الآن على أنها ستمر سريعاً.

  • د. محمد العريان - خبير اقتصادي كبير الاستشاريين بمجموعة "أليانز"

المصدر | بروجيكت سينديكيت

  كلمات مفتاحية