إندبندنت: كيف تعرقل استراتيجية ترامب جهود التطبيع؟

الأحد 16 فبراير 2020 08:21 م

عندما ألقى رئيس مجلس الأمة الكويتي، "مرزوق الغانم"، نسخة من "صفقة القرن" التي طرحها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في صندوق القمامة، أمام مئات البرلمانيين العرب، كانت تلك إشارة حاسمة في هذا التوقيت.

ليس لطبيعة تلك الحركة، ولكن لأنها تتعارض مع اتجاه زيادة العلاقات مع (إسرائيل) الذي يبرز من دولة عربية إلى الأخرى.

وخلال زيارة قام بها إلى أوغندا مؤخرا، أجرى "بنيامين نتنياهو" محادثات مع "عبدالفتاح البرهان"، رئيس المجلس السيادي السوداني، وبعد وقت قصير من ظهور الأخبار حول الاجتماع، قال التليفزيون الإسرائيلي إن "نتنياهو" اقترح ترتيبا للحكومة المغربية من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة للاعتراف بمطالب المغرب في الصحراء الغربية، في مقابل قيام الرباط بتحسين العلاقات مع (إسرائيل).

ونقلت العديد من وسائل الإعلام عن مسؤولين أمريكيين سابقين أنه سيجري توقيع معاهدة عدم اعتداء بين الدول العربية و(إسرائيل) كخطوة تالية لـ"خطة سلام" "ترامب".

والسؤال الآن لدى كل مسؤول وناشط عربي مهتم بتطورات ملف التطبيع في المنطقة: "من التالي؟"، لكن السؤال يجب أن يكون مختلفا، هل مثل هذه الزيارات وكذلك التنسيق بشأن إيران وتراجع أولوية القضية الفلسطينية علامة على التطبيع الكامل للعلاقات؟ والإجابة هي: لا.

ففي حين أن عددا من الدول العربية منخرط بجدية في مناقشات دبلوماسية مع (إسرائيل)، لكن تلك الدول تضع بعض الشروط الأساسية للتطبيع من غير المرجح أن تلتزم (إسرائيل) بها.

ولا يمكن للعلاقات الدبلوماسية الرسمية وحدها أن تكون كافية، وتستضيف مصر والأردن بالفعل سفارات إسرائيلية، وتحافظان على علاقات أمنية وسياسية مفتوحة في أعقاب معاهدات السلام الموقعة بينهما منذ عقود، لكن السلام بارد إلى حد ما، ولا يزال البلدان بعيدين عن تطبيع علاقاتهما مع حكومة أو شعب (إسرائيل).

وسوف يشمل تطبيع العلاقات على المدى الطويل إقامة علاقات دبلوماسية رسمية وعامة كخطوة أولى من الاعتراف المتبادل، ثم يأتي تعزيز التعاون المكثف في مجالات الجيش والثقافة والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا والتأشيرات والجوانب الأخرى للتواصل بين الشعوب.

ويتطلب هذا قبولا جديدا داخل كل مجتمع، وتفكيكا للآراء القديمة التي ترى (إسرائيل) كعدو مقابل الاستعاضة عنها بأفكار سائدة أخرى لقبول (إسرائيل)، وسيكون هذا دائما معقدا كما يبدو.

وتلقي إدارة "ترامب" بثقلها وراء "نتنياهو"، وأخبرني الدبلوماسيون في المنطقة أنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة تستخدم نفوذها من أجل الضغط على دول المنطقة للتواصل مع الإسرائيليين كشرط أول لتحسين علاقاتهم مع واشنطن.

ويحدث هذا من خلال المماطلة بشأن رفع العقوبات المفروضة على السودان، وإغواء المغرب بحل الصراع في الصحراء الغربية لصالحها، ووعد دول الخليج بضمانات أمنية، واستخدام الدعم الدبلوماسي للضغط على مصر، وغيرها، على الرغم من أن البيت الأبيض ينكر استخدام مثل هذه التكتيكات.

وفي أعقاب تراجع اهتمام أمريكا بمنطقة الشرق الأوسط، فمن المرجح أن تجتمع السياسة الأمريكية والإسرائيلية معا على هدف واحد، لتتقلد (إسرائيل) شارة الشرطي الإقليمي الجديد الذي ستحدد الولايات المتحدة أهدافها الجديدة بشأنه.

لكن الحكومات العربية والإسرائيلية لها قيم مختلفة تماما، وستظل أوهام التطبيع داخل الدوائر الرسمية حول "نتنياهو" وأصدقائه العرب الجدد، أما في الشوارع، فتبدو الأمور مختلفة.

ومن ناحية استراتيجية، تتسم السياسة في الشرق الأوسط بالسيولة شديدة، وقد تكون سياسة العدو المشترك المتمثل في إيران خاطئة، ولكن في وقت حملة "أقصى ضغط" من قبل "ترامب" ضد طهران، أثبتت هذه السياسة فعاليتها في تقريب دول الخليج من (إسرائيل).

وينسى الكثيرون أن الغرض من العقوبات الاقتصادية المؤلمة المفروضة على إيران هو في الواقع إجبار الإيرانيين على التفاوض بشأن صفقة جديدة بشأن برنامجهم النووي مع "ترامب"، وإذا تمت إعادة انتخابه، فيمكن لـ"ترامب" التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، حتى لو بدا ذلك غير مرجح الآن.

ومن شأن هذا أن يترك ثغرات في سياسة "نتنياهو" وفجوات دبلوماسية مع عدم استمرار صلاحية رواية العدو المشترك، وعلى الرغم من أن واشنطن ستحاول على الأرجح الحد من الأضرار الدبلوماسية على (إسرائيل)، لكن أي سياسة التطبيع لن تكون قائمة على أسس صلبة كما هو الحال في الوقت الحالي.

ويثبت هذا أن أكبر عقبة ستبقى دائما هي قبول الشعب العربي، وبالرغم من محاولات وسائل الإعلام الحكومية، لا يزال الكثيرون يصرون على أنه من أجل قبول الإسرائيليين والاعتراف بهم في المنطقة، يتعين على (إسرائيل) أن تبدي رغبة حقيقية في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، على أساس تطلعاتهم لدولة ذات سيادة، ويجب أن يكون هناك تحرك بشأن أكثر الأسئلة مركزية حول المستوطنات والقدس واللاجئين والأرض.

وبالنسبة للعديد من العرب، فإن أي تقارب مع (إسرائيل) الآن هو طعن للفلسطينيين في ظهورهم.

باختصار، الواقع الآن هو أنه بعد الوقوف إلى جانب "ترامب" وهو يعلن تفاصيل "صفقة القرن"، قد يجد "نتنياهو" و(إسرائيل) أن تحقيق علاقة حقيقية بالعالم العربي أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.

المصدر | أحمد أبودوح | إندبندنت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن دونالد ترامب التطبيع مع إسرائيل

أردوغان: صفقة القرن تهديد للسلام بالمنطقة

تاريخ سري طويل من التعاون بين حكام العرب وقادة إسرائيل

جدل في غزة بسبب تطبيع بين ناشطين عبر مواقع التواصل