استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن طوفان رسائل الكورونا

الأربعاء 18 مارس 2020 07:44 م

عن طوفان رسائل الكورونا

الاستجابة السريعة لمخاطر وتحديات انتشار الفيروس مفتاح الإدارة الناجحة للأزمة بالجامعة بعكس تباطؤ الاستجابة الحكومية.

لم تستفق الحكومة إلا مؤخرا بعد تصاعد حالات الإصابة وحالات الوفاة وأوغلت من ثم في قرارات الحظر والإلغاء والتعطيل والمنع والإغلاق.

*     *     *

صرت أستيقظ كل صباح على رسالة جديدة من جامعة ستانفورد بشأن إجراءات التعامل مع الانتشار المستمر لفيروس كورونا (كوفيد-19). فهذه رسالة جاءت قبل أسبوعين بإلغاء المحاضرات في الحرم الجامعي وتحويلها جميعا إلى نظام التدريس عن بعد (بتوظيف العديد من الوسائط الإلكترونية).

وهذه أخرى أرسلت قبل أسبوع أبلغت الأساتذة والباحثين والإداريين بالانتقال إلى أداء كل الأعمال الجامعية المتبقية أيضا عن بعد، وتلك ثالثة أعلنت وجود مصابين بالفيروس بين الطلاب تم وضعهم في العزل الصحي.

يوم السبت الماضي، خاطب رئيس الجامعة الطلاب لحثهم على المغادرة السريعة لأماكن إقامتهم في الحرم الجامعي وناشد كل القائمين على التدريس جعل امتحانات نهاية الفصل الدراسي الشتوي (يختتم في الأسبوع الثالث من مارس/آذار 2020) اختيارية تقديرا لظروف الطلاب وأسرهم.

يوم الأحد الماضي، قررت الجامعة المد الزمني لإلغاء إلقاء المحاضرات في حرمها إلى الأسابيع الأولى من الفصل الدراسي الربيعي (ينتظر أن يبدأ اعتياديا في منتصف ابريل/نيسان 2020) تحسبا لتواصل انتشار الفيروس الذي أصبح جائحة عالمية.

وعلى الرغم من أن توالي رسائل الإدارة الجامعية رتب شيئا من القلق بين الطلاب الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في وضع صعب وغير مألوف، إلا أن التوجه الواضح نحو إغلاق الجامعة وإخلاء حرمها وعدم التردد في إعلان القرارات المطبقة لذلك ساعد الطلاب من جهة على التعامل مع الأمر كواقع لا فرار منه وطمأنهم من جهة أخرى إلى أن سلامتهم وسلامة كافة العاملين في الجامعة هي الأولوية الأولى للإدارة.

كأحد القائمين على التدريس في الجامعة، تواصلت مع طلبتي لعرض المساعدة والتوافق على قرار بشأن امتحان نهاية الفصل الدراسي الشتوي وبه حاضرت عن الحركات الاجتماعية الجديدة في العالم العربي. في اللقاء الإلكتروني، توافقنا على جعل الامتحان بحثا ختاميا وعلى خفض سقف المطلوب أكاديميا في البحث تقديرا للظروف المحيطة بنا جميعا.

سبقت خطوات المواجهة الجادة لفيروس كورونا المطبقة من قبل جامعة ستانفورد كافة الإجراءات المتخذة من قبل حكومة ولاية كاليفورنيا (تقع الجامعة في شمال الولاية بالقرب من مدينة سان فرانسيسكو) وجل الإجراءات العامة التي أعلنتها إدارة دونالد ترامب والحكومة الفيدرالية.

كانت الاستجابة السريعة للمخاطر والتحديات التي يرتبها انتشار الفيروس هي مفتاح الإدارة الناجحة للأزمة في الجامعة، وتناقضت بصورة حادة مع تباطؤ الاستجابة الحكومية التي لم تستفق إلا مؤخرا بعد تصاعد حالات الإصابة وحالات الوفاة وأوغلت من ثم في قرارات الحظر والإلغاء والتعطيل والمنع والإغلاق.

(حظر السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة وألغيت كافة الأنشطة الرياضية والفنية ذات الحضور الجماهيري وعطلت المدارس في العدد الأكبر من الولايات ومنعت التجمعات الكبيرة وأغلقت المقاهي والمطاعم والمحال باستثناء محال شراء مستلزمات المعيشة والصيدليات).

غير أنني لم أعد استيقظ فقط على رسائل جامعة ستانفورد بشأن الفيروس، بل صرت محاطا برسائل إضافية قادمة من المدارس التي ينتظم بها أولادي الثلاثة في ألمانيا ومصر. في البلدين، تأخرت السلطات المدرسية في تعطيل الدراسة ولم تباشر في الاستعداد لتشغيل نظم الدراسة عن بعد وانتظرت قرارات حكومية تجلي الغموض.

خلال أيام الانتظار الماضية، واظبت إدارات مدارس أولادي على إرسال تعليمات للوقاية من كورونا والحد من انتشاره مطالبة الأهل بتوعية الأطفال واليافعين وحثهم على التعامل الجاد مع الوقاية لحماية كبار السن وذوي الأوضاع الصحية الحرجة في أسرهم وفي عموم المجتمع. ثم توالت أيضا الرسائل الإلكترونية من قبل مجموعات أولياء الأمور، إن باستخدام البريد الإلكتروني ألمانيا أو على تطبيق واتساب مصريا، لتغرقني والآخرين في سيل معلومات عن الفيروس ألمانيا وفي سيل من النكت عن الحياة في زمن «الكورونا» مصريا.

تدريجيا، عزفت عن قراءة رسائل المعلومات فقد بلغ وعي أولادي بمسؤوليتهم هم أيضا عن الحد من انتشار الفيروس درجة جيدة وبت انتظر الجديد من النكت بقليل صبر سببه الرغبة الإنسانية الأصيلة والدائمة في الاستهزاء من المخاطر والتحديات الوجودية. ثم كان أن قررت الحكومات في ألمانيا ومصر قبل أيام قليلة تعطيل المدارس والانتقال إلى دراسة عن بعد لم يتضح إلى اليوم كيفية إدارتها.

وهنا بدأت مجموعات أولياء الأمور الألمانية في تداول النكت عن المدرسين والطلاب غير المؤهلين لاستخدام التكنولوجيا المعاصرة سوى للترفيه بينما انتقل أولياء الأمور المصريين إلى إرسال مقاطع كوميدية عن المدارس والتدريس مقتطعة، من أفلام روائية من «ميس انشراح» مدرسة اللغة الإنكليزية في فيلم «الناظر» (إنتاج سنة 2000) إلى «ميس ميرفت» في فيلم «عسل أسود» (إنتاج سنة 2010) وغيرهما من المقاطع المضحكة.

وعلى الهامش، ترد رسائل إلكترونية أخرى من مجموعات الأصدقاء الذين أمارس معهم رياضة كرة القدم التي أضحت هي أيضا تمثل خطرا في زمن الكورونا ومن مجموعات الأصدقاء العرب المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية ولا هم لهم سوى السخرية من الفيروس.

ستكون هناك حياة بعد الكورونا، حتما.

* د. عمرو حمزاوي باحث بجامعة ستانفورد، أستاذ العلوم السياسية المساعد سابقا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية