حزم التحفيز المالي.. هل تنقذ اقتصادات الخليج من براثن كورونا؟

الخميس 2 أبريل 2020 06:27 م

ضخت حكومات الخليج حزم دعم بمليارات الدولارات، خلال الأيام الماضية في محاولة لتجاوز تداعيات تفشي فيروس "كورونا"، التي طالت قطاعات حيوية وهامة، وضربت بقوة أسواق المال والاقتصاد.

وتعول دول الخليج على خطط وبرامج الدعم الاقتصادي، لحماية القطاع الخاص، وتأمين القطاع المصرفي، وإنقاذ شركات الطيران والنقل والفندقة.

وتعد المحفزات المالية، إحدى السياسات التي لجأت إليها دول العالم للحيلولة دون دخول اقتصاداتها مرحلة ركود طويل، وتضرر وإفلاس شركات عملاقة.

حزم مليارية

وتتجاوز قيمة حزم الدعم المعلنة في دول الخليج الست (السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، البحرين عمان)؛ بهدف تجاوز تداعيات فيروس "كورونا"، أكثر من 100 مليار دولار.

وبلغت حزم التحفيز الاقتصادي 30% من الناتج المحلي الإجمالي في كل من البحرين وعمان، وأكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات وقطر، وأكثر من 4% في السعودية، بحسب وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني.

وخصصت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، برنامجا تبلغ قيمته حوالي 50 مليار ريال (حوالي 13.3 مليار دولار)، يهدف إلى دعم القطاع الخاص، وخصوصا قطاع المنشآت الصغيرة المتوسطة.

وتبنى مصرف الإمارات المركزي، خطة دعم اقتصادي شاملة تبلغ قيمتها 126 مليار درهم، (حوالي 31 مليار دولار) لدعم الاقتصاد الوطني والشركات في البلاد.

واعتمدت قطر تقديم عدة محفزات مالية واقتصادية بمبلغ 75 مليار ريال قطري (حوالي 20 مليار دولار) لدعم القطاع الخاص.

وتشمل حزم الدعم، تأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص، مع فترة سماح لمدة 6 أشهر من السداد، وإعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة 6 أشهر، وإعفاء قطاع الضيافة والسياحة، وقطاع التجزئة، وقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمجمعات من رسوم الكهرباء والماء.

دعم الرواتب

وفي الكويت، اعتمد مجلس الوزراء الكويتي، حزمة اقتصادية تصل تكلفتها إلى نحو 5 مليارات دولار كمرحلة أولى بهدف مواجهة تداعيات أزمة "كورونا".

كذلك تقرر ضخ 500 مليون دينار (1.6 مليار دولار) في ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية الكويتية، لمواجهة تفشي الوباء.

وفي البحرين، جرى اعتماد قرارات وإجراءات مالية بقيمة 4.3 مليارات دينار (11.4 مليار دولار)، شملت مشروع قانون لدعم رواتب المواطنين العاملين في القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر، من خلال صندوق التعطل.

وأعلن البنك المركزي العُماني، عدة قرارات لدعم كافة البنوك العاملة بالسلطنة وشركات الصرافة والتمويل، تستهدف توفير سيولة إضافية متاحة في حدود 8 مليارات ريال (20.8 مليار دولار).

أهداف عاجلة

وتهدف حزم الدعم إلى مساندة البنوك والشركات المتضررة، ومنح قروض بدون فوائد للبنوك العاملة بالدولة، مقابل استخدام البنوك لهذا التمويل في منح إعفاء مؤقت لعملائها من شركات القطاع الخاص والأفراد، من استحقاقات سداد أصول وفوائد الديون.

وتضمنت برامج الدعم المقررة، تأمين تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ودعم رسوم عمليات البيع والتجارة الإلكترونية، ودعم خدمات الكهرباء والمياه للمواطنين والقطاعات التجارية والصناعية.

وشملت البرامج أيضا إعفاء قطاعات الضيافة والسياحة والنقل والتجزئة، من الرسوم والضرائب، وهي من أكثر القطاعات المتضررة جراء تدابير الحظر ووقف حركة السفر والتنقل.

وتعمل دول الخليج على تقديم إعانات مجتمعية، ضمن منظومة الدعم لمواطنيها، مع تزايد متوقع لنسب البطالة، وتراجع فرص التوظيف تزامنا مع استمرار الأزمة.

وإلى جانب الآثار السلبية جراء تفشي "كورونا"، تتفاقم الأزمة المالية في دول الخليج بسبب الانهيار الشديد في أسعار النفط، ووصول سعر البرميل إلى ما دون الـ20 دولارا، ما يلقي بظلال كثيفة على موازنات تلك الدول، ويجبر حكوماتها على تبني إجراءات تقشف وخفض للنفقات.

نتائج مأمولة

ورغم ذلك، تشير التوقعات بأن الاقتصاد العالمي، والخليجي بالتبعية، سيعاني مرحلة انكماش حاد، وانخفاض في النمو، مع توقع عجز كبير في موازنات الدول وانخفاض في احتياطاتها النقدية.

ويخشى خبراء الاقتصاد من امتداد أجل الأزمة خلال الشهور المقبلة ما قد يعني ارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات، وتنامي معدلات البطالة، وهو ما سيجبر الحكومات على إنفاق المزيد من الأموال على برامج الإنقاذ والدعم.

وتعول حكومات مجلس التعاون الخليجي، على الخطط المعلنة لتخفيف حدة التداعيات الاقتصادية المتوقعة لانتشار فيروس "كورونا" المستجد، وتلبية طلبات الحصول على النقد المتوقع أن تتلقاها البنوك من الجهات الأكثر تضررا.

وتسهم حزم الدعم والتحفيز في حماية القطاع المصرفي، والحد من التآكل المتوقع في قيمة الأصول البنكية، وكذلك حماية أسواق المال من الانهيار، وإنقاذ المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والحفاظ على نسب تضخم غير مرتفعة.

صدمة قاسية

لكن وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن تقلص التجارة، وتراجع الطلب المحلي والخارجي، وتعطل الإنتاج تزامنا مع هبوط أسعار النفط، كلها عوامل ستوجه ضربة قاسية لاقتصادات دول الخليج.

ومن المتوقع أن تتسبب تلك الصدمات في توجيه ضربة قاسية للأنشطة الاقتصادية في المنطقة على الأقل خلال النصف الأول من هذا العام مع احتمال وجود تبعات دائمة، بحسب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق "جهاد أزعور".

وسيفرض الانخفاض الكبير في عائدات النفط ضغوطا كبيرة على ميزانيات الدول المصدرة، ومن المؤكد أن هذه الضغوط ستمتد تلك الضغوطات إلى بقية الاقتصاد، ما يعني أن حزم التحفيز قد تكون مجرد مسكنات فقط.

ويبدو أن آثار الصدمات الاقتصادية قد بدأت بالفعل، حيث توقفت عدد من المشروعات العملاقة في دول الخليج، مع قرب تأجيل معرض "إكسبو دبي 2020"، وتعليق العمل في المرحلة الثالثة من توسعة المسجد الحرام في مكة بتكلفة 100 مليار دولار.

وحال استمرار أزمة "كورونا" حتى نهاية العام 2020، فإن دول الخليج سوف تستنزف احتياطاتها النقدية بوتيرة متزايدة وهو أمر سيكون له تبعات بعيدة المدى خاصة إذا ظلت أسعار النفط عند مستوياتها المنخفضة في الوقت الراهن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا خسائر كورونا تداعيات كورونا مكافحة كورونا عجز موازنات دول الخليج

كيف يغير كورونا سوق العمل في الخليج؟

الريال السعودي أكبر متضرر.. كورونا يضغط بقوة على عملات الخليج

المونيتور: لهذا السبب ستفشل البنوك في إنقاذ اقتصادات الخليج

توقعات بانكماش الناتج المحلي للسعودية والإمارات 4.5%

رغم تداعياته.. كورونا يفجر فرصة هائلة لدول الخليج

الخليج وكورونا.. محفظة مالية في مهب الموجة الثانية