كورونا يهدد ليبيا بعد عام من هجوم حفتر على طرابلس

الأربعاء 8 أبريل 2020 04:21 م

قبل عام واحد بالضبط، شنت قوات الجنرال الليبي المتقاعد "خليفة حفتر" هجوما نحو الغرب على طرابلس، للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في ليبيا.

كان الهدف من الحملة أن تفاجئ الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها لتحقيق انتصار حاسم، وربما بدت هذه الخطة ممكنة قبل 12 شهرًا نظرًا للانقسام الداخلي والضعف والاختلال الوظيفي في حكومة الوفاق الوطني في ذلك الوقت.

هجوم فاقم الصراع

ولكن بعد عام من هجوم "حفتر"، فشل ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" في غزو العاصمة الليبية، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى التدخل العسكري التركي في ليبيا.

ومع ذلك، لم يستسلم "الجيش الوطني الليبي"، ولا يزال النزاع محتدمًا حيث ما يزال "حفتر" يحاول الاستيلاء على طرابلس.

طوال العام الماضي، تحطمت ليبيا بشكل أكبر، كما أن آفاق الحل السياسي للأزمة الليبية بعد 9 سنوات من سقوط نظام "القذافي" أصبحت أكثر خفوتًا من أي وقت مضى.

قبل أن يبدأ "حفتر" حملته، كانت الحرب الأهلية في ليبيا تتجه للهدوء، وكان هناك بعض التفاؤل بشأن حوار بين الجانبين يمكن أن يؤدي إلى حل للصراع.

ومع ذلك، فقد تلقت الآمال ضربة قاصمة بمجرد إعادة اشتعال الحرب في 4 أبريل/ نيسان 2019، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، أدى القتال المتجدد إلى مقتل ما يقرب من ألف شخص وتشريد 150 ألف شخص.

أبلغت منظمة العفو الدولية عن الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الموالية لـ"حفتر"، كما وثقت المنظمات الحقوقية الغارات على المستشفيات الميدانية والاستخدام العشوائي للذخائر في الأحياء المدنية المكتظة بالسكان، إلى جانب الهجمات على مطار معيتيقة.

لم يكن هناك حافز كبير لتقديم تنازلات نتيجة للتدخل الأجنبي، بما في ذلك توريد الأموال والأسلحة والمرتزقة لكلا الجانبين، وبفضل الدعم المالي الضخم والأسلحة المتطورة تقنيًا، تسبب الرعاة الخارجيون لحكومة الوفاق و"حفتر" في مواصلة القتال بغض النظر عن التكاليف التي تكبدها الليبيون واللاجئون اليائسون والمهاجرون الآخرون من منطقة الساحل الأفريقي ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين يحاولون شق طريقهم إلى ملاذ آمن في أوروبا.

دور الأطراف الخارجية

ويعتقد أولئك الذين يقاتلون من أجل بقاء الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها أنهم سيواجهون التعذيب والاعتقال إلى أجل غير مسمى - إن لم يكن الإعدام - إذا سقطت طرابلس في يد الضابط العسكري السابق لدى "القذافي" والذي تحول إلى زعيم معارضة مدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

بدعم تركي؛ تشن القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني هجومًا مضادًا يسمى "عملية عاصفة السلام"، لم تمنع القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق فقط "الجيش الوطني الليبي" من غزو طرابلس، ولكن الطائرات المسيرة التركية استهدفت أيضًا قوات "حفتر" بشكل أبعد وصولًا إلى الأراضي التي يسيطر عليها "الجيش الوطني الليبي".

في غضون ذلك، يتلقى "حفتر" دعما كبيرا من رعاته، وخاصة الإمارات.

كرست أبوظبي على مدار العام الماضي المزيد من الموارد لليبيا مقارنة باليمن (بشكل مباشر وغير مباشر) حيث كانت تلعب في السابق دورًا رئيسيًا في الحملة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

يخشى المسؤولون في أبوظبي -الذين يرون وجود تهديد في جميع أشكال الإسلام السياسي تقريبًا- السماح للقوات التابعة لجماعة "الإخوان المسلمين" بتعزيز موقعها في ليبيا، إذا هدأت المعارك.

كانت ليبيا ضحية الامتداد الإقليمي لأزمة مجلس التعاون الخليجي الحالية إلى حد كبير، حيث تدعم أبوظبي والرياض والقاهرة "حفتر" لأسباب عديدة، أحدها هو اهتمامهم المشترك بمنع ليبيا من أن تصبح طرفًا آخر في المحور القطري التركي.

ونظرًا لأن الطائرات التركية المسيرة والقوات التركية، بالإضافة إلى المرتزقة السوريين الذين ترعاهم أنقرة، قد فعلوا الكثير لتقويض موقف "حفتر" في الأشهر الأخيرة، يبدو أن أبوظبي مصممة على الانتقام فيما يتجاوز الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات.

استغلال "كوفيد-19"

مع انتشار "كوفيد-19" بسرعة، يجعل الصراع الليبي المستمر الليبيين - وخاصة النازحين والمهاجرين - أكثر عرضة لهذا الوباء العالمي.

من المفجع أن نداء الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" لوقف إطلاق النار في جميع النقاط الساخنة حول العالم من أجل مساعدة الحكومات والمجتمعات على التعامل مع "كوفيد-19" لم يجد آذانًا صاغية في ليبيا.

لم يرفض "الجيش الوطني الليبي" إلقاء أسلحته في خضم هذه الأزمة العالمية فحسب، بل حاولت قوات "حفتر" استغلال الانشغال العالمي بانتشار "كوفيد-19" لتكثيف هجماتها على طرابلس.

ومع استمرار الصراع المعقد في ليبيا، يستمر ما سماه الخبير الليبي "جليل الحرشاوي" مؤخرا، بـ"إبادة أمة".

حذرت الأمم المتحدة من أن ليبيا "معرضة بشدة لخطر انتشار كوفيد-19 بالنظر إلى مستويات انعدام الأمن، وضعف النظام الصحي وارتفاع أعداد المهاجرين واللاجئين والمشردين داخليا".

ومع استمرار انتشار فيروس "كورونا" في جميع أنحاء العالم، من المخيف التفكير في ما يمكن أن يفعله هذا الوباء بليبيا، بالنظر إلى حدودها التي يسهل اختراقها، وحدود العديد من البلدان المجاورة لها أيضًا.

أزمة النفط

بالإضافة إلى أزمة "كوفيد-19" التي تلوح في الأفق، تواجه ليبيا مشاكل اقتصادية كبرى تفاقمت مؤخراً بسبب حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.

وبحسب "المؤسسة الوطنية الليبية للنفط"، فإن توقف النفط الليبي منذ يناير/ كانون الثاني كلفها ما يقدر بنحو 4 مليارات دولار، وسيقوض الهبوط الأخير في أسعار النفط من قدرة ليبيا على توليد الإيرادات عندما يستأنف الإنتاج.

استقال المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة "غسان سلامة"، من منصبه الشهر الماضي، في ظل استيائه من التدخل المستمر من قبل القوى الخارجية في الصراع الليبي، وقال في استقالته، التي أعلنها على "تويتر": "صحتي لم تعد تسمح بهذا المعدل من التوتر".

وعبرت خليفته "ستيفاني ويليامز"، مؤخرًا عن مخاوف الأمم المتحدة بشأن "التصعيد الكبير للأعمال العدائية على الأرض في ليبيا". ومع ذلك، فقدت الأمم المتحدة أي مصداقية من حيث القدرة على فرض إرادتها على أرض الواقع، كما يرى معظم الليبيين.

في الذكرى السنوية لهجوم "حفتر" لما دعاه بـ "تحرير طرابلس"، يعاني الليبيون من المزيد من الفوضى والعنف، ويهدد "كوفيد-19" الآن بتفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والأمنية في ليبيا إلى درجة غير مسبوقة.

المصدر | جيورجيو كافيرو/ ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قوات خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطني الليبية فيروس كورونا غسان سلامة

الوفاق الليبية: وصول سفينة من مصر تحمل إمدادات عسكرية لحفتر

ارتفاع إصابات كورونا في ليبيا إلى 35 حالة