هل يتسبب كورونا في أزمة غذاء عالمية؟

الأربعاء 6 مايو 2020 12:50 ص

"هناك 821 مليون شخص يذهبون إلى النوم جياعا كل ليلة في أنحاء العالم، ويواجه 135 مليون شخص مستويات متأزمة من الجوع أو ما هو أسوأ"..

هكذا حذر مدير برنامج الأغذية العالمي "ديفيد بيزي"، في 21 أبريل/نيسان الماضي، من "وباء جوع" يمكن أن يؤدي إلى "عدة مجاعات هائلة الحجم" خلال أشهر قليلة، إن لم ينتبه العالم للمشكلة بشكل عاجل.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الوباء المحتمل ليس ناجما عن تداعيات تفشي فيروس "كورونا"، حيث حذر "بيزي" قادة العالم في وقت مبكر من العام الماضي أن عام 2020 ربما يشهد "أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية"، التي ربما تمس آثارها نحو 36 دولة، مرجعا ذلك إلى الحروب وأسراب الجراد والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، إضافة إلى التأثير السلبي المتزايد للعوامل المناخية، وفقا لما أوردته قناة "الحرة" الأمريكية.

وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة أنه بنهاية عام 2019 عانى أكثر من 130 مليون شخص في 55 دولة من انعدام الأمن الغذائي، بينما يواجه أكثر من 70 مليون طفل مشكلات صحية بسبب الجوع.

سلاسل الإمداد

غير أن وباء "كورونا" فاقم توقعات المنظمات الدولية بشأن أزمة الغذاء المرتقبة عالميا، وهو ما عبر عنه مدير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الصيني "كو دونغيو"، ومدير منظمة الصحة العالمية الإثيوبي "تيدروس أدهانوم جيبرييسوس"، ومدير منظمة التجارة العالمية البرازيلي "روبيرتو أزيفيدو"، في بيان مشترك نادر، أكدوا فيه أن "الغموض حول توفر الغذاء يمكن أن يتسبب في زيادة القيود على التصدير وهو ما قد يتسبب بالتبعية في نقص الغداء في السوق العالمية وإعاقة سلاسل الإمداد".

وبالإضافة إلى ذلك، حذر البيان من أن "تباطؤ حركة العاملين في قطاعي الزراعة والغذاء قد تتسبب في عرقلة النشاط الزراعي وإعاقة انتقال حاويات البضائع، ما يؤدي إلى هدر المنتجات الغذائية القابلة للتلف".

وفي اليوم ذاته الذي صدر فيه البيان، اجتمع مجلس الأمن الدولي لبحث تداعيات انتشار وباء "كورونا" على الأمن الغذائي العالمي، فيما اتفقت مجموعة العشرين على مواجهة اضطراب أسعار الغذاء، في ظل تحذير أممي من أن العالم يعيش أزمة غذائية حادة وغير مسبوقة.

وفي مارس/آذار الماضي، حذرت هيئات تابعة للأمم المتحدة من أن عدم اليقين بشأن توفر الغذاء وسط انتشار وباء فيروس "كورونا" يمكن أن يؤدي إلى فرض قيود على الصادرات، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار وتقلبها، ودعت إلى اتخاذ تدابير لتقليل الآثار المحتملة للوباء على سلسلة الإمدادات الغذائية.

إتاحة الحبوب

وترتبط أزمة الغذاء بمشكلة أخرى، وهي أن إمدادات الحبوب الرئيسية (خاصة القمح) الوفيرة عالميا ربما تكون في طريقها إلى النقص، في ظل اتجاه بعض الدول المنتجة (على رأسها روسيا) لوضع قيود على مبيعاتها الخارجية لإعطاء الأولوية للإمداد المحلي.

وفي هذا الإطار، أعلنت موسكو وقف صادرات الحبوب حتى الأول من يوليو/تموز المقبل فور استنفاد حصة التصدير المحددة بـ7 ملايين طن.

ويرجح "شو دونيو"، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن تؤثر القيود التي وضعتها الدول المصدرة على صادراتها إلى اضطرابات خطيرة في أسواق الغذاء العالمية بشكل يتسبب في ارتفاع كبير بالأسعار.

وهو ما ينذر بتكرار ما حدث إبان الأزمة المالية في عام 2008، عندما قلص مصدرون صادراتهم خشية حدوث نقص في الإمدادات الغذائية، ما سبب ارتفاعاً في الأسعار العالمية، ومع اتجاه الدول إلى زيادة وارداتها من الغذاء مخافة حدوث نقص فيه، ارتفعت الأسعار بشكل إضافي، وفقا لما نقلته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن كبير الاقتصاديين بالمنظمة "ماكسيمو توريرو".

ويصل المحلل "سيرجي كوزميتسكي" بتوقعاته للاضطرابات الناشئة عن أزمة الغذاء إلى حد "اندلاع حروب تجارية" شبيهة بحرب النفط الأخيرة، حيث ستصبح صادرات الأغذية واحتياطاتها أكثر أهمية من صادرات المواد الهيدروكربونية واحتياطات الوقود، ليس فقط في روسيا إنما في العالم"، وفقا لما أوردته صحيفة "فوينيه أوبزرينيه" الروسية.

وفرة بلا وصول؟

هل يعني ذلك نجاة الدول المصدرة للحبوب من أزمة الغذاء المتوقعة؟ يجيب "إريك كوبر"، رئيس بنك الطعام في مدينة سان أنطونيو بولاية تكساس الأمريكية بالنفي؛ مشيرا إلى أن وباء كورونا سيتسبب في فقدان الكثير من المواطنين لوظائفهم، وبالتالي تحولهم إلى طالبين للمعونة الغذائية.

ويشير "كوبر"، في هذا الصدد، إلى أن العديد من الجمعيات الخيرية باتت تعاني من عبء عملية تأمين الأغذية لفاقدي الوظائف، وفقا لما أورده موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، لافتا إلى أن هذه المشكلة تواجه حوالي 95% من بنوك الأغذية في شبكة "فيدنج أمريكا Feeding America" غير الربحية.

ويشير ذلك إلى وجه آخر لتأثير تفشي فيروس "كورونا"، وهو أن "الوفرة" لم تعد ضمانا أكيدا لتجنب أزمة الغذاء المتوقعة، إذ إن "الوصول" إلى هذا  الغذاء قد يكون متعذرا في ظل التأثيرات الاقتصادية السلبية التي ستمس مستوى معيشة مئات الملايين حول العالم.

ولذا يلفت "تيم بنتون"، مدير المخاطر البارزة في مركز تشاتام هاوس، إلى أن الثراء "لم يعد يضمن القدرة على توفير ما يريده المستهلك بالضرورة"، وفقا لما نقلته وكالة "بلومبرج" الأمريكية.

وعليه فإن الاهتمام بدعم القطاع الزراعي والتخلي عن الاهتمام المبالغ فيه باقتصاد الخدمات بات ضرورة استراتيجية، حسبما يرى الخبير الاقتصادي "عبدالحافظ الصاوي" في مقال نشره بموقع "الجزيرة نت".

مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" متنبه لذلك على ما يبدو، إذ تعهد مؤخرا بتقديم 19 مليار دولار كتعويضات للقطاع الزراعي بسبب أزمة "كورونا"، وسبق أن قدم في 2019 نحو 14 مليار دولار أخرى للمزارعين نتيجة الأضرار التي أصابتهم بسبب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة برنامج الغذاء العالمي مجلس الأمن الدولي حروب تجارية

كورونا قد يؤدي لتضخم أسعار الغذاء عالميا.. كيف؟