استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المجتمع الجديد.. ما الذي حصل؟

الأربعاء 12 أغسطس 2015 06:08 ص

كنا نعتقد أن الهدوء قد خيّم على ظاهرة تفجير الشباب أنفسهم في المساجد، وأن يوم الجمعة عاد آمناً كما كان، لأننا لم نلاحظ جرائم تفجيرات جديدة، وغلب علينا الظن عندما اختفت قليلاً حوادث قتل الأبناء آباءهم وأمهاتهم وزوجاتهم وتفجير أنفسهم بعد تلك العمليات الإرهابية، لكننا فوجئنا يوم الخميس الماضي بتفجير مسجد الطوارئ في منطقة عسير، وبنفس الطريقة التي يتم فيها تفجير الإرهابيين أنفسهم، إذاً العمليات الإرهابية عادت من جديد، ونتوقع أن تستمر سلسلة جرائم مشابهة وبشكل منظم.

هذه الكوارث التي حدثت تصنف من الجرائم الكبرى التي نصت عليها القوانين الشرعية والوضعية بمختلف المقاييس، لهذا فإن الأمر يحتاج إلى دراسة جادة، وتحليل عميق للشخصيات الفاعلة، والتحقق من البيئة الحاضنة لهم، ومدى صلاحيتها من عدمها، وتقييم كل مقومات الحياة فيها، دينياً وتعليمياً واقتصادياً، وغير ذلك مما يتطلبه البحث والتقصي للدراسة والتحليل، وبالتالي نستطيع الحصول على الإجابة عن السؤال المهم الذي يتصدر العنوان.. ما الذي حصل؟

هناك شباب مسلم في عمر الزهور، فيهم نضارة الورد، وعبق الفل، ورواء الريحان، ولكنهم وبكل أسف يتسابقون إلى قتل أنفسهم، وبكل أسلحة الجريمة يقتلون غيرهم من البشر بلا أي مبرر مقنع، وبكل بجاحة يفعلون ذلك باسم الجهاد وتحت شعار الاستشهاد في سبيل الله، ويتبادر إلى الأذهان سؤال يغتسل مرارة وفي الحلوق غصة، من الذي أقنعهم بتلك الأفعال الشنيعة؟ وكيف استطاع إقناعهم؟ ولماذا صنع في السعودية؟

على الرغم من أنها -تقريباً- البلد الوحيد في العالم الذي يطبق الشريعة الإسلامية تطبيقاً فعلياً وعملياً، وتسعى الدولة بكل قوتها ومقدراتها إلى رعاية الحرمين الشريفين وزوارهما في المواسم الدينية الحج والعمرة والزيارة.

نعرف أن الحرب ضد الإرهاب أخذت أبعاداً مختلفة، الاستراتيجية منها والأمنية، وبالنسبة لبلادنا فإنها بالتأكيد نجحت بدرجة عالية في التصدي للإرهاب وأسرعت في كشف خباياه وخلاياه، واستطاعت بصورة مدهشة أن تحقق نتائج إيجابية في السنوات الأخيرة، وهذا ما جعل الإرهابيين يعيشون في ذل وهوان، ثم أعادوا تنظيم صفوفهم للبدء في جرائم جديدة ذات طابع عدواني انتقامي منظم بدءاً بالتفجير في المساجد، ولن يتوقف فعلهم عند هذا الحد، بل نتوقع أنهم سيفعلون ذلك في المجمعات الآمنة والمدارس والمستشفيات، فالإرهاب لا دين له ولا وطن ولا عقيدة، إنه يندرج تحت مسمى الجرائم البشعة العشوائية أو المنظمة.

مؤلم جداً أن تأتي الطعنة من الداخل من أبناء الوطن، فوقعها أشد فتكاً وأكبر خطراً من الأعداء في الخارج، هؤلاء الشباب الذين تم تضليلهم، وتم غسل عقولهم، على الرغم من أن تربيتهم في المدارس تربية صافية، ونشأتهم في بيئة مسلمة محافظة على عقيدة نقية تدعو إلى الحب والسلام والمودة والرحمة، ونموهم في مجتمع محافظ على عاداته وتقاليده قائم على التعاون والتواد والتراحم، ويعيشون في وطن يكرس فيهم الحفاظ على الأمن والأمان، فما الذي حصل؟ وما الأهداف التي يسعى إليها المخربون عن طريق إرهاب المدنيين وقتل المصلين في المساجد؟

نستطيع أن نتّهم الأسرة والمجتمع والأنظمة، والمنابر والتعليم والصحوة، والخطاب التكفيري، والقنوات وجميع الوسائل الإعلامية، وكل ما من شأنه الوصول إلى العقول ومخامرتها والتأثير فيها، مع عدم إعفائهم من التهمة إلا أنه يجب أن ننظر إلى الأمر برويَّة وعقلانية، فكل ما ذكرته من عوامل مشتركة لم تؤثر في جميع المسلمين، بل تبنَّى هذا الفكر الإجرامي فئة ضالة منحرفة، مغيَّبة، تلوثت عقولهم، وتبدل ولاؤهم، لا يحملون ديناً صادقاً ولا هماً وطنياً مشتركاً، بل اجتمع فيهم الجهل والحماقة فباعوا أنفسهم للشيطان، وخدموا أعداء الإسلام، ليبثوا الرعب والخوف في وطنهم ومجتمعهم الذي يحظى بالأمن والاستقرار، فإذا كانت الأهداف إضعاف اللُّحمة الوطنية، وهزيمة الروح المعنوية، وزراعة الخوف، فقد خسروا، ومن يعتقد أنه نجح فقد وهم وهماً كبيراً، لأنه وبكل تأكيد ازداد الشعب تلاحماً، وقوة، وتحملاً وصبراً، ولن ينال منه الضالون والمضلون.

الوطن أمانة، ونحن قادرون على أن نحافظ عليها، وقادرون على أن نتصدى لهؤلاء الجبناء الرعاع، نحتاج فقط إلى تكريس الوعي في المجتمع، وإلى إعادة النظر في علاقاتنا مع بعض الدول التي تحتضن الإرهاب وتخطط له وتمول عملياته، وتسعى بكل جهدها وقوتها إلى تفتيت المجتمع المسلم، ونحتاج إلى العالم الحضاري الحر كي يلتفت إلى هذا العبث الذي ترعاه بعض الدول، وعدم التهاون في تجريم هذه الأعمال التخريبية الإرهابية، اللهم ارحم الشهداء، واحمِ الوطن من كيد الأعداء.. اللهم أعد هؤلاء الضالين إلى جادة الصواب فأنت الهادي إلى سواء السبيل.

  كلمات مفتاحية

السعودية المجتمع الجديد الشباب التربية بيئة مسلمة محافظة عقيدة نقِية

المأزق العربي: حلول لم تعد ناجعة!