كورونا والجيوش: خدمة الشعوب أم الإضرار بها؟

الأربعاء 1 أبريل 2020 08:00 ص

كورونا والجيوش: خدمة الشعوب أم الإضرار بها؟

بين جيش يخدم الشعب وآخر يؤذيه، لن تفوت المواطن ملاحظة الفارق وحفظ آثاره في الذاكرة الوطنية.

يبرز الفارق في دور الجيوش بين نظام مدني ديمقراطي حيث وظيفة العسكر حماية أرض الوطن ودرء الاخطار وبين نظام استبدادي عسكري.

شهدنا أداء الجيوش في أنظمة الحكم لجهة توظيفها في خدمة الشعب بمواجهة الجائحة أو تسخيرها للإمعان في الإضرار بسلامة المواطنين ومصلحة الوطن.

*     *     *

تحت وطأة التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد وما يترافق مع انتشاره من أعداد هائلة في الإصابات والوفيات، لا توفر الدول أي جهد متاح لمواجهة الجائحة سواء على مستوى الحد من انتقالها بين الاشخاص وعبر الحدود، أو على مستوى تأمين المعدات والأجهزة الطبية والأسرّة وغرف العناية الفائقة، أو كذلك على مستوى مسابقة الزمن للتوصل إلى أدوية علاجية ولقاحات مضادة.

وفي سياق هذه الجهود لم تتردد غالبية الدول في اللجوء إلى إجراءات استثنائية مخصصة لأطوار الأزمات الكبرى والحروب، وعلى رأسها استخدام الجيوش للمساهمة في تعزيز قطاع الخدمات الصحية المدنية التي باتت عاجزة عن تلبية طوفان الإصابات والوفيات. وكذلك لوضع الخبرات الطبية العسكرية، وكذلك الممرضين والأطباء ضمن وحدات الجيش، في خدمة المشافي والمصحات العامة.

وفي بلدان مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا وسواها، انتشر عشرات الآلاف من العسكريين في شوارع المدن والبلدات والقرى لتأمين حظر التنقل وتوعية المواطنين، وكذلك لبناء مشافي الطوارئ أو نقل المرضى على متن الطائرات العمودية.

وفي ظروف استثنائية مثل هذه تحديداً يبرز الفارق في دور الجيوش بين نظام مدني ديمقراطي تكون فيه الثكنات هي مقام العسكر حيث تنحصر وظائفهم في حماية أرض الوطن ودرء الاخطار التي تحيق به، وبين نظام استبدادي عسكري التكوين يكون فيه الجيش هراوة قمع مرفوعة ضد وجه الشعب وأداة لحماية النظام وإبقاء شبكات الولاء والفساد.

ولقد شهدنا أداء الجيوش في هذين النمطين من أنظمة الحكم، سواء لجهة توظيفها في خدمة الشعب على مختلف الأصعدة في مواجهة الجائحة، أو لجهة تسخيرها للإمعان أكثر في الإضرار بسلامة المواطنين وتهديد مصلحة الوطن.

وعلى سبيل الأمثلة، يواصل الجيش السعودي مغامرته العسكرية المجنونة في اليمن وكأن المملكة ليست في قلب الخطوط الحمراء من حيث تفشي الفيروس، أو كأن الحصيلة العسكرية للحملة بأسرها لم تنقلب إلى هزيمة معلنة مفتوحة.

وفي مصر يلعب الجيش دور المتكتم على المعطيات الفعلية لانتشار الجائحة وأعداد المصابين والوفيات، وذلك رغم أن ضابطين برتبة لواء قضيا بسبب الفيروس وفي مرحلة مبكرة من وصوله إلى مصر.

ليس هذا فقط، بل إن الجيش يسعى إلى تجيير مآسي المصريين الصحية لصالح نظام عبد الفتاح السيسي عن طريق التغني بالحملات التي يقودها لمقاومة الجائحة، فضلاً عن التذرع بإجراءات الحماية لفرض المزيد من الرقابة على الحريات العامة وشن حملات اعتقال ضد نشطاء المجتمع المدني.

أما في سوريا فإن جيش النظام ليس مشغولاً بأي مهمة أخرى سوى قصف المشافي والمصحات ومواصلة الحرب ضد معسكرات النزوح، في بلد يعاني منذ تسع سنوات ونيف من مجازر جماعية وعمليات تدمير شاملة وحصار على المدن والبلدات وتهجير قسري، عدا عن عشرات الآلاف من السجناء في معتقلات لا تتوفر على الحدود الدنيا من الشروط الصحية في الظروف العادية فكيف حين تشيع الجائحة.

كل هذا والبلد مفتوح أمام آلاف الحجاج الإيرانيين والمقاتلين في ميليشيات الحرس الثوري الإيراني، وانتشار الفيروس في إيران لا يترك أي شك في حجم وعواقب انتقال العدوى إلى أبناء سوريا.

وبين جيش يخدم الشعب وآخر يؤذيه، لن تفوت المواطن ملاحظة الفارق وحفظ آثاره في الذاكرة الوطنية.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية