كورونا والخليج.. اختبار صعب لحلم الأمن الغذائي

الأربعاء 22 أبريل 2020 06:51 م

دفع تفشي فيروس "كورونا" دول مجلس التعاون الخليجي، إلى إعادة فتح ملف الأمن الغذائي، وطرح التساؤلات الصعبة حول مدى قدرة دول الخليج على تعزيز إنتاجها الغذائي المحلي.

ويحصل الخليج على 80% من احتياجاته الغذائية من الخارج، وهو بصدد اختبار صعب، مع استمرار إغلاق الحدود، وتوقف حركة الطيران، وفرض الحظر، ما يؤثر على حركة الشحن والتجارة حول العالم.

ومع تزايد عمليات التخزين بفعل استمرار أزمة "كورونا"، ولجوء الدول إلى فرض قيود على الصادرات، وتعزيز احتياطياتها الاستراتيجية من السلع الأساسية، فإن دول الخليج قد تواجه نقصا في الإمدادات الغذائية.

ومطلع الشهر الجاري، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، في بيان مشترك، من أن الغموض حول توفر الغذاء يمكن أن يتسبب بموجة قيود على التصدير، ربما تتسبب في نقض الغذاء في السوق العالمية.

مقترح كويتي

في محاولة لتدارك الوضع، والحد من آثار أزمة "كورونا"، تقدمت الكويت، قبل أيام، بمقترح يقضي بإنشاء شبكة أمن غذائي خليجي.

وتهدف الشبكة إلى تحقيق الأمن الغذائي للبلدان الستة، وهو ما وافق عليه وزراء التجارة المعنيين، وجرى تكليف الأمانة العامة لمجلس التعاون بالدراسة الفنية للمقترح.

ويتضمن المقترح، كذلك، إنشاء خطوط سريعة في مراكز الجمارك لضمان انسيابية وعبور المنتجات الأساسية للمعيشة كالمواد الغذائية والطبية.

كذلك بحث اجتماع استثنائي لوكلاء وزارات التجارة بدول المجلس، الشهر الجاري، مشروع قانون الخزن الغذائي، المعني بضمان توفير مخزون استراتيجي من السلع الغذائية على المستوى الخليجي.

وتقول الإمارات إن القانون الاتحادي بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، الذي تم إقراره مارس/آذار الماضي، لمواجهة الأزمات والكوارث، سيمثل نواة مهمة لاستصدار تشريع مشابه على المستوى الخليجي.

تحديات جسيمة

ووفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، فإن رفوف المتاجر الكبيرة لا تزال مكدسة حتى الآن، لكن استمرار أزمة "كورونا" سيضغط عليها بشدة، ما يضعف مستقبلا سلاسل الإمداد الغذائي.

ومما يؤخذ في الاعتبار، تجاوز الطلب على الغذاء في المنطقة العربية بشكل عام، الإنتاج الزراعي المحلي، بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني إلى 2% سنويا، مقارنة بالمعدل العالمي 1.1%، بحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة.

وتعني هذه العوامل، أن دول الخليج التي تملك المال ربما لن تستطيع مستقبلا تأمين احتياحاتها من الغذاء، بسبب الأزمات في الدول المصدرة، والانقطاعات في سلاسل التوريد.

وتتمثل أبرز التحديات التي تواجه دول الخليج، لعبور هذا المأزق، الحد من الاعتماد بشكل رئيسي على الاستيراد الغذائي، ومعالجة انخفاض الإنتاجية الزراعية، وزيادة المساحة المزروعة، ورفع معدلات الاستثمار في المجال الزراعي.

الهدر والمياه

كذلك، تسلط الأزمة الحالية، الضوء على حاجة دول الخليج الملحة إلى ترشيد الاستهلاك، ووقف الهدر في الغذاء، الذي تصل نسبته إلى ثلث كمية الطعام في المنطقة العربية وشمال أفريقيا، وفق منظمة "الفاو".

وتصل نسبة الإهدار في السعودية مثلا إلى 30% من الأغذية المنتجة، بقيمة تبلغ نحو 49 مليار ريال (13 مليار دولار)، في حين تعاني الإمارات هدرا للغذاء بقيمة 13 مليار درهم (3.5 مليار دولار) سنويا.

وإلى جانب أزمة الهدر، يبرز كذلك شح الموارد المائية اللازمة للزراعة، ما يتطلب تعزيز قدرات دول الخليج في مجال الأمن المائي، وتبني السياسات والبرامج الرامية لتبني نظم الري الحديثة وتقنيات توفير المياه.

ومن الأهمية أيضا توفير احتياطيات للسلع الاستراتيجية، من خلال بناء صوامع عملاقة لتخزين الحبوب، ورفع كفاءة وجودة التخزين، وإنشاء مرصد لمراقبة الأمن المائي والغذائي في دول المجلس.

قطر تتقدم

وعلى الرغم من الحصار المفروض عليها منذ قرابة 3 أعوام، تحتل قطر المرتبة الأولى عربيا وخليجيا، والـ13 عالميا، على مؤشر الأمن الغذائي لعام 2019، بمعدل قدره 81.2%.

وتحل الإمارات في المرتبة الثانية على المستوى العربي، والمرتبة 21 عالميا، تليها الكويت في المرتبة الثالثة عربيا والـ27 عالميا، والسعودية لاحقا في المركز الـ30 عالميا.

أما سلطنة عمان، فجاءت في المرتبة الـ46 عالميا، فيما حلت البحرين في ذيل الترتيب الخليجي، وفي المركز الـ50 عالميا.

ويتم حساب المؤشر العالمي، وفق 3 عوامل وهي:"قدرة المواطنين على شراء الطعام، ومدى توفره، ومدى جودته وأمانه"، دون اشتراط زراعته وطنيا.

ويعود تصدر قطر للمؤشر عربيا وخليجيا، إلى نجاح تجربتها في الاستفادة من الحصار الرباعي المفروض عليها منذ يونيو/حزيران 2017، من قبل السعودية، الإمارات، البحرين، مصر. 

ففي يوليو/تموز من العام ذاته، أبرمت الحكومة القطرية تعاقدات لبناء مرافق ومخازن وصوامع لتخزين الغذاء في ميناء حمد، بتكلفة تصل إلى 1.6 مليارات ريال قطري (431 مليون دولار)، بما يوفر مخزونا كافيا لـ3 ملايين نسمة لمدة عامين.

وخلال 3 سنوات من الحصار، عملت قطر على تنويع سلالها الغذائية، ومصادر إمداداتها، مع تعزيز قدراتها المحلية على توفير مخزون كاف من المواد الغذائية والاستهلاكية والإمدادات الطبية يفي احتياجات المواطنين والمقيمين.

وتعتمد الدوحة على نظام إلكتروني للإنذار المبكر، يسمح بمتابعة حالة المخزون الاستراتيجي، ومعدلات التوريد والتخزين، بما يدعم سرعة اتخاذ القرارات التي تكفل الإبقاء عليه ضمن هامش الأمان.

عقبة الحصار

الحقيقة الماثلة على أرض الواقع، تقول أن الخلافات السياسية، قد تعرقل الحلم الخليجي نحو بناء شبكة أمن غذائي متكاملة، مع قرب دخول الحصار المفروض على قطر، عامه الرابع على التوالي.

يلخص ذلك التعليق الصادر عن رئيس وزراء قطر الأسبق، الشيخ "حمد بن جاسم"، واصفا مقترح إنشاء شبكة أمن غذائية بين دول الخليج، بأنه "خبر مُضحك مُبكي".

وقال "بن جاسم"، عبر "تويتر"، قبل أيام: "خبر مُضحك مبك في الوقت نفسه، ينقصه أقل القليل من الاحترام للعقل الخليجي".

وأضاف أنه سبق أن طرح فكرة إنشاء مخزون دوائي وتوطين صناعة الدواء في دول مجلس التعاون، لكنها "كانت أحلامًا انطفأت مع أزمة حصار قطر التي ستحل ذكراها الثالثة قريبا".

تظل التحديات والخلافات قائمة، لكن ربما توفر أزمة "كورونا" وتداعياتها المحتملة من نقص مستقبلي في إمدادات الغذاء، فرصة مواتية لدول الخليج لتجاوز خلافاتها، وتحقيق حلم الأمن الغذائي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إصابات كورونا في الخليج ترتفع لـ36 ألفا و663

أكثر من 91 ألف إصابة و511 وفاة بكورونا في دول الخليج