تعرضت تركيا لعقوبات أمريكية مع وصول منظومة صواريخ "إس-400" الروسية إلى أنقرة في يوليو/تموز الماضي. ويقال إن أنظمة الدفاع الروسية الصنع تشكل تهديدات أمنية لمعدات حلف "الناتو" في البلاد، وقد تم استبعاد تركيا من برنامج الطائرات المقاتلة "إف-35" نتيجة لذلك، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا إلى أجل غير مسمى.

وقال مسؤولون أتراك يوم الإثنين الماضي إنهم سيؤجلون تفعيل منظومة صواريخ "إس-400"، والتي كان من المقرر تشغيلها هذا الشهر، مشيرين إلى أن ذلك بسبب وباء فيروس "كورونا" المستجد. وردا على ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "مورجان أورتاجوس" لـ"رويترز" إن واشنطن تواصل الاعتراض بشدة على شراء أنقرة للمنظومة الروسية.

وقاتل "أورتاجوس" الإثنين في إشارة إلى مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات "ما زلنا نشدد على أعلى المستويات على أن صفقة منظومة صواريخ إس-400 هي موضوع المداولات الجارية بشأن عقوبات جاستا وأنها لا تزال عقبة رئيسية في العلاقات الثنائية وفي حلف شمال الأطلسي".

وبالرغم أن منظومة صواريخ "إس-400" لا تزال نقطة خلاف، حيث تقول أنقرة إن الصواريخ هي إجراء دفاعي ضروري، إلا أن بعض المحللين يقولون إن تأجيل التشغيل يوفر سبيلًا لتجديد المفاوضات بين الولايات المتحدة وتركيا.

وقال "أوزجور أونلو حصارجيكلي"، مدير صندوق "مارشال" الألماني في أنقرة، إن التأجيل ربما يكون محاولة من قبل المسؤولين الأتراك لتجنب ضغوط اقتصادية إضافية في شكل عقوبات وسط أزمة مالية عالمية بسبب الوباء، ولكن يمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها تمهيد لفتح باب المحادثات الثنائية.

وقال "أونلوحصارجيكلي" لـ "المونيتور": "يخلق هذا فرصة أمام الولايات المتحدة وتركيا لتجاوز المشكلة واتخاذ خطوات لحلها".

وخلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في 31 مارس/آذار، استفسر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" عما إذا كان بإمكان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توسيع ترتيبات مبادلة العملات لتشمل سلطة النقد التركية. وأكد محافظ البنك المركزي التركي، مراد أويصال"، الأحد أن تركيا تسعى حاليًا إلى عدد من اتفاقيات المبادلة للمساعدة في تخفيف الآثار الاقتصادية للفيروس التاجي.

وقال "أونلوحصارجيكلي" إن مثل هذه الطلبات تعطي واشنطن النفوذ في قضية منظومة صواريخ "إس-400". وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين يمكنهم متابعة إجراءات بناء الثقة مع أنقرة من خلال عرض نشر أنظمة صواريخ "باتريوت" في تركيا، كما فعلوا في الماضي.

وأشار إلى الآفاق المتزايدة للتصعيد بين الجيش التركي والقوى الداعمة للنظام السوري في محافظة إدلب في البلاد، مضيفا أن صواريخ "باتريوت" يمكن أن تحل محل الأجهزة الروسية وتخدم احتياجات تركيا الدفاعية.

وقال "أونلوحصارجيكلي" لـ"لمونيتور" إن "الإدارة الأمريكية لا تحتاج إلى موافقة الكونجرس على ذلك لأنها ليست صفقة بيع". وفي المقابل، يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من تركيا عدم تفعيل منظومة صواريخ "إس-400" لمدة عام.

وأضاف أن "تعليق تفعيل منظومة صواريخ إس-400 ،لا ترضي واشنطن ولا أنقرة. البلدان يكسبان الوقت... ولكن ما لم يعملا هذه المرة بحكمة، فسيأخذان فقط استراحة قبل الأزمة السياسية المقبلة".

وفي تطورات أخرى متعلقة بالفيروس، أعلن "أردوغان" أنه سيتم فرض حظر لمدة 4 أيام من 23 إلى 26 أبريل/نيسان على أكبر المدن التركية لإبطاء انتشار فيروس "كورونا". وكلنت الدولة التركية فرضت حظر تجوال مماثل في نهاية الأسبوعين الماضيين، لكن خبراء قالوا إن حظر التجول المؤقت غير كاف لاحتواء الوباء في تركيا، والذي سجل حتى يوم الثلاثاء أكثر من 95 ألف حالة مؤكدة و 2259 حالة وفاة.

وتشمل التدابير الحالية للحد من انتشار الفيروس في تركيا فرض حظر تجول كامل على كبار السن ومعظم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 20 عامًا، بالإضافة إلى قيود السفر المحلية والدولية والإغلاق المؤقت لجميع المطاعم والمقاهي والحانات.

ومن المتوقع أن تكون الآثار الاقتصادية للوباء كبيرة على جميع الأسواق الناشئة، بما في ذلك تركيا، التي لديها احتياطيات محدودة من البنك المركزي بعد أزمة العملة لعام 2018. وفقًا لاستطلاع أجرته "رويترز" نُشر يوم الثلاثاء، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد التركي للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، حيث توقع حوالي ​​40 اقتصاديًا انكماشًا بنسبة 1.4% في عام 2020.

والأسبوع الماضي، قدر تقرير صادر عن "صندوق النقد الدولي" أن الاقتصاد التركي سوف ينكمش بنسبة 5% هذا العام وقد تصل البطالة إلى 17.2%. بالرغم أن مسؤولي صندوق النقد الدولي قالوا إنهم يتحدثون مع أنقرة بشأن المساعدة الطارئة المحتملة.

وتكهن بعض المحللين بأن المسؤولين الأتراك سيحتاجون إلى قبول التمويل الدولي لمواجهة هذا الوباء، فيما قال المتحدث باسم الرئاسة "إبراهيم قالن" لشبكة "سي إن إن تورك" إنه  إبرام مثل مثل هذا الاتفاق غير مطروح حاليا على أجندة بلاده.