ماذا وراء التعديلات الجديدة في قانون الطوارئ المصري؟

الخميس 23 أبريل 2020 06:53 م

تنتهي يوم 27 أبريل/نيسان الجاري، المدة الدستورية للعمل بقانون الطوارئ في مصر، بعد ثلاث سنوات من سريانه، في الشهر ذاته من عام 2017.

وقبل أيام من انتهاء العمل به، جرى تعديل القانون بشكل موسع، بما يمنح الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، صلاحيات جديدة، بدعوى مواجهة أزمة تفشي فيروس "كورونا" المستجد.

ويتيح الدستور المصري، فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وتجديدها لمدة ثلاثة أشهر أخرى، لتصبح المدة الإجمالية ستة أشهر فقط.

لكن النظام المصري دأب على التحايل على هذا القيد، وترك فاصلا زمنيا بعد كل مدة، قد يكون يوما واحدا أو عدة أيام، قبل أن يعيد فرض حالة الطوارئ من جديد، ليواصل تمديدها 12 مرة على التوالي.

سيء السمعة

يفرض نظام "السيسي" حالة الطوارئ منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، لكنها اقتصرت في البداية على محافظة شمال سيناء (شمال شرقي البلاد)، مع فرض حظر التجوال في بعض مناطقها.

وجرى تعميم حالة الطوارئ في أرجاء مصر كافة، بعد اعتداءين نسبا لتنظيم "الدولة الإسلامية" في التاسع من أبريل/نيسان 2017، استهدفا كنيستين في طنطا (دلتا النيل) والإسكندرية (شمالي البلاد)، وأسفرا عن سقوط 45 قتيلا.

ويحظى القانون 162 لعام 1958، المعروف بـ"قانون الطوارئ"، بسمعة سيئة، كونه يمنح السلطة التنفيذية، صلاحيات واسعة، منها وضع قيود على حرية الاجتماع والتنقل، ومراقبة الصحف، وفرض الحراسة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.

وعلى مدار عقود، جرى استغلال القانون من قبل النظام المصري الحاكم، في تمرير القمع، والتوسع في حملات الاعتقال العشوائية، والإخفاء القسري، وجرائم التعذيب، والتصفية خارج إطار القانون.

كذلك يجري بشكل ممنهج توظيف حالة الطوارئ في تكميم الأفواه، وحجب الصحف، ومنع التظاهرات والاحتجاجات السلمية، وتجميد الأحزاب السياسية، وملاحقة منظمات المجتمع المدني، ومصادرة أموال المعارضين، ووضعهم على قوائم الإرهاب.

وبموجب الصلاحيات الواسعة الممنوحة لأجهزة الأمن، وفق القانون، زادت انتهاكات حقوق الإنسان، فضلا عن تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب بين ممثلي الأجهزة الأمنية، وفق منظمات حقوقية محلية ودولية.

القضاء العسكري

ومن أبرز البنود التي جرى إضافتها ضمن التعديل الجديد للقانون، تمكين النيابة العسكرية بمعاونة النيابة العامة في التحقيق في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة، على أن يقتصر التصرف النهائي في التحقيقات على النيابة العامة.

وفي ما اعتبر إشارة على توسيع صلاحيات القضاء العسكري في محاكمة المدنيين، تقرر تعديل تشكيل المحكمة الوارد بالفقرة الرابعة من المادة (7) من القانون، لتضم في تشكيلها بعض القضاة من القضاء العسكري.

ووفق التعديلات، تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة، تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وسيكون لضباطها ولضباط الصف بها اختصاصات مأموري الضبط القضائي، وهو تعديل يزيد من صلاحيات المؤسسة العسكرية في البلاد.

صلاحيات جديدة

وتمنح التعديلات الجديدة، "السيسي"، صلاحيات جديدة، تشمل تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، وحظر التجمعات العامة والخاصة، وإخضاع القادمين من الخارج للحجر الصحي، وحظر تصدير بضائع ومواد معينة، وفرض قيود على التجارة أو نقل السلع، وتحديد سعر بعض الخدمات أو السلع أو المنتجات.

كما تسمح الإجراءات، للرئيس المصري، بإعادة توجيه المستشفيات الخاصة وأطقمها لمساعدة نظام الرعاية الصحية العامة لفترة محددة، وتحويل المدارس والشركات وغيرها من المرافق العامة إلى مستشفيات ميدانية.

وتقيد التعديلات الجديدة، الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، وكذلك تقيد الاجتماعات الخاصة "إن لزم الأمر".

كما تضمنت التعديلات تعطيل العمل جزئيا أو كليا، ولمدة محددة، في الوزارات ومصالحها، والأجهزة الحكومية، والقطاع الخاص.

جمع التبرعات

اللافت أن البنود الجديدة التي جرى تضمينها في قانون الطوارئ، أعطت السلطات غطاء قانونيا لجمع التبرعات المالية والعينية لمواجهة الحالة الطارئة، بل وتحديد طريقة ذلك، وهو ما يتيح للدولة اقتطاع جزء من رواتب الموظفين، أو فرض رسوم على مدخرات المصريين، بدعوى مواجة "كوورنا".

ومن الخطير أن التعديلات الجديدة لم يتم حصرها على مواجهة أزمة "كورونا"، بل تركت الباب مفتوحا أمام أزمات أخرى، حيث لم تقدم تعريفا واضحا لمصطلح "الحالة الطارئة" الوارد في نص التعديلات.

وتتيح البنود الجديدة، للنظام المصري الحاكم،"وضع قواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها، وكذلك تقرير مساعدات مالية أو عينية للأفراد والأسر، وتحديد القواعد الخاصة بالصرف منها، وتقرير الدعم اللازم للبحوث العلاجية، واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على منظومة الرعاية الصحية واستمراريتها".

وشملت البنود المستحدثة "تقسيط الضرائب أو مد آجال تقسيطها لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة، ولا يترتب على فترات التقسيط أو المد استحقاق مقابل تأخير أو ضريبة إضافية، وتقسيط مقابل الانتفاع بالمال العام، والرسوم أو مقابل الخدمات المستحقة نظير الخدمات الإدارية كلياً أو جزئيا".

وتتيح التعديلات، للسلطات الحكومية، فرض الرقابة على أعمال المختبرات العلمية والبحثية والمعملية، وتشديد الإجراءات على حيازة المواد البيولوجية، واستخدامها ونقلها، وتحديد ضوابط التخلص من المخلفات والنفايات البيولوجية.

كتيبة تشريع

وفق تصريحات المتحدث باسم مجلس النواب المصري "صلاح حسب الله"، فإنه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ونحن جنود، وكتيبة تشريع في جيش الوطن مثل الجيش الأبيض الذي يؤدي دوره".

وتحمل تصريحات "حسب الله" إشارة ضمنية إلى مناخ العسكرة الذي طال المؤسسة التشريعية في البلاد، التي لم تبال بأي اعتراضات على القانون المثير للجدل.

ويجري تمديد حالة الطوارئ عبر التحايل على الدستور، حيث يتم فرضها بعد أيام قليلة من انتهائها وأحيانا بعد يوم واحد، في تخط لنص الدستور الذي قضى صراحة بعدم جواز فرضها لأكثر من 6 أشهر متتالية.

وعبر هذا التحايل، يسير نظام "السيسي" على نهج الرئيس الراحل "حسني مبارك"، الذي أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وفرض حالة الطوارئ طوال فترة حكمة التي بلغت ثلاثين عاما.

ويمكن القول، إن فيروس "كورونا" جرى استغلاله من قبل النظام المصري؛ لتسليح قانون الطوارئ بترسانة جديدة من أدوات القمع، وفضلا عن تعزيز نفوذ الجيش وترسيخ قبضة "السيسي" القوية على مفاصل السلطة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قانون الطوارئ مصر عبدالفتاح السيسي

تعديل قانون الطوارئ يمنح السيسي صلاحيات أكبر

السيسي يمدد حالة الطوارئ في مصر للمرة الـ12

حالة الطوارئ في مصر تدخل عامها الرابع.. 12 تجديدا متعاقبا 

للمرة الـ13.. مصر تمدد الطوارئ بالبلاد 3 أشهر

رسميا.. السيسي يعلن إلغاء مد حالة الطوارئ في مصر

مصر بعد إلغاء الطوارئ.. محاكم أمن الدولة باقية للنظر في القضايا السابقة

ترقب شعبي وسياسي لنتائج إلغاء حالة الطوارئ في مصر