اقتصادات الخليج... فاتورة خسائر باهظة جراء كورونا

الخميس 5 مارس 2020 10:03 م

يتجه الاقتصاد الخليجي إلى تحقيق مؤشرات سلبية خلال العام الجاري 2020، مع تفشي فيروس "كورونا"، وارتفاع عدد الوفيات حول العالم إلى 3 آلاف من نحو 100 ألف مصاب، وهي حصيلة مرشحة للارتفاع، وتزداد بشكل يومي.

ويثير "كورونا" مخاوف من تباطؤ النمو وتفاقم حالة الركود وتراجع إيرادات النفط، وهي متغيرات تضر بشكل كبير بموازنات دول الخليج، وتكبدها خسائر فادحة.

من النفط إلى السياحة، ومن الطيران إلى الضيافة، ومن البورصة إلى الترفيه، تبرز تلك القطاعات، كونها الأكثر تعرضا للأضرار الاقتصادية التي خلفها الفيروس، وقد تتعاظم، حال استمرار تفشيه، والعجز عن إيجاد مصل وقائي أو علاج في وقت قريب.

أسعار النفط

يعد تراجع أسعار النفط أحد أبرز التداعيات الاقتصادية السلبية لفيروس "كورونا"، مع تراجع الطلب جراء إغلاق العديد من المصانع في الصين، موطن انتشار الفيروس، وأكبر مستورد للنفط في العالم.

وهبطت أسعار خام برنت، إلى أقل مستوياتها في ما يزيد على عام، نتيجة المخاوف من تراجع الطلب في الصين، وهبط سعر برميل برنت إلى ما دون 56.5 دولارا.

وبرز التراجع الحاد في تعاملات العقود الآجلة للنفط، التي بلغت مستوى 45 دولارا للبرميل في الأيام القليلة الماضية.

وتعتمد أغلب ميزانيات دول الخليج على تقديرات لسعر برميل النفط تتراوح حول 55 - 60 دولارا، ما يعني أن التراجع الحاصل سيرفع معدلات العجز المالي، ويعصف بأي مكاسب محتملة.

ووفق "ستاندرد أند بورز"، فإن سلطنة عمان أكثر المتضررين، كون حوالي 45% من صادرات السلطنة -والتي يشكل النفط معظمها- تتجه للصين، ما يجعلها الدولة الخليجية الأكثر انكشافا على التطورات في ذلك البلد.

وكانت أسعار النفط في السوق الدولية مطلع يناير/كانون الثاني الماضي ثابتة عند مستوى 66.2 دولارا لبرميل خام برنت، و61.1 دولارا للبرميل من الخام الأمريكي، أي أن نسبة التراجع في أسعار النفط بسبب كورونا بلغت 13.8% لخام برنت و14.7% للخام الأمريكي.

وتقدر "كابيتال إيكونوميكس" البحثية (مقرها لندن) أن دول الخليج الست قد تخسر نحو 40 مليار دولار من عائدات النفط هذا العام، بعد انخفاض الأسعار من نحو 70 دولارا إلى 50 دولارا للبرميل.

خسائر البورصات

وتعد أسواق المال الخليجية هي الأخرى من أكثر القطاعات تضررا جراء انتشار "كورونا"، وقد غلب عليها اللون الأحمر، وسط موجة بيع كبرى تسببت في انهيار الأسهم العملاقة.

وطالت المخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس معنويات المستثمرين، وهو ما أدى إلى توجههم نحو الأصول الآمنة، أو إجراء عمليات بيع تخوفاً من زيادة المخاطر، أو التوقف عن الشراء لمشاهدة ما ستؤول إليه الأحداث.

ويصف كبير المحللين الاستراتيجيين في أسواق المال لدى "ثنك ماركتس" للأسواق، "محمد زيدان"، ما حدث بأنه "كان هبوطا دمويا في تعاملات الأسهم الخليجية والبورصة المصرية".

ويضيف "زيدان" قائلا لـ"بي بي سي": "هذا التراجع حدث بسبب حالة الذعر التي انتابت الأسواق المالية إثر تفشي فيروس كورونا مع المخاوف التي تهدد النمو العالمي جراء انتشار الفيروس الذي أثر بالفعل على مستويات الإنتاج في الصين التي تمثل أحد أهم محركات نمو الاقتصاد العالمي".

وخلال الأحد الماضي وحده، تكبدت البورصات الخليجية خسائر فادحة قاربت 76 مليار دولار، حيث انهارت المؤشرات في جميع الأسواق وتدافع المستثمرون نحو البيع العشوائي، لذا يوصف هذا اليوم بين مستثمري البورصات بـ"الأحد الأسود".

وكانت البورصة السعودية أكبر الخاسرين من حيث القيمة السوقية، حيث تكبدت 214 مليار ريال (57 مليار دولار)، وخسرت بورصتا أبوظبي ودبي نحو 29.9 مليار درهم (8.14 مليارات دولار)، وخسرت الكويت 10.45 مليارات دولار.

ووفق تقرير أعدته شركة الاستثمارات الدولية (مقرها الكويت)، فإن خسائر بورصات الخليج، خلال فبراير/شباط الماضي، بلغت نحو 150 مليار دولار، كان النصيب الأكبر منها للسوق السعودية بنحو 82 مليار دولار.

خسائر الطيران

وامتدت تداعيات انتشار فيروس كورونا في دول الخليج، إلى حركة الطيران، مع توالي فرض المزيد من القيود على السفر والتنقل، ووقف استقبال أفواج سياحية، وإلغاء فعاليات ترفيهية ورياضية، ووقف تأشيرات العمرة.

وتشكل الدول التي انتشر فيها الفيروس أكثر من 25% من إجمالي عدد المسافرين العالميين، وبإيرادات تتعدى 20% من إيرادات الطيران عالميا.

وتشكل الدول التي بها حالات مؤكدة نحو 83% من إجمالي أعداد الركاب والإيرادات العالمية.

ويتوقع نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي للشرق الأوسط وأفريقيا "محمد علي البكري"، تكبد قطاع الطيران خسائر تصل إلى 30 مليار دولار، حال واصل "كورونا" انتشاره.

ويؤكد "البكري" تراجع مبيعات شركات الطيران في الشرق الأوسط، وأن الإيرادات ستواجه مخاطر في حال تمديد قيود السفر المفروضة في آسيا.

إكسبو 2020

وتتخوف الإمارات من استمرار تفشي الفيروس، وهو ما يهدد بقوة فرص إقامة معرض "إكسبو" الدولي، في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ويقام المعرض الدولي مرة كل 5 سنوات، ويستمر لمدة تصل إلى 6 أشهر، ويستقطب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم.

وحسب تقديرات غير رسمية، يتوقع أن يستقطب المعرض 25 مليون زائر، ويحصل على تمثيل من 192 دولة، ويتوقع المنظمون تحقيق مكاسب دائمة من هذا الحدث الصخم بما يشمل تحقيق أرباح اقتصادية تزيد عن 33 مليار دولار وخلق أكثر من 900 ألف فرصة عمل بحلول عام 2031.

ومع ظهور 28 حالة كورونا في الإمارات، والشائعات المتداولة بشأن إصابة ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" بالفيروس، من المتوقع أن تتفاقم أزمة الاقتصاد الإماراتي حال إلغاء المعرض الدولي.

ويعني إلغاء "إكسبو دبي 2020"وخسائر فادحة لقطاعات السياحة والطيران والضيافة والعقارات، والأخير شهد تهاويا في صفقاته بنسبة 41% على أساس شهري، خلال يناير/كانون الثاني الماضي.

وتعد دبي، وهي مركز لحركة التجارة، أكثر الإمارات تضررا ما لم ترفع قيود السفر، بحسب "ستاندرد آند بورز جلوبال" للتصنيفات الائتمانية.

العمرة والحج

يفاقم من أزمة الاقتصاد السعودي، الإجراءات الاحترازية التي قررتها المملكة لمواجهة كورونا، والتي شملت دخول الأراضي السعودية لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف بشكل مؤقت.

وشملت الإجراءات كذلك تعليق الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس كورونا فيها خطراً، وتعليق استخدام المواطنين السعوديين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي بطاقة الهوية الوطنية للتنقل من وإلى المملكة.

وتعني تلك الإجراءات، توجيه ضربة قاصمة لموسم العمرة خلال شهور رجب وشعبان ورمضان بالتقويم الهجري، وهو ما يوافق (مارس/آذار، أبريل/نيسان، مايو/أيار) بالتقويم الميلادي، وهي شهور الذروة للمعتمرين من مختلف دول العالم.

وبلغت أعداد المعتمرين في شهر رمضان الماضي، نحو (7.2) ملايين معتمر من خارج المملكة، فيما تجاوز أعداد المعتمرين من داخلها مليون معتمر.

وحال استمرار تفشي الفيروس، وعدم الوصول إلى مصل لعلاجه، قد يهدد ذلك فرص موسم الحج أيضا، الذي استضاف نحو 2.4 مليون حاج، العام الماضي.

وتفيد تقديرات صادرة عن مركز "بي.إم.إي ريسيرش" (إحدى شركات مجموعة فيتش للتصنيف الائتمانى)، بأن عائدات السعودية من رحلات الحج والعمرة تبلغ نحو 12 مليار دولار وتشمل حجوزات الفنادق والطيران والمواصلات والهدايا والطعام والرسوم وغيرها.

وتزداد مخاوف الرياض من أن يؤثر الفيروس على فرص استضافتها قمة "مجموعة العشرين" في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهي خسارة سياسية لا تقدر بثمن، في وقت يسعى فيه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لاستعادة نفوذه الدولي بعد فضيحة مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" بقنصلية بلاده في إسطنبول أكتوبر/تشرين الأول 2018.

إجمالا، سيكلف "كورونا" الاقتصادات الخليجية خسائر قد تصل إلى 200 مليار دولار، وفق تقديرات اقتصادية غير رسمية، ما يعني أن موازنات دول الخليجي ستعاني خلال 2020، من عجز مالي كبير، قد تمتد تداعياته إلى الأعوام المقبلة، حال استمرار العجز عن مواجهة الفيروس، وتزايد أعداد ضحاياه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا الاقتصادات الخليجية

كيف يهدد فيروس كورونا اقتصاديات الخليج؟

ثلث شركات الخليج تدرس العمل من المنزل لمواجهة كورونا 

أسواق الخليج تخسر 223 مليار دولار منذ بداية 2020

معهد التمويل الدولي: 220 مليار دولار ديون دول الخليج

شبح الركود يهدد اقتصاديات الخليج بسبب النفط وكورونا

كورونا يربك الخليجيين ويغير عادتهم المجتمعية

المونيتور: لهذا السبب ستفشل البنوك في إنقاذ اقتصادات الخليج

خسائر متوقعة بـ30 مليار دولار لشركات مقاولات الخليج