استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لماذا لا يأتي الرخاء؟

الأربعاء 12 أغسطس 2015 08:08 ص

ــــ 1 ــــ

أكثر من حدث يرتبط بالخيط الواصل بين الرخاء والحيرة.

العلاقة بينهما عميقة ومعقدة. وعود الرخاء يرافقها بعد قليل من إعلانها سؤال الحيرة: «.. وماذا بعد..؟ إلى أين؟».

وإذا رأيت الانتفاضة ضد الفساد في بغداد، وثورة الموظفين ضد قانون الخدمة المدنية (بعد قليل من الفرح بالقناة الجديدة)، وعلى مقربة منها الإجراءات التقشفية للسعودية، المملكة القائمة على الرشى للمواطنين كأداة حكم رئيسية، ومن بعيد أزمة النفايات في لبنان، فإنه سيكون للخط الواصل بين الرخاء والحيرة تأثير وفعالية بعد أن تهدأ زمجرة الشعارات وحروب الطوائف... هذا الخيط هو عمق كل أزمة أو معناها الوجودي.

فالرخاء وعد لسلطة تتعامل على أن الحكم «انتصار حربي»، يسري هذا على الممالك والجمهوريات، وما بينهما.

وفي الانتصار الحربي غنائم (توزع) ورخاء كالذي يعني في المعاجم: الأرض اللينة الرخوة المنتفخة التي تتكسر تحت الأقدام.

هذا المعنى يكمل صورة «المعركة» التي تُنسب للقائد فقط، وبطولاته، حيث توزع الغنائم على الطبقات المحيطة بالحاكم، أما الجنود فتشتعل خطة ترويضهم بوعود الرخاء، فيكون نصيبهم فتافيت الغنائم.

وإذا كانت السعودية (ودول الخليج) تستبدل العقد الاجتماعي بالرشى، إلا أن الجمهوريات ليست نقيضاً كاملاً. مسارح الترويض مختلفة، وبدلاً من الرشوة المرتبطة بفوائد البترول، هناك شحن متواصل لا يتوقف عن «المجد الوطني..» لترسخ مرحلة (الشد على البطن) مقدمة للرخاء الكبير الذي مثل «غودو» لا يأتي، ويتحول من جهة الناس إلى الحيرة، ومن السلطة إلى العنف... أو مزيد من العنف (حيث يصاحب خطابَ الوعد، عنف موجه ضد النقاد، أو المعارض، باعتباره عدو الشعب..).

ــــ 2 ــــ

وفي انتظار المعجزة لا شيء واقعياً في الواقع تقريباً.

كل شيء متخيل، أو رهن صناعة خيال مصاحب لبناء قاعدة تأسيسية لزعامة ملهمة. وقيادة تاريخية/ وحاكم سوبرماني.

لحظة الولادة تلك تصاحبها عواطف متضاربة، تحرّك مشاعر نائمة بضعف الناس وبؤسهم، وتجعلهم في انتظار معجزات، إما من السماء أو قصور الحكم.... وبينهما خيوط اتصال.

يتأسس كل هذا على أن المجتمع هبة الدولة.. وفي إعلاء هذا المفهوم تنتصر الدولة العجوز مرة أخرى وتضع حائطاً يمنع محاسبتها أو تطويرها... فمن سيطوّر مؤسسة تقول إنني أفعل المعجزات/ وأن كل ناقد هو حاسد أو متآمر.

وهنا المأساة في اعتبار «الفشل وطنياً...» والنقد لمؤسسات الدولة «.. خيانة وطنية».

وتكبر المأساة عندما يتحوّل الوعد بالرخاء إلى كارثة، يقابلها الناس بسؤال الحيرة، وتقابلها الدولة بتغليظ ذراعها الأمني لإتمام الترويض.

يتضخم الذراع حتى يصبح جسم الدولة كله.

ــــ 3 ــــ

وهنا فإن الظهير الاجتماعي يلغي المجتمع، وتعميم التسييس يعني إلغاء السياسة، بما يعني أن إضفاء أجواء سياسية على كل شيء، وشغل مجالات السياسة بخطابات الاستقطاب/ التخوين/المؤامرة، هي بدائل للسياسة.

كما أن الشعب يتأمم لمصلحة حزب الذين يريدون النوم بهدوء، باعتباره قمة الاستقرار، والبرنامج الأساسي لهذا الحزب هو الدفاع عن الرواية الرسمية، واعتبار نقدها عمالة وخيانة وإثارة للفتن، في تطور نفسي بالغ لمن وضعهم عالم النفس إريك فروم تحت عنوان عريض» الخوف من الحرية».

العنوان كان لدراسة عن هروب قطاعات من المجتمع الألماني من العجز والضعف والشعور باللاجدوى إلى السلطة والقوة المتحكمة في العالم... الدراسة كانت عن هروب الشعب الألماني من الحرية إلى هتلر.

الهروب إلى السلطة هو شعور جبار بالضعف والعجز، يبحث فيه المواطن عن سلطة يخاف الابتعاد عنها ويتوحد معها إلى درجة تلغي العقل والوجود وتحول الشخص إلى رد فعل هستيري تجاه كل من يجرؤ على القلق.

وهذه كارثة لا نتعلم منها أن المعجزات تصنع مجداً شخصياً، لا تبني مؤسسات ولا تنظيمات تدار بها الحياة في المدينة.

ويبدو أنه صعب جداً التعلم من كل كوارثنا ان البروباغندا لا تغيّر الواقع.

  كلمات مفتاحية

مصر العراق السعودية لبنان الرخاء الفساد بغداد التقشف الأنظمة