بوتين في اختبار صعب بين أردوغان والأسد

الخميس 5 مارس 2020 01:08 م

يفاخر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بنجاحه في متابعة العلاقات الجيدة مع الحكومات والجهات الفاعلة حتى تلك المتعارضة بشدة. حتى وقت قريب، قام بذلك بنجاح في سوريا. 

على الرغم من العداء المرير بين (إسرائيل) وإيران، تمكنت موسكو من العمل عن كثب مع الجانبين. وبالمثل، تمكنت موسكو من تحقيق التوازن بين الأكراد السوريين من جهة وتركيا من ناحية أخرى.

وتمكن "بوتين" من تحقيق التوازن بين تركيا ونظام "بشار الأسد" حيث يعارض كل منهما الآخر في إدلب شمال غربي سوريا. لكن ذلك انهار الآن بشكل مذهل مع تصاعد الصراع بين القوات التركية والسورية في منطقة إدلب.

يريد "بوتين" الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس النظام السوري "بشار الأسد". لكن المشكلة تكمن في أن الأخيرين يعارضان بعضهما البعض بشدة.

لقد أعلن "الأسد" بثبات عزمه على استعادة كل شبر من سوريا من خصومه، بما في ذلك المعارضة المدعومة من تركيا، التي تجمعت في إدلب بعد أن فقدت الأرض في أماكن أخرى.

بالنسبة "لأردوغان"، فإن خسارة إدلب أمام "الأسد" ستؤدي إلى موجة هائلة أخرى من اللاجئين السوريين الذين يفرون شمالا إلى تركيا التي تواجه صعوبة في استيعاب الذين فروا سابقا إلى هناك.

يعتمد نجاح موازنة "بوتين" بين الأطراف المتصارعة في وقت واحد على عدم استعداد الأطراف المعنية أو عدم قدرتها على متابعة الصراع الشامل مع بعضها البعض. 

ويهدف تقديم موسكو للمساعدة لكلا الجانبين إلى تحقيق تلك الموازنة وتحقيق مصالح روسيا بما في ذلك كسب المال عن طريق بيع الأسلحة والحصول على فوائد اقتصادية أخرى من كلا الجانبين.

بطبيعة الحال، فإن كل طرف معارض، ليس سعيدا بدعم موسكو لخصومه. لكن المنطق، كما ترى موسكو، هو أنه لا يمكن لأي منهما قطع أو تقليص العلاقات مع موسكو خشية أن تساعد روسيا خصمه أكثر. بل تأمل موسكو في أن يشجع استعدادها لدعم الأطراف المتنافسة في تحقيق مصالح روسيا من خلال ما يقدمه كل جانب من تنازلات. وفي معظم الأوقات، نجح نهج "بوتين".

من وجهة نظر موسكو، يدين "الأسد" ببقائه للتدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ في عام 2015. كان نظام "الأسد" يتعرض لتهديد خطير حتى ذلك الحين بالرغم من المساعدة الهائلة التي تلقاها من إيران و"حزب الله" والميليشيات الشيعية الأخرى. وفقا لهذا المنطق، على "الأسد" ألا يفعل أي شيء يخاطر بعلاقته مع موسكو.

وبالمثل، فإن عداء "أردوغان" المتزايد تجاه أمريكا وأوروبا، وهو ما شجعه "بوتين"، يجب أن يؤدي إلى جعل تركيا أكثر اعتمادا على روسيا. لقد فعل "بوتين" الكثير بالفعل لاستيعاب المصالح التركية في شمال سوريا. ومع اعتماد الاقتصاد التركي على إمدادات الغاز الروسي وكذلك التجارة، ينبغي على "أردوغان" أيضا ألا يجازف بعلاقته مع "بوتين".

وتعتبر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها روسيا على تركيا بعد أن أسقطت القوات التركية طائرة عسكرية روسية في أواخر عام 2015 بمثابة تحذير لأنقرة. 

لسوء الحظ بالنسبة "لبوتين"، لا يبدو أن "الأسد" ولا "أردوغان" يتقبلان منطقه الآن.

إن حقيقة أن التدخل الروسي أنقذ نظام "الأسد" وأعاد فرض حكمه على معظم سوريا جعلت "الأسد" في وضع أقوى بكثير مما كان عليه سابقا لمحاولة استعادة إدلب.

وبالمثل، فبدلا من اعتبار تركيا بحاجة لروسيا أكثر من حاجة روسيا إلى تركيا كما يعتقد "بوتين"، يرى "أردوغان" أن روسيا بحاجة إلى تركيا أكثر. إن زيارة "أردوغان" الأخيرة لأوكرانيا وبيان دعمها لها وكذلك حماس "أردوغان" مؤخرا لحلف "الناتو" يدل على أن "أردوغان" يعتقد أن "بوتين" لديه ما يخسره من خلال إزعاجه في سوريا.

علاوة على ذلك، بما أن كلا من "أردوغان" و"الأسد" يعتقدان أن لكل منهما مصالح حيوية على المحك في إدلب، فلا يرغب أي منهما في التراجع على الرغم من رغبة روسية حقيقية في حل يناسبهما.

وبدلا من الحفاظ على علاقات جيدة مع الطرفين المتعارضين كما كانت في الماضي، تواجه موسكو الآن احتمال فقدان النفوذ مع أحد الخصوم أو حتى كليهما. وتشير التقارير إلى أن تركيا غاضبة بسبب ما تعتبره دعما روسيا لهجمات النظام السوري ضد القوات التركية، كما أن دمشق غاضبة أيضا بسبب ما تعتبره دعما روسيا غير كاف.

لا تستطيع روسيا حقا السماح لتركيا بهزيمة قوات النظام في شمال غرب سوريا؛ لأن ذلك ينطوي على خطر تحفيز المعارضة لها في أي مكان آخر في سوريا. 

لكن مساعدة نظام "الأسد" في محاربة القوات التركية قد تورط روسيا في صراع أكبر وأطول مما يريد "بوتين". 

ومع ذلك فإن الضرر الذي لحق بالعلاقات الروسية التركية قد يكون هذه المرة غير قابل للإصلاح. إن توازن "بوتين" بين "أردوغان" و"الأسد" ربما لم يعد مستداما.

المصدر | مارك  كاتز/ريسبونسبال ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلاديمير بوتين العلاقات التركية الروسية معركة إدلب

تركيا وروسيا.. المواجهة المؤجلة!

جوتيريش: نأمل أن يقود اتفاق تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار 

بلومبرج: بوتين غاضب من الأسد لهذا السبب

خلال لقائه الأسد.. بوتين يمتدح إجراءه حوارا مع المعارضين