ماذا بعد الاتفاق التركي الروسي حول إدلب؟

السبت 7 مارس 2020 05:51 م

توصل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ونظيره التركي "رجب طيب أردوغان" إلى اتفاق جديد لوضع حد للقتال في إدلب. لكن الاتفاق نفسه يجعل الأوضاع مرشحة لجولة جديدة من التصعيد. وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت العلاقات التركية الروسية اختبارا لمتانتها، وكانت هناك حاجة لجهود دبلوماسية شخصية من قبل الرئيسين لتخفيف حرارة التوترات. ومع ذلك، لم يتم التغلب على الخلافات الأساسية بين موسكو وأنقرة حول سوريا بعد.

وقال "بوتين" لـ"أردوغان" في تصريحاته الافتتاحية، عندما جلس الزعيمان في الكرملين في 5 مارس/آذار: "لقد تدهور الوضع في منطقة إدلب في سوريا لدرجة أننا بحاجة إلى إجراء مناقشة مباشرة وشخصية".

وأضاف: "بادئ ذي بدء، أود أن أعرب عن خالص تعازينا لوفاة أفراد من جيشكم في سوريا. إن الخسائر في الأرواح دائما ما تكون مأساة كبيرة. وللأسف، كما قلت لك عبر الهاتف، لم يكن أحد، بما في ذلك جيش (النظام) السوري، على علم بموقع قواتك. وفي الوقت نفسه، كانت هناك خسائر بين الجنود السوريين أيضا".

وكانت قوات النظام السوري قد أعلنت عن خسائر كبيرة، كما أشار "بوتين" لذلك كما لو كان يحاول إبعاد شبهة أن موسكو لا تهتم بحليفها وتتصرف بطريقة أنانية. وفي الأسبوع الماضي، تم قتل ما لا يقل عن 34 جنديا تركيا في غارة جوية، وردت تركيا بقتل عدد كبير من قوات النظام السوري.

وقال "بوتين" لـ "أردوغان": "نحتاج إلى مناقشة كل شيء، وتحليل التطورات الحالية، حتى لا يحدث هذا مرة أخرى، ولكي لا يضر هذا بالعلاقات التركية الروسية، التي أعرف أنك تقدرها أيضا"، مؤكدا على أهمية العلاقة الثنائية لكلا البلدين خارج إدلب.

وتشير نبرة "بوتين" ورسالته إلى أن موسكو مهتمة بعلاقتها مع تركيا، لكنه أيضا لم يكن مستعدا للتضحية بسوريا لاسترضاء طموحات تركيا.

وقبل المحادثات، قال السكرتير الصحفي للكرملين "ديمتري بيسكوف" إنه يتعين على "بوتين" و"أردوغان" تسوية عدد من القضايا الحاسمة التي لم يتفق عليها فريقهما.

وصرح "بيسكوف" للصحفيين، في 4 مارس/آذار، قائلا: "توجد خطط لمناقشة أزمة إدلب مع أردوغان. ونتوقع أن يتم التوصل إلى تفاهم بشأن تلك الأزمة وأسبابها وتداعياتها، ومجموعة التدابير المشتركة اللازمة لإنهائها".

ويعني هذا التصريح أن روسيا تعتقد أن الأزمة اندلعت بسبب عدم قدرة تركيا على الوفاء بالتزاماتها بطرد جماعة "هيئة تحرير الشام" من منطقة خفض التصعيد. ومع ذلك، تدرك موسكو أن ما حدث في الأيام القليلة الماضية كان مؤلما لـ "أردوغان" سياسيا، وكان كارثيا بالنسبة لتركيا في إطار المجال الإنساني من حيث تدفق اللاجئين، لذلك عبرت روسيا عن استعدادها للمساعدة في وقف التصعيد والتفكير في طرق للتقدم.

ويعكس ذلك أيضا المبادئ الـ 3 التي تتبعها روسيا في التعامل مع نظير صعب مثل تركيا. أولا: إظهار التعاطف مع القضايا الحساسة والمهمة للأمن التركي. ثانيا: تحديد الخطوط الحمراء الخاصة بها بوضوح وترك ممر لفرص التعاون في المستقبل بشأن هذه القضايا. ثالثا: الاستفادة من الأخطاء التي ارتكبتها الأطراف الأخرى التي يعد موقفها مهما بالنسبة لأنقرة، مثل الولايات المتحدة، واستخدم التباين لمصلحتها.

وأنتجت 5 ساعات و45 دقيقة من المحادثات بين روسيا وتركيا مجموعة متواضعة من النتائج. ومع ذلك، فمن الواضح أن الوصول لأي من النقاط الـ 3 التي وقع عليها الرؤساء فيما يسمى رسميا "البروتوكول الإضافي لمذكرة استقرار الوضع في منطقة التصعيد بإدلب" لم يكن سهلا، خاصة بالنسبة للجانب التركي.

وفي النهاية، وافق "بوتين" و"أردوغان" على وقف جميع الأعمال العسكرية على طول خط التماس ابتداء من الساعة 12:01 من صباح 6 مارس/آذار. وإنشاء ممر آمن بطول 6 كيلومترات شمال وجنوب الطريق السريع "إم 4"، وإطلاق دوريات تركية روسية مشتركة على طول الطريق السريع "إم 4" على بعد 2 كم إلى الغرب من "سراقب" وصولا إلى "عين الحفار"، وذلك ابتداء من ١٥ مارس/آذار.

ويناقش الجيشين الروسي والتركي سبل تحقيق الممر الآمن ​​على طول الطريق السريع "إم 4" خلال 7 أيام.

وربما كان أحد أبرز الأشياء التي لم يذكرها البروتوكول هو الطريق السريع "إم 5". وقد يشير هذا إلى أنه يتعين على تركيا الاعتراف بالوضع الحالي. وإذا كان الأمر كذلك، فقد تكون هذه هي الخطوة الأساسية نحو سيطرة رئيس النظام السوري "بشار الأسد" على بقية البلاد، وتأمين المرور إلى الشمال.

وكانت منطقة حظر الطيران أيضا خارج الطاولة، ما يمكن اعتباره فوزا لدمشق. وتعد مسألة مواقع المراقبة التركية جنوب "إم 4" مسألة مثيرة للاهتمام يجب متابعتها، ومن المحتمل أن تكون واحدة من أصعب الأمور بالنسبة للجيشين لتسويتها.

وتشكل قضية اللاجئين حالة عدم يقين كبيرة في هذه المرحلة، لكن يبدو أن "بوتين" يمتلك الآن بطاقات للعب بها في محادثاته مع الأوروبيين كمساهمة شخصية منه في وقف تدفق المهاجرين الجدد إلى أوروبا.

ومع ذلك، يبدو الاتفاق الجديد كإجراء مؤقت.

ومن المرجح أن ينتهك طرف واحد على الأقل وقف إطلاق النار، وعلى الأرجح سيفعل الجميع، بمن فيهم الذين لم يوافقوا عليه.

ومن المحتمل أن يتم اقتحام أو التسلل إلى المنطقة الآمنة المتاخمة للطريق "إم 4" من قبل المعارضة المسلحة أو قوات النظام السوري. وقد تواجه الدوريات الروسية التركية المشتركة تحديات أمنية مختلفة، فضلا أنها لن تبدأ قبل 12 يوما، ويمكن أن يحدث خلال تلك المدة أي شيء.

ومع ذلك، كان المقصود من الاتفاق الجديد التأكيد على وقف إطلاق النار في إطار الحفاظ على العلاقات التركية الروسية، وبهذا المعنى يمكن اعتباره نجاحا نسبيا للطرفين.

علاوة على ذلك، في ظل الظروف الحالية، كان من المستحيل التوصل إلى اتفاق دائم، لأن طموحات الأطراف مرتفعة للغاية، والخطاب العام عاطفي للغاية، وكان يجب القيام بشيء ما على الأرض دون تأجيج التصعيد.

وبهذا المعنى، ربما يكون هذا الإنجاز الأدنى هو الحد الأقصى الممكن الآن. ومع ذلك، فإن حقيقة الأمر هي أن لدى كل من موسكو وأنقرة مبررا جديدا يمكن الاعتماد عليه عند اندلاع الأزمة المقبلة.

المصدر | ماكسيم سوشوف - المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الروسية معركة إدلب

أردوغان: مستعدون للرد على أي انتهاك للنظام في إدلب

الرابحون والخاسرون من الاتفاق التركي الروسي حول إدلب

تركيا تطالب روسيا بإشراكها في إدارة حقول نفط سورية

هكذا كانت إيران دافعا للاتفاق التركي الروسي حول إدلب