استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اقتصاد الجائحة أو الكورونومكس... حالة الأردن

الجمعة 3 أبريل 2020 07:08 م

الكورونومكس... حالة الأردن

انكماش اقتصادي يتطلب خطة إنقاذ في الأردن من الآن.

هنالك اقتصاد جديد بحاجة لدراسة وقياس اسمه اقتصاد كورونا أو كورونومكس.

الأردن معرّض عندما تبدأ أزمة كورونا بالانفراج لضغوط اقتصادية إضافية فوق التي عانى منها قبل الأزمة.

كان الخيار يراوح بين الحرص على حياة المواطن مع خسائر اقتصادية كبيرة أو "دع الأمور تجري في أعنّتها" مقابل خسائر أقل.

*     *     *

كان الخيار في الأردن، عند انفجار أزمة فيروس كورونا، يراوح بين الحرص على حياة المواطن، مع تكبد خسائر اقتصادية كبيرة و"دع الأمور تجري في أعنّتها" مقابل خسائر اقتصادية أقل في المدى القصير.

لكن الملك عبد الله الثاني والحكومة اختارا الناس، واتخذت الحكومة إجراءات مشدّدة لتنفيذ الابتعاد الاجتماعي (Social Distancing).

وفي الوقت نفسه، أجّلت الحكومة سداد الضرائب، وقدّمت للناس سُلفاً مالية، وقدّمت دفع الرواتب، وأجّل البنك المركزي سداد قروض البنوك دون غرامات من أجل التخفيف عن الناس.

وفي المقابل، لم يقصّر رئيس الوزراء وبعض الوزراء المسؤولين في التصدّي لاحتواء أزمة كورونا.

ومع أن الإصابات وصلت، يوم الثلاثاء الموافق 29 مارس/ آذار، إلى أقل من ثلاثمائة حالة، خرج منهم مشافين نحو العُشر، ولم تحصل سوى أربع حالات وفاة، إحداها لسيدة في الثمانين من عمرها، فقد اقتنع الأردنيون بأن الحكومة تعمل لمصلحتهم.

وظهرت، كما هي العادة، بوادر النخوة الأردنية، في التكافل والتضامن، سواء في التبرّع لوزارة الصحة التي أصبح وزيرها، الدكتور سعد جابر، رمزاً وطنياً، لتفانيه، وسعة حيلته وحلاوة لسانه، وصدقه في المخاطبة.

وسعت الحكومة أيضاً إلى تسهيل الأعمال، وتنظيم إدارة إيصال البضائع إلى أصحابها. وفي المقابل، كان هنالك تشدد في التعامل مع المخالفين. ونظراً إلى زيادة أعداد الأشخاص في مراكز الإصلاح أو الإيقاف المؤقت، فقد أطلق سراح كثيرين ممن أمضوا فترةً من حكم السجن عليهم، ومن أصحاب المخالفات المالية حتى لا تكتظ السجون، وتكون مصدراً لنقل العدوى.

والتزمت الحكومة عبر وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، أمجد العضايلة، الشفافية في التعامل، وفِي تقديم المعلومات يومياً في مؤتمر صحافي. وكذلك نظمت حقوق العمال، والدوام للمحالّ، والبنوك حتى يحصل الناس على حاجاتهم.

أعطى الشعب الأردني، الناقد والجريء عادة، إدارة الأزمة التي قامت بها الجهات الرسمية من القصر الملكي إلى الوزارة إلى المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والعاملين في الميدان، وخصوصاً أبطال الخدمات الصحية والتعقيم، ثقة عالية لم تحققها أي حكومة في آخر نصف قرن. وهذا رصيد كبير ومهم.

في المقابل، الأردن معرّض، عندما تبدأ أزمة كورونا بالانفراج، لضغوط اقتصادية إضافية، فوق التي عانى منها قبل الأزمة. فحتى أواخر عام 2019 كانت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية (الكلية) تمشي في حالة تراجع.

فالنمو الاقتصادي عام 2019 كان أقل من 2%، ومعدل دخل الفرد تراجع بنسبة نصف بالمائة، والبطالة قاربت 20%، ونسبة الفقر ارتفعت إلى ما يقارب 14%، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى ما يقارب 99%.

ومع ذلك، فاوضت الحكومة صندوق النقد الدولي (IMF) وحصلت منه على قرض ميسَّر نسبياً بقيمة 1.3 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، في مقابل إجراءات تصحيحية، على الحكومة أن تتخذها. لكن هذا كله كان قبل كورونا.

لكن كما نلحظ في كل أقطار العالم تقريباً، هنالك اقتصاد جديد بحاجة إلى دراسة وقياس، اسمه اقتصاد كورونا أو ما اخترت أن أسميه (Coronomics).

وتشير الكورونومكس إلى النتائج الاقتصادية المترتبة عن حالة طارئة تصيب العالم، وتدفع إلى العزلة، وتعطل عمليات إنتاجية وتوزيعية كثيرة، وتجعل وسائل الترابط الاقتصادي الدولية والإقليمية مصدر قطيعة وعزلة مفروضة.

وتعطل كل ما اعتاده الناس من سلوكيات حماية، وتضع سلوكيات المنازل والأسر في صدارة المؤشر والمؤثر الأساسي، بدلاً من سلوكيات وسياسات القطاع العام أو القطاع المنتج والأسواق.

وبسبب اندلاع هذه الأزمة، فإن أثرها سيتحدّد بطول مدتها. وكلما طالت المدة، ارتفعت كلف التعايش معها. والطلب سيتسيد الموقف مقارنةً بالعرض. فالبيوت والأسر ستتبع سياسة ترشيد الاستهلاك وتوجيهه نحو الضرورات، وستسعى، إن طال أمد الأزمة، إلى الاعتماد على الإنتاج المنزلي.

ولهذا التحول في الاستهلاك والإنتاج آثار عديدة، أهمها تراجع دخل الحكومات من الضرائب على المبيعات، والجمارك، ورسوم نقل الملكية للأصول الثابتة. وسيقلّ استهلاك الناس من الكهرباء، والماء، والكماليات، وينحصر في الضرورات، حيث نسب الضرائب منخفضة.

وفي المقابل، فإن محال تجارية وصناعات كثيرة تبيع سلع الاستهلاك الدائم وتنتجها، كالأجهزة المنزلية الكهربائية، والأثاث، ستتراجع. وكذلك سيتراجع بيع العقار والأراضي والمركبات. وهكذا ستجد الحكومات نفسها، ومنها الأردن، تعاني الأمرّين، من تراجع الإيرادات وزيادة النفقات بشكل طفيف.

وستشهد أسواق البورصة تراجعاً في التداول وفِي الأسعار، والسبب تراجع أسعار أسهم الشركات المساهمة العامة، باستثناء البوتاس والفوسفات والأسمدة، بسبب التركيز الذي سيجري على قطاع الزراعة، لتحقيق أعلى نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتي في الغذاء.

كذلك ستنتعش شركات الأدوية، وشركات التصنيع الغذائي. وأما باقي الشركات فستشهد أسهمها تراجعاً.

ولو افترضنا أن الأزمة طالت شهرين إضافيين، أو حتى نهاية شهر مايو/ أيار، فإنني أقدر أن المؤشرات الرئيسيّة في الأردن ستكون كما يأتي:

- ارتفاع نسبة العجز في الموازنة إلى 25% من النفقات، على الرغم من تقلصها.

- زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 99% إلى 101%.

- زيادة البطالة خصوصاً في صفوف القطاع الخاص إلى حوالى 28% - 30%.

- زيادة نسبة الفقر إلى 22%، وبقاء الميزان التجاري على حاله دون زيادة.

- أما ميزان المدفوعات، فقد يعاني من زيادة في العجز، قد تصل إلى أكثر من 5%.

- أما الناتج المحلي الإجمالي، فسيتراجع بنسبة 1.5% إلى 2.0%.

- معدل دخل الفرد سيتراجع من 2.5% إلى 3.0%.

هذا هو الانكماش الاقتصادي الذي يتطلب خطة إنقاذ في الأردن من الآن.

* د. جواد العناني خبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

ملياردير أردني لرجال الأعمال: حطوا إيديكم بجيوبكم وادفعوا

تمديد إغلاق الهيئات الحكومية بالأردن لنهاية أبريل