هل تنجح محاولات الانقلاب الإماراتي في ليبيا واليمن؟

الأحد 3 مايو 2020 03:28 م

في أقل من 48 ساعة، تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن وجنرال الحرب الليبي "خليفة حفتر" ضد حكومتيهما، في تحد لمبادرات السلام السابقة، ولم يكن لهذه التحركات أن تحدث لولا اليد الخفية للإمارات، مع دعم أبوظبي لكلا الفصيلين في محاولتها لفرض النفوذ.

ففي وقت مبكر من 26 أبريل/نيسان، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الحكم الذاتي في عدن، عاصمة اليمن الجنوبي قبل الوحدة مع الشمال في عام 1990، في إنهاء فعلي لاتفاقية الرياض التي نصت على توحيد قواته مع حكومة "عبدربه منصور هادي".

في الليلة التالية، أعلن "حفتر" نفسه حاكم ليبيا بتفويض شعبي، مشيراً إلى رغبته في "تهيئة الظروف لبناء مؤسسات مدنية دائمة".

وجاء ذلك مع إلغائه اتفاق الصخيرات لعام 2015، الذي استلزم تشكيل حكومة وحدة مع حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس.

تزامن لافت للنظر

يلفت مثل هذا التزامن الانتباه؛ بالنظر إلى اعتماد الفصيلين الحيوي على الإمارات، ويبدو أن أبوظبي -بالرغم من رفضها الرسمي لتحرك المجلس الانتقالي الجنوبي- شجعت هذه التمردات المتزامنة ضد "هادي" وحكومة الوفاق الوطني؛ وهما حكومتان لا تدعمهما الإمارات وتقيدان جهودها في السيطرة على البلدين.

تشكل هذه التحركات محاولة حاسمة لضمان النفوذ؛ في الوقت الذي واجه فيه المجلس الانتقالي ضغوطًا من الحكومة اليمنية لتنفيذ اتفاقية الرياض، وحققت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا مؤخرًا مكاسب ضد قوات "حفتر".

عملت أبوظبي على ضمان هيمنة كلا اللاعبين، من أجل تأمين مجال نفوذها الإقليمي.

منذ عام 2014، نظرت الإمارات إلى "حفتر" كقوة مفيدة لتكرار جهودها في مصر لإقامة نظام عسكري استبدادي، وبالتالي وضعت جنرال الحرب الليبي تحت جناحها.

لعبت أبوظبي دورًا محوريًا في بناء ما يسمى بالجيش الوطني الليبي لـ"حفتر"، وبصماتها موجودة في حملته المستمرة للاستيلاء على طرابلس منذ أبريل/نيسان 2019، بالرغم من أن الاهتمام السلبي ينصب على دور روسيا أكثر، خاصة في الغرب.

بعد أن انسحب "حفتر" من المحادثات التي توسطت فيها روسيا وتركيا في موسكو في يناير/كانون الثاني، شعر بوضوح أن لديه دعما كافيا من مكان آخر، وتحديداً أبوظبي، لاستئناف العمليات العسكرية، فيما يكشف تأثير الإمارات الكبير على جنرال الحرب وليبيا نفسها.

مزاعم مشكوك فيها

إلى جانب دعم الإمارات لانقلاب "حفتر"، مولت ودعمت المجلس الانتقالي الجنوبي منذ إنشائه في عام 2017، حيث طالب الفصيل بدولة جنوبية مستقلة عن شمال اليمن، وفيما يدعي الفصيل بشكل مشكوك فيه أنه يمثل مصالح اليمنيين الجنوبيين، فإنه مدعوم بالكامل من الإمارات.

أظهرت الضربات الجوية الإماراتية ضد القوات الحكومية بعد انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن في أغسطس/آب الماضي، أنها حريصة على تعزيز هذه الحملة الانفصالية.

كما سعت إلى تقويض اتفاقية الرياض التي توسطت فيها السعودية العام الماضي، مع استمرار دعم الميليشيات الانفصالية عبر الجنوب وفي جزيرة سقطرى الجيواستراتيجية.

تسعى الإمارات للسيطرة على جنوب اليمن وموانئه، خاصة عدن وسقطرى، لخلق منطقة نفوذ على البحر الأحمر وتعزيز تجارتها البحرية، وتسعى أبوظبي إلى منع استقلال هذه الموانئ وبالتالي منع استقلال اليمن؛ لأن مثل هذا السيناريو قد يوجه التجارة بعيدًا عن الموانئ التجارية الخاصة بدولة الإمارات.

تسعى الإمارات أيضًا إلى تقويض استقلال ليبيا؛ حيث يرجح أن يجذب استقرار ليبيا الغنية بالنفط الاستثمار الدولي لتنافس أبوظبي، وحتى لو لم يستطع "حفتر" الاستيلاء على طرابلس، فإن تمرده الأخير يزيد من حدة الانقسامات في ليبيا.

وبالتالي؛ فإن الإمارات تتلاعب بهذه الجهات الفاعلة لتأمين نفوذها الخاص.

أبدى وكلاء الإمارات التقبل والحفاوة لبعضهم البعض؛ ففي أغسطس/آب الماضي، أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي "هاني بن بريك"، دعم المجلس لـ"حفتر"، مشيراً إلى استعداده لتبادل "الخبرات والتجارب" مع الجيش الوطني الليبي للتعامل مع "الميليشيات غير الشرعية" في ليبيا.

يروج الفصيلان لرواية مكافحة التطرف الخاصة بدولة الإمارات لتبرير جهودهما العسكرية، في الوقت الذي يدّعيان فيه أنهما ممثلان شرعيان لشعوبهما.

الانقسامات السعودية الإماراتية

ومع ذلك، تواجه الإمارات عقبات في خضم محاولاتها لتحقيق طموحاتها؛ تمثلت أولاً في حليفتها السعودية، التي عملت معها بشكل وثيق لتأمين نفوذها في اليمن وفرض هيمنتها في ليبيا.

كانت هناك تكهنات بشأن تنافس متنام بين السعودية والإمارات بسبب انقساماتهما في اليمن، لكنها مبالغ فيها بعض الشيء.

أقامت الإمارات روابط أكثر واقعية في اليمن من خلال تمكين شبكة واسعة من الميليشيات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، على عكس تضاؤل ​​نفوذ السعودية مع دعمها لـ"هادي".

وبالرغم من أن السعودية دعمت "حفتر" لشن هجومه على طرابلس، فقد تجاوزت الإمارات الرياض بصفتها الراعي الرئيسي لـ"حفتر".

ومن المرجح أن السعودية تشعر بالاستياء تجاه مواقف الإمارات االمستقلة، خاصة في اليمن، ولكن بالنظر إلى تحالفهما الإقليمي المستند لأجندة مشتركة مضادة للثورات، وكذلك الروابط الاستثمارية والعسكرية القوية بين البلدين، فإن الرياض ليست مستعدة لمواجهة أبوظبي.

كما تقدر الإمارات هذا التحالف، وتتقدم بحذر حتى لا تغضب السعودية، في الوقت الذي تسعى فيه لتأمين أهدافها الخاصة.

ومع أن أبوظبي تجاوزت السعودية إلى حد كبير، لكنه لا يزال يتعين على الإمارات مواجهة المجتمع الدولي في خضم سعيها لإظهار النفوذ في ليبيا واليمن، لكسب الدعم لفصائل وكلائها.

وعلى الرغم من معارضة المحافظات الجنوبية لمحاولات استحواذ المجلس الانتقالي الجنوبي على السلطة، جنبًا إلى جنب مع مجموعات المعارضة المستقلة الأخرى، واصل الفصيل جهود العلاقات العامة من خلال متحدثين في العواصم العالمية، بهدف تقديم نفسه على أنه الممثل الحقيقي الوحيد لجنوب اليمن.

وبالمثل، شرع "حفتر" في حملة دبلوماسية ليقدم نفسه كعلاج لعدم استقرار ليبيا، من أجل الحصول على دعم دولي.

ويقال إن المجلس الانتقالي استعان بخدمات جماعات الضغط في الولايات المتحدة لتأمين اعتراف دولي بإعلان انفصاله عن اليمن.

تنضم هذه الجهود إلى مساعي الإمارات للضغط داخل دوائر السياسة الأمريكية والأوروبية، مع الترويج لسردياتها في مراكز الفكر ووسائل الإعلام، ليتشكل تحالف قوي يعمل على إضفاء الشرعية على هذه الحركات المدعومة من الإماراتيين.

الإفلات من العقاب الدولي

ومع انقسام أوروبا وبالتالي عجزها عن إحداث التأثير في ليبيا، ومع موقف واشنطن المتردد في عهد الرئيس "دونالد ترامب"؛ تتمتع الإمارات بحرية تمكين "حفتر"، لا سيما مع دعم فرنسا للجنرال الليبي.

وحتى إذا كان التدخل العسكري لتركيا لدعم حكومة الوفاق الوطني يقيد مكاسب "حفتر"، فمن المحتمل أن تكون الإمارات قادرة على تثبيته كقوة يجب مراعاتها في أي تسوية بعد الصراع.

ومع ذلك؛ سيكون تحقيق أهدافها في اليمن أكثر صعوبة، حيث عارض الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن "مارتن جريفيث"، التحركات الأخيرة للمجلس في الوقت الذي دعوا فيه إلى دعم اتفاقية الرياض.

ومع ذلك؛ فإن الدعم الأعمى وغير المبالي من جانب المجتمع الدولي لهذه الاتفاقية غير الفعالة، قد مكّن المجلس الانتقالي والإمارات من استغلالها.

وإذا قام المجلس الانتقالي بتأمين سيطرته على الأقل على عدن وسقطرى والموانئ الجنوبية الأخرى، فإن ذلك يمكن أن يعزز جزئيًا أهداف أبوظبي على المدى القصير، قبل أن تسعى للحصول على سيطرة أكبر على جنوب اليمن في المستقبل البعيد.

في نهاية المطاف؛ فإن استمرار مبيعات الأسلحة من الدول الغربية إلى الإمارات يمثل إشارة للموافقة على أفعالها، ما يعني أن أبوظبي لا تزال تتمتع بالحصانة الكافية لفرض سيطرة الفصائل المفضلة لها في ليبيا واليمن تحت نظر العواصم الغربية.

المصدر | جوناثان فينتون هارفي | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قوات خليفة حفتر قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التدخل الإماراتي في اليمن التدخلات الإماراتية

بريطانيا: إعلان الانتقالي الجنوبي يقوض استقرار اليمن

بالتفاصيل.. مصدر يمني: الإمارات تجهز لانقلاب عسكري بسقطرى

جنوب اليمن يفاقم الصدع في العلاقات السعودية الإماراتية

إلهان عمر: الإمارات تغرق اليمن في الفوضى والعالم يتفرج

اتهام التحالف السعودي الإماراتي بتدمير 80% من آثار اليمن