بعد صمت استمر نحو 48 ساعة، وفور صدور بيان أمن الدولة حول تصفية المواطن السعودي "عبدالرحيم الحويطي"، لم تتوان وسائل الإعلام السعودية في إطلاق وصف "إرهابي" على الرجل الذي دفع حياته ثمنا لرفضه التهجير القسري لصالح مشروع "نيوم".
وفي مقابل ذلك، أصر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على الترويج للحقيقة، ووصف بعضهم الرجل بأنه شهيد، فيما ذهب فريق آخر إلى وصفه بـ"خاشقجي الصحراء"، في تشبيه رمزي لواقعة مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول، غير أن المكان اختلف هذه المرة فكان مسرح الأحداث في منطقة صحراوية.
وفي وقت سابق الأربعاء، أقر جهاز أمن الدولة بالسعودية، بتصفية "عبدالرحيم الحويطي" أحد أبناء قبيلة الحويطات، والذي قتلته قوات الأمن الإثنين، إثر رفضه تسليم منزله للسلطات في إطار مخطط لتهجير السكان من أجل إقامة مشروع "نيوم" على البحر الأحمر شمال غربي السعودية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، عن المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة، زعمه أنه "في صباح يوم الإثنين وأثناء قيام الجهة المختصة بمهام القبض على أحد المطلوبين ويدعى عبدالرحيم بن أحمد محمود أبو طقيقة الحويطي (سعودي الجنسية) بمنزله في منطقة تبوك، بادر بإطلاق النار تجاه رجال الأمن".
وتابعت: "وكان متحصناً في أعلى المبنى خلف سواتر عبارة عن أكياس رملية، ولم يستجب لكل الدعوات التي وجهت له بتسليم نفسه من قبل رجال الأمن ومن أحد أشقائه، ونتيجة لاستمراره في إطلاق النار وإلقاء زجاجات حارقة (مولوتوف) اقتضى الموقف التعامل معه لتحييد خطره، ما نتج عنه وفاته وإصابة اثنين من رجال الأمن اللذين جرى نقلهما إلى المستشفى في حينه، وحالتهما الصحية مستقرة".
وادعى أمن الدولة السعودي أنه "بتفتيش الموقع ضبط بداخله، رشاش، ومسدس، وبندقية، وعدد 33 طلقة رشاش حية، وعدد 12 طلقة بندقية حية، وصندوق بداخله عدد 13 زجاجة حارقة".
وعلى الفور سارعت وسائل الإعلام الرسمية بل تبارت في الترويج للرواية الرسمية، دون النظر ولو للحظة واحدة إلى الرواية الحقيقة، غير أن ناشطون وإعلاميون بارزون على مواقع التواصل الاجتماعي فضحوا تلك المحاولات، ودافعوا عن "الحويطي".
وسم #الارهابي_عبدالرحيم_الحويطي الذي أطلقه الذباب الإلكتروني لا تجد واحد من #الحويطات يغرد، حسابات ذبابية! كل قرى الحويطات تشعر بالغبن ، والرحل لو كان إرهابيا ما كان ممن قابلوا مبعوث ابن سلمان والذين أصروا على رفض الترحيل والتعويض. المنطقة قبلية والناس تعرف بعضها بدون تويتر
— ياسر أبوهلالة (@abuhilalah) April 15, 2020
ما تتعرض له قبيلة #الحويطات من تهجير قسري من مناطقهم وسجن وقتل هو ظلم عظيم وعدوان لا يقره الشرع الإسلامي الذي جاء بالعدل والقسط قالﷺ (قال الله يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)!#الشهيد_عبدالرحيم_الحويطي #استشهاد_عبدالرحيم_الحويطي pic.twitter.com/pun79piiPx
— أ.د. حاكم المطيري (@DrHAKEM) April 14, 2020
الحويطات يقفون مع شهيدهم تكبيراً وتهليلًا وتحدياً للقتلة.
— عبد الله الغامدي (@Alghamdi_AA) April 13, 2020
نسأل الله أن ينتقم من قتلته وممن أعانهم أو رضي بفعلهم وأن يُعجل بزوال حكم ابن سعود.#الشهيد_عبدالرحيم_الحويطي pic.twitter.com/O7hynMPZhZ
وأفاد ناشطون الثلاثاء، بأن الأمن السعودي حاصر منزل "عبدالرحيم الحويطي" في منطقة الخريبة، وطالبوه بالخروج من منزله وتسليمه لهم، لكنّه رفض ذلك، مؤكداً أنه لن يتخلى عن بيته حتّى لو قتل دفاعاً عنه، فتم قتله.
وتمكن "الحويطي" قبل قتله، من توثيق تواجد قوات الأمن السعودية حول منزله، قائلاً إنّ أي مواطن لا يسلم بيته لهم تأتيه قوات المباحث والطوارئ للتصرف معه بالقوة.
رشاشات ومدافع وقنابل ومسدسات وزجاجات حارقة وجدوها مع #الشهيد_عبد_الرحيم_الحويطي 😳😳
— واثق الخطوة (@full_confident) April 15, 2020
تلفيق مفضوح عيني عينك .. أصلاً الشهيد نفسه فضحكم قبل أن تقتلوه . pic.twitter.com/wDYiLsztf2
ويسعى ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" إلى بناء مدينة "نيوم" على البحر الأحمر، لتكون الواجهة الحضارية للمملكة.
والمشروع الذي يتربع على مساحة إجمالية تصل إلى 26500 كم2، ويمتد 460 كيلومتراً على ساحل البحر الأحمر، تأمل المملكة أن يحل محل وادي السيليكون في مجال التكنولوجيا، وهوليوود في مجال الترفيه، والريفيرا الفرنسية في مجال السياحة.
ولعل ضخامة المشروع، سوف تفرض على الحويطات الرحيل عن ديارهم في مقابل تعويضات مجزية.
بيد أن أهالي الحويطات، يرفضون التهجير من أراضيهم من أجل بناء المشروع الضخم، حيث يؤكد أهالي الحويطات تمسكهم بديارهم، ورغبتهم بأن يكونوا جزءاً من المشروع الجديد، وليس خارجه.
وسبق أن قال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه من أجل تطوير "نيوم"، تخطط الحكومة السعودية لنقل أكثر من 20 ألف شخص بالقوة، وكان العديد منهم قد سكنوا في المنطقة لعدة أجيال.