قوائم الإرهاب.. سوط لجلد المعارضين في مصر

الأربعاء 29 أبريل 2020 12:56 ص

لم يكن إدراج 13 ناشطا مصريا، قبل أيام، على قوائم الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات، سوى حلقة في مسلسل القمع الذي يمارسه النظام المصري بحق معارضيه.

وتضم القائمة الجديدة، سياسيين وبرلمانيين سابقين وصحفيين، من أبرزهم البرلماني السابق "زياد العليمي"، والصحفيان "هشام فؤاد" و"حسام مؤنس"، والباحث الاقتصادي "عمر الشنيطي"، ونجل وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق "رامى نبيل شعث"، والداعية الإسلامي "خالد أبوشادي".

اللافت أن قرار الإدراج، الصادر عن محكمة جنايات القاهرة "الدائرة 5 إرهاب"، جرى تمريره، رغم عدم صدور حكم قضائي بإدانة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"تحالف الأمل".

ويستهدف "تحالف الأمل"، وفقا لبيانات وزارة الداخلية، الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، المقررة نهاية العام الجاري، لكن السلطات اعتبرت الخطوة تهديدا للنظام الحاكم، واعتقلت أبرز رموزه، العام الماضي.

تعديلات القانون

في مارس/آذار الماضي، صادق الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، على تعديلات جرى تمريرها على وجه السرعة على قانون الكيانات الإرهابية من قبل مجلس النواب المصري.

وعملت التعديلات المكملة للقانون رقم 8 لسنة 2015، على توسيع تعريف الكيان الإرهابي، والأموال الإرهابية.

ومن تلك التعديلات المثيرة للجدل، إدراج "القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي المُحرضة على الإرهاب" ضمن تعريف "الكيان الإرهابي".

أما مصطلح "الأموال الإرهابية" في المادة الأولى، فقد جرى توسيعه هو الآخر، ليشمل "جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها: النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والممتلكات أياً كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، أياً كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية، والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصكوك وجميع أشكال الأموال الرقمية والإلكترونية".

ويتيح التعديل الجديد، للسلطات، مصادرة أية أصول مالية تحت أي صورة كانت، بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية، والشيكات المصرفية والاعتمادات المستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول.

وتضمنت التعديلات إضافة آثار جديدة لمن يتم إدارجه على قوائم الكيانات الإرهابية، أبرزها سقوط العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية، وأي كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنين بنصيب ما.

سمعة سيئة

يحظى القانون منذ طرحه أمام البرلمان المصري، قبل 5 سنوات، بسمعة سيئة، كونه يتناقض مع مواد الدستور المصري، والاتفاقات الدولية الموقع عليها من قبل مصر.

وتقول منظمات حقوقية، إن القانون رقم 8 لسنة 2015، يقوض حرية التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات والأحزاب السياسية، وحرية الصحافة والتعبير.

وتنص المادة الأولى من القانون على بنود، يراها حقوقيون بأنها "فضفاضة"، ولا تصلح أن تكون ضابطا لوضع الكيانات الأفراد على القوائم الإرهابية، ومن بينها "الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو تعطيل أحكام الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي".

وتتيح تلك المواد فرصة للنظام الحاكم، لتفسيرها وفق هواه، وهو ما بدا في اعتبار الاستعداد للانتخابات التشريعية 2020 "إضرارا بالأمن القومي"، أو النظر إلى الوقفات الاحتجاجية باعتبارها "إخلالا بالسلام الاجتماعي".

وتوسع القانون في بنود تجميد ومصادرة الأموال، ما يوفر غطاء قانونيا للتعدي على حرمة المال الخاص للمتهمين، دون انتظار صدور أحكام نهائية بحقهم.

وتمنح هذه النصوص المثيرة للجدل، نظام "السيسي" إمكانية التحفظ على شركات ومستشفيات ومدارس مملوكة جزئياً للأفراد المدرجين على قوائم "الإرهابيين"، وكذلك التدخل لفض علاقة الشراكة بين الأشخاص المستهدفين وغيرهم.

وامتد التحفظ والمصادرة، وفق تعديلات القانون، إلى الأموال التي يتحكم فيها المدرج على قوائم الإرهاب بشكل مباشر أو "غير مباشر"، وهو بند يتيح للسلطة تجميد أموال أسرته وأقربائه، وربما أصدقائه، بدعوى أن له علاقة غير مباشرة بهم.

واستحدثت التعديلات أيضا بندا يحظر "تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للمتورطين في الإرهاب، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر"، وهو نص يمكن السلطة من منع إعانة ذوي المعتقل المدرج على قوائم "الإرهاب" وإعاقة رعاية أسرته.

ترسانة عقوبات

وبالنظر إلى القرار الأخير الصادر بحق "تحالف الأمل"، فإن قوائم الإرهاب لم تعد حكرا على الإسلاميين فقط من معارضي"السيسي"، بل طالت ليبراليين ويساريين بارزين، بينهم مؤيدون سابقون للانقلاب العسكري منتصف العام 2013.

ومنذ عام 2015، كانت قوانين الإرهاب تستهدف في المقام الأول أعضاء وأنصار جماعة "الإخوان المسلمون"، التي أطيح بها من السلطة منتصف عام 2013، ولكن جرى لاحقا التوسع في استخدام القانون لملاحقة معارضين آخرين من تيارات مختلفة، والتحفظ على أموالهم، ومنعهم من السفر ووضعهم على قوائم ترقب الوصول، حال كانوا خارج البلاد.

ويترتب على الإدراج ضمن قوائم "الإرهابيين" فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، وهو ما يتيح للنظام المصري إقصاء من يريد في أي استحقاق انتخابي، على غرار الإطاحة بـ"تحالف الأمل" من أي منافسة برلمانية محتملة.

ولا يتطلب قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب، إجراءات صعبة، ويتم ذلك فورا بناء على مذكرة تعدها النيابة العامة للعرض على دائرة جنايات.

وإذا أقرت دائرة الجنايات بإدراج هؤلاء الأفراد أو الكيانات على قوائم اﻹرهاب، يتم التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر، وفقدانهم شرط حسن السمعة والسيرة، وبالتالي فقدان وظائفهم ومناصبهم العامة.

ولا شك أن مستجدات قضية "تحالف الأمل" تحمل رسالة واحدة، مفادها، أن القانون رقم 8 لسنة 2015، وتعديلاته في فبراير/شباط 2020، بات يحوي بنودا مفخخة، وترسانة من العقوبات مصممة لملاحقة المعارضين من مختلف التيارات السياسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر.. السجن المؤبد لعبدالله الشريف بسبب فيديو سيناء