هل اتفاقية خفض إنتاج النفط كافية لتعافي الأسواق؟

الأربعاء 15 أبريل 2020 12:44 م

في 12 أبريل/نيسان، اتفقت "أوبك" وحلفاؤها من خارج المنظمة، أو ما يعرف باسم "أوبك+"، على خفض إنتاج رئيسي غير مسبوق قدره 9.7 مليون برميل يوميا لدعم أسعار النفط العالمية، التي تراجعت بسبب انهيار الطلب المتعلق بتفشي فيروس "كورونا".

ويمثل هذا أكثر من ضعف التخفيض اليومي الذي استهدفته "أوبك"، بدون مشاركة من هم خارج المنظمة، في خضم الأزمة المالية لعام 2008، ما يسلط الضوء على شدة الأزمة الحالية.

ونتج الاتفاق التاريخي عن التقاء المصالح بين أكبر 3 منتجين للنفط في العالم، السعودية والولايات المتحدة وروسيا، مدفوعا بالقيود التي يعاني منها سوق النفط الخام.

ومع الانخفاض الحالي في الطلب، المقدر بما يصل إلى 30 مليون برميل في اليوم أو أكثر، بسبب جائحة "كوفيد-19"، تمتلئ المستودعات بمعدلات هائلة.

وبالتالي كان من الضروري أن ينخفض ​​الإنتاج العالمي، سواء كان هناك أي نوع من الاتفاق أم لا.

وتصل نسبة كبيرة من صادرات النفط الروسية عبر خطوط أنابيب مع أوروبا، وأضعف هذا موقف موسكو التفاوضي، ما استلزم التوصل إلى اتفاق منسق في أقرب وقت.

ومدفوعا بقلقه بشأن خسائر الوظائف في صناعة النفط الأمريكية، كثف الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الضغط بشكل كبير على السعودية لعكس زيادة إنتاجها الأخيرة.

ماذا يعني ذلك؟

ومع ذلك، من المحتمل أن تثبت اتفاقية خفض الإنتاج الجديدة أنها غير كافية لوقف المزيد من الضغوط المسببة لهبوط الأسعار في الربع الثاني من عام 2020، حيث تستغرق تخفيضات الإنتاج وقتا أطول للوصول إلى المعدلات المنصوص عليها في الاتفاقية الجديدة.

وسيكون الرقم الفعلي للخفض المنسق لـ"أوبك+" أقل من 9.7 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من عام 2020.

وفي تسوية أخرى، اتفقت السعودية وروسيا على تحديد مستويات إنتاجهما عند 11.3 مليون برميل يوميا، وهو أعلى من خط الأساس السعودي خلال الربع الأول من عام 2020.

ويعكس هذا أيضا احتمال فشل العديد من المنتجين المهمين الآخرين مثل العراق وكازاخستان ونيجيريا في الامتثال الكامل لحصصهم من التخفيضات.

وأبدت المكسيك قدرتها على الالتزام بخفض صغير نسبيا، بـ100 ألف برميل في اليوم فقط، ويتناسب ذلك مع وعود الرئيس "أنطونيو مانويل لوبيز أوبرادور" لقاعدته السياسية باستعادة إنتاج البلاد بعد الانخفاضات الحادة في الأعوام الأخيرة، وإعادة تنشيط شركة الطاقة المملوكة للدولة "بتروليوس مكسيكانوس".

وعارضت السعودية في البداية الحصة المكسيكية الصغيرة من الخفض، لكن الضغط الأمريكي أجبر الرياض في النهاية على التنازل.

وأشار البيان الصادر عن اجتماع مجموعة العشرين في 10 أبريل/نيسان، بشكل غامض، إلى التعاون العالمي في التخفيف من المعروض الزائد من النفط، لكنه لم يتضمن أي أرقام ثابتة.

وقدر بيان "أوبك+" الحجم المتوقع لتخفيض الإنتاج من منتجي مجموعة العشرين من خارج "أوبك+"، أي الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، عند 3.7 مليون برميل في اليوم، ولكن بدون إطار زمني محدد. كما لم تحدد النرويج حتى الآن أي مستهدفات.

وسوف يستغرق انخفاض الإنتاج الأمريكي، على وجه الخصوص، بعض الوقت حتى يتحقق، وأظهرت أحدث توقعات إدارة الطاقة الأمريكية بشأن الطاقة على المدى القصير انخفاضا من نحو 13 مليون برميل ليصل الإنتاج إلى 11 مليون برميل يوميا، بالرغم أن هذا الانخفاض يستغرق حتى نهاية سبتمبر/أيلول ليتحقق بالكامل.

نتيجة لذلك، من المرجح أن يكون التخفيض المنسق الحقيقي ما بين 6 إلى 7 ملايين برميل في اليوم، مقابل 9.7 مليون المنصوص عليها في الاتفاقية الجديدة.

وسيؤدي هذا إلى تعرض السوق لمخاطر عالية بسبب استمرار الانخفاض في الأسعار، ويعتبر بقاء أسعار خام غرب تكساس الوسيط عند أقل من 30 دولارا للبرميل سببا كافيا لمواصلة عمليات الإغلاق لأن هذه الأسعار أقل من تكاليف التشغيل الحالية للنفط الصخري.

ماذا بعد؟

بالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن تظل اتفاقية "أوبك+" سارية خلال عام 2020، ولكن مع انخفاض المخزونات وبدء أسعار خام برنت في التعافي فوق 40 دولارا للبرميل، فإن التقاء المصالح بين روسيا والسعودية والولايات المتحدة، (وهو ما جعل الاتفاقية الحالية ممكنة في الأساس)، من المرجح أن تنحسر وتشكل تحديا لاستدامة الاتفاقية حتى بداية عام 2022.

وستواصل السعودية رغبتها في إبقاء الاتفاقية سارية المفعول خلال الربع الأول من عام 2022، لتعزيز الانتعاش إلى مستوى يجعلها قادرة على إدارة عجز ميزانيتها، وتقليل المخزون المتراكم.

وستريد الولايات المتحدة أيضا أن تظل الاتفاقية سارية حتى تصبح الأسعار مناسبة لإنتاجها، ولكن بمجرد الوصول لهذه النقطة لن تلتزم بأي قيود على الإنتاج، ومن المحتمل أن يظل هذا هو الحال إذا تم استبدال "ترامب" في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي المقابل، لن تكون روسيا حريصة على خفض المخزونات بوتيرة سريعة، بعد رؤية كيف حفزت صفقة "أوبك+" الأصلية النمو في المعروض المنافس من الولايات المتحدة وأماكن أخرى في عامي 2017 و2018.

ويتطلب النفط الصخري الأمريكي مستوى سعر بين 50 دولارا إلى 55 دولارا للبرميل حتى يعود إلى النمو من جديد.

لكن هذا النطاق قد يكون مقبولا بالنسبة لموسكو لتجنب خسارة حصتها في السوق، بالنظر إلى أن ميزانية روسيا تتعادل عند وجود أسعار النفط في نطاق 40 دولارا، كما قد تقبل روسيا تجاوز أسعار خام برنت 65 دولارا للبرميل، حيث من شأن ذلك أن يحفز طفرة الاستثمار لديها.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا أوبك+ اتفاقية خفض الإنتاج النفط الصخري حرب أسعار النفط

النرويج تدرس خفض إنتاجها النفطي دعما لاتفاق أوبك+

الوكالة الدولية للطاقة: انهيار تاريخي للطلب على النفط في 2020

أمريكا تواجه تراجعا غير مسبوق في إنتاج النفط