استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الفيروس المعولم يصيب العولمة في مقتل

الأحد 22 مارس 2020 08:34 ص

  • ينتظر أن يعزز اليمين القومي والشوفيني نفوذه وتأثيره وأن ينكفئ مزيد من الدول على «دواخلها».
  • تكتلات دولية تتعرض للاهتزاز وبحث عن «النجاة الوطنية» بات أولوية الدولة الوطنية وإن أودى ذلك بالتزاماتها التعاقدية.
  • «الانانية الشوفينية» بدل «التضامن الأممي» تحل كقاعدة حاكمة في العلاقات الدولية مع تَخَلي الاتحاد الأوروبي والغرب عن إيطاليا!
  • لا يستبعد أن يكون شعار المرحلة المقبلة «من بعدي الطوفان» بانفجار إعصار كورونا وركود الاقتصاد العالمي وانهيار أسعار النفط.

*     *     *

 لم تبق سوى حفنة من الدول التي لم يضربها فيروس «كورونا» بعد ... أعداد متزايدة من الدول تضرب أطواق العزلة حول حدودها، بعضها تقطعت أوصاله الداخلية، وبات الانتقال من مدينة إلى أخرى، ومن حي إلى آخر، محظور تماماً ...

التكتلات الدولية تتعرض للاهتزاز، والبحث عن «النجاة الوطنية» بات أولوية الدولة الوطنية، حتى وإن أودى ذلك بالتزاماتها التعاقدية.

«القرية الكونية الصغيرة» باتت إرثاً من الماضي. «فيروس كورونا»، آخر نتاجات العولمة، يبدو أنه سيوجه ضربة نجلاء للعولمة ذاتها. والحقيقة أن البشرية ضُربت بهذا الفيروس، بعد سنوات من انحسار رياح «العولمة» ... «الحمائية»، «الانغلاقية»، «الانكفائية»، وسياسة بناء الجدران العازلة، أصبحت من ظواهر عالمنا الجديد في السنوات الفائتة.

الدول المؤسسة للسوق العالمي الواحد والتجارة الحرة، هي ذاتها، أول من شرع في فرض القيود والتعرفات واستخدام الأدوات الضريبية والجمركية لحماية انتاجها ... هي ذاتها الدول التي فعّلت كما لم يحدث من قبل في التاريخ، «سلاح العقوبات» بوصفه أداة لضبط موازين تجارتها الخارجية.

«المواطن المعولم» الذي يرتدي الملابس ذاتها، ويأكل الطعام ذاته، ويحتسي الشراب ذاته، ويدخن السجائر ذاتها، ويستخدم الهواتف والأجهزة التي تُصنعها حفنة من الشركات ذاتها، بدأ يرتد إلى هويّاته الثانوية... نزعات انفصالية تجتاح دولاً ظننا أن وحدتها أصلب من الفولاذ ( أسبانيا، بريطانيا مثالاً).

الانسحاب من تكتلات دولية (بريكسيت) والتنصل من معاهدات دولية (إدارة ترامب وتنصلها من العديد منها) صعود اليمين الشعوبي، البعض يسميه عودة النزعات الوطنية والقومية للدول الرأسمالية الكبرى، تنامي العنصرية ضد المهاجرين والوافدين الجدد واللاجئين والمهاجرين ... جميعها ظواهر سبق وأن تفشت في مجتمعات عديدة، قبل أن يداهمنا الفيروس الخبيء والخبيث.

«الانانية الشوفينية» بدل «التضامن الأممي»، تحل كقاعدة حاكمة في العلاقات الدولية ... تجربة تَخَلي الاتحاد الأوروبي والغرب الرأسمالي عن إيطاليا في محنتها غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، تنهض مثالاً على ما نقول ...

وحدها الصين، بلد المنشأ للفيروس اللعين (من دون اتهام أو عنصرية)، هبّت لنجدة «الطليان». كل أمة «تقلّع شوكها بيديها»، هذه هي القاعدة الناظمة للتعاون الدولي في زمن كورونا.

 سعي إدارة ترامب للاستحواذ على اللقاح الألماني، للحفاظ على تفوق «الرجل الأمريكي الأبيض»، واحتكار سوق الدواء العالمي، واستخدامه كسلاح في حروبها مع خصومها الكثر، عبّر بشكل مؤسف ومقلق، عن انحطاط قيم التضامن والتعاون الدوليين وأظهر الجشع بأكثر صوره بشاعة في زمن الكارثة.

 الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً، تتصدر لائحة أكثر المتضررين من جائحة كورونا. ما من دولة غربية إلا وضربت قيوداً على دخول اللاجئين وخروجهم، وأطواقاً حول مخيماتهم ومعازلهم، حتى في لبنان، البلد الذي يكاد يشهر فشله وإفلاسه، لم يتخل البعض من أبنائه عن «عنصريتهم» الفجّة!

سمير جعجع يطلب فرض أطواق العزلة والحصار على بقايا الفلسطينيين في مخيماتهم وحول مخيمات اللجوء السوري، لكأنها مناطق مصابة بالجرب أو الجذام، علماً بأن لائحة المصابين بكورونا في لبنان، لم تزدحم بالسوريين والفلسطينيين. أما بعد انجلاء غبار الكارثة، فإن من المتوقع أن يشتد هبوب الريح المناهضة للعولمة.

من المنتظر أن يعزز اليمين القومي والشوفيني من نفوذه وتأثيره ... من المرجح أن ينكفأ مزيد من الدول على «دواخلها» ... ليست مستبعداً أن يكون شعار المرحلة المقبلة «من بعدي الطوفان»، سيما وأن انفجار إعصار كورونا، يتزامن مع دخول الاقتصاد العالمي رسمياً في مرحلة ركود، وانهيار أسعار النفط.

  • عريب الرنتاوي - كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية