استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ما الذي يعزز قدر تنا على الاحتمال؟

الثلاثاء 31 مارس 2020 10:36 ص

ما الذي يعزز قدر تنا على الاحتمال؟

لكل هذه الأسباب نشعر بالقوة والقدرة على الاستمرار في التزاماتنا كمواطنين، حتى وإن كانت صعبة وثقيلة.

يتراجع منسوب القلق ويتعمق الإحساس بالثقة بقدرتنا على اجتياز هذا المنعطف غير المسبوق في تاريخ البشرية.

ما الذي يعزز قدرتنا على احتمال الحجر والحظر والتزام المنازل نحن الذين لا نأوي لبيوتنا إلا بعد نهارات حافلة بالحركة والعمل؟

*     *     *

ما الذي يعزز قدرتنا على الاحتمال، احتمال الحجر والحظر والتزام المنازل، نحن الذين لا نأوي لبيوتنا إلا بعد نهارات حافلة بالحركة والعمل والتنقل؟

سؤال يخطر بالبال، بعد توقف العالم بأسره عن الحركة، إذ لم يعد يشغله، ويحتل نشرات أخباره، سوى التقارير المصورة والجداول البيانية التي ترسم خطوط انتشار الفيروس اللعين، وتتبع أعداد ضحاياه، من مات منهم ومن شفي، ومن ينتظر على أسرة الشفاء، إن وجد لنفسه سريراً كما في بعض الدول.

أولا؛ قعودنا في المنازل ليس اختياراً، نحن مرغمون على فعل ذلك، إن لم يكن من تلقاء وعينا وحسنا بالمسؤولية الفردية والجماعية، فبفعل أوامر الدفاع والطوارئ ... لسنا أبطالاً ولا ما يحزنون، ولو أن سيف العقوبات يرفع قليلاً، لربما رأيت الاكتظاظ في الشوارع والازدحام على الإشارات الضوئية.

ثانياً؛ أننا ننظر للعالم من حولنا، وبعيدٍ عنا، فنرى الناس يفعلون في مختلف أقطاره وأمصاره، ما نفعله نحن في الأردن، طائعين ومرغمين. تنهال علينا صور كارثية من بؤر الانتشار الوبائي للفيروس، فتشحننا بالرغبة في تفادي الأسوأ، وتُلقي ببعض الماء البارد فوق رؤوسنا الحامية.

غريب وعجيب كيف غيّر الفيروس الملعون طريقتنا في مقارنة أنفسنا مع الآخرين ... قبل الجائحة، كنا نشعر بالتفوق ونحن نقارن أوضاع بلادنا بدول الجوار العربي المُبتلاة بحروبها وحروب الآخرين عليها.

اليوم، لا يرضينا سوى مقارنة أنفسنا بدول الغرب المتقدم، فنشعر بالرضى كذلك، فأوضاعنا في لحظة كورونا، أفضل من أوضاع كثيرٍ منها، وهذا مصدر من مصادر الاعتزاز والثقة بالنفس، يعيننا على الصمود والثبات والالتزام.

ثالثاً؛ أننا جميعاً، بمن فينا الشكّائين والمتذمرين، نشعر بالرضا عن أداء الحكومة ومختلف مؤسسات الدولة، ونستيقظ صبيحة كل يوم على مفاجئة سارة جديدة ... آخرها هذا الختام الاحتفالي الراقي لعملية الحجر الإلزامي التي فرضت على خمسة آلاف مواطن في أرقى فنادق الأردن، وحفل الوداع المهيب الذي أقيم لهم على أبواب فنادقهم.

مثل هذا الأداء، المصحوب بأعلى درجات الوقاية والاحتراز في الإجراءات الصحية والطبية والبيئية، يجعلنا مطمئنين إلى أنه «ليس بالإمكان أبدع مما كان»، وما كان بديعاً قولاً وفعلاً، وهذا مصدر عظيم من مصادر الثقة والطمأنينة وسبب في تعزيز روح الصمود والمقاومة والصبر والالتزام.

رابعاً؛ أن غالبيتنا الساحقة، لم يعضها الجوع أو العوز بنابه، فأساسيات إدامة الحياة متوفرة، والاستحقاقات الرئيسة للعائلة من فواتير ماء وكهرباء وأقساط وغيرها، مؤجلة.

صحيح أن ثمة تفاوت في أوضاع أسرة عن أخرى، ومنطقة عن أخرى، وفئة عن فئة، لكن الإجراءات التي اتخذتها الدولة حتى الآن، ويقظة حس التكافل الاجتماعي بين الأردنيين، تجعل قدرتنا جميعاً على الصمود والتحمّل، عالية نسبياً.

لقد شهدنا تهافتا على محلات بيع الخبز والخضروات والبقالات، لكننا لم نسجل حالة واحدة، لعمليات سلب ونهب جماعية كما حصل في دول غنية.

وأظن أن الأسبوعين الأخيرين شهدا أقل معدلات للجريمة، سرقة كانت أم اعتداءات أو مشاجرات ... ثمة إحساس عميق بالأمن والأمان، يعمقه إحساس أعمق بالرضى والقناعة، يحلان محل أحاسيس الذرع والهلع التي اندلعت فور تفشي الفيروس وشيوع الجائحة.

لكل هذه الأسباب، يتراجع منسوب القلق، ويتعمق الإحساس بالثقة بقدرتنا على اجتياز هذا المنعطف غير المسبوق في تاريخ البشرية... لكل هذه الأسباب، نشعر بالقوة والقدرة على الاستمرار في التزاماتنا كمواطنين، حتى وإن كانت صعبة وثقيلة.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية