مدنيو سوريا الخاسر الأكبر بعد 10 سنوات من الحرب

الاثنين 16 مارس 2020 07:14 ص

 بعد مرور عشر سنوات على الحرب الدائرة في سوريا، تبدو الحصيلة ثقيلة.

فقد خلفت الحرب مأساة إنسانية وهجرة أكثر من 6 ملايين سوري، فيما لم تفلح الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، توقف معاناة المدنيين.

وتتزامن الذكرى العاشرة لبدء النزاع، مع إطلاق روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة للمرة الأولى في إدلب، تطبيقاً لاتفاق لوقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.

وحين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس/آذار 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقمع سيتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ التنظيمات الجهادية.

وبعد مرور سنوات، ما زال "بشار الأسد" على رأس السلطة، وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015، وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على 70% من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وحققت آخر تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.

وتتزامن ذكرى بدء النزاع مع إطلاق روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة للمرة الأولى في إدلب، تطبيقاً لاتفاق لوقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، وأوقف هجوماً واسعاً لقوات النظام ضد مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.

وبلغ الهجوم ذروته مع مواجهات عسكرية بين الجيشين التركي والسوري.

كما تسبب بفرار نحو مليون شخص، في أكبر موجة نزوح منذ اندلاع النزاع.

وأكدت وزارتا الدفاع التركية والروسية الأحد، تسيير الدورية المشتركة الأولى على الطريق الدولي "M4" الذي يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب، مروراً بإدلب.

وأشارت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه جرى الاتفاق بين الطرفين على "تقصير الطريق" المتفق عليها لتسيير الدوريات "بسبب استفزازات مجموعات متشددة".

موضحة أنه "جرى منح الطرف التركي المزيد من الوقت لاتخاذ إجراءات لتحييد المجموعات الإرهابية وضمان أمن الدوريات المشتركة".

وتظاهر نحو 200 شخص على الطريق الدولي جنوب بلدة النيرب في ريف إدلب الجنوبي رفضاً لمرور عربات روسية في مناطقهم، واحتجاجاً على عدم تضمن الاتفاق عودة النازحين.

  • "فقدنا كل شيء"

وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبين القتلى المدنيين أكثر من 22 ألف طفل، كما خلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.

وحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من 6 ملايين سوري داخل البلاد يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية، بينما بات أكثر من 5.6 ملايين سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش": "يدفع المدنيون الثمن الأكبر" في سوريا، حيث "لم يجلب عقد من القتال إلا الدمار والفوضى".

وأوردت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الأحد، أن أكثر من نصف المنشآت الطبية باتت خارج الخدمة، وأن مدرستين من أصل خمسة توقفتا عن العمل.

وأضافت: "رسالتنا واضحة: أوقفوا استهداف المدارس والمستشفيات، وأوقفوا قتل وتشويه الأطفال".

وفي مدينة الدانا في إدلب، حيث تقيم مع عائلتها بعد محطات نزوح عدة، تقول والدة أربعة أطفال تدعى "حلا إبراهيم" (35 عاماً): "تسع سنوات من الثورة كانت كافية لإيضاح عمق الألم الذي مرّ بنا من تهجير قسري ونزوح وقصف وشهداء".

وتضيف النازحة من مدينة حلب التي تعمل في متابعة ملف المفقودين: "فقدنا كل شيء في لحظة واحدة.. تركت جامعتي وعملي ومنزلي الذي قصف ولا أعلم حتى اللحظة شيئاً عنه".

وعلى مستوى البنى التحتية، ألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.

وووفق الأمم المتحدة، ترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم"، كما "للتعامل مع التداعيات النفسية والعقلية التي نجمت عما مروا به".

في مخيم للنازحين في ريف إدلب الشمالي، تقول "سهام عبص" (50 عاماً): "لم أر أصعب من هذه الأيام"، مضيفة: "لماذا فعلوا بنا هذا؟ الثورة تعني أن نبقى في منازلنا لا أن نتشرّد.. الطيران فوقنا وروسيا وإيران والدول كلها علينا".

  • ساحة مبارزة

وعلى مر سنوات، تحوّلت سوريا إلى ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها المنادين بإسقاط النظام بدءاً من محافظة درعا جنوباً، أدراج الرياح. 

وتنشط في سوريا، خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الموالية لهذه الجهة أو تلك.

ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها، فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات النظام.

وتنتشر في شمال شرق البلاد قوات أمريكية في مناطق سيطرة الأكراد، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة، بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم العام الماضي.

ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.

وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة إثر هجمات عسكرية استهدفت خصوصاً المقاتلين الأكراد.

ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة البلاد بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسياً.

وذكر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا "غير بيدرسن"، السبت، أن "طبيعة النزاع المروعة والمزمنة هي دليل على الفشل الجماعي للدبلوماسية". 

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

الحرب في سوريا نازحون سوريون مأساة اللاجئين السوريين نظام بشار الأسد الأزمة في سوريا

مسح أممي: حلب أكثر مدن سوريا تضررا جراء الحرب

مطالبة أمريكية أوروبية بوقف المجازر في سوريا

الأمم المتحدة: حصيلة القتلى المدنيين في سوريا تتجاوز 306 آلاف منذ 2011