كورونا يدفع عُمان إلى خيارات صعبة مع الأزمة المالية

الثلاثاء 5 مايو 2020 10:41 م

مع انهيار أسعار النفط، ودفع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة غير مؤكدة، فإن التداعيات المالية لوباء "كورونا" لا مثيل لها في السرعة والشدة.

سيكون لانخفاض أسعار النفط آثار سلبية على ديناميكيات الدين العام والنمو الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط، لكن العواقب ليست متساوية على دول مجلس التعاون الخليجي الست. إثنان منهما على وجه الخصوص أمامهما طرق اقتصادية مزعجة هما: البحرين وعُمان.

تواجه البحرين قدرًا أقل من عدم اليقين؛ حيث لا تزال أصغر عضو في الكتلة الإقليمية تحت رعاية السعودية والإمارات، بينما تواجه عُمان حسابات جيوإستراتيجية ثقيلة في البحث عن أموال خارجية. قد تواجه السلطنة مفاضلة صعبة بين معالجة الضغوط المالية المتزايدة والحفاظ على سيادتها.

  • توجيه رأس المال للداخل

تمر البحرين وعُمان بمرحلة حساسة من جهودهما لتنويع الاقتصاد؛ حيث تنخفض احتياطيات النفط بينما ترتفع الديون. البلدان من بين الأقل حظا في دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث إن أسعار النفط في ميزانيتهما لعام 2020 أعلى بكثير من نظرائهم.

وتبلغ أسعار النفط المتكافئة للبحرين وعُمان حوالي 96 دولارا و87 دولارا للبرميل على التوالي، بينما تبلغ أسعار الإمارات والسعودية والكويت وقطر حوالي 67 دولارا و76 دولارا و61 دولارا و40 دولارا للبرميل.

ورغم أن التوقعات بالنسبة للبحرين تبدو قاتمة، إلا أن هناك القليل من الغموض المحيط بمستقبلها؛ حيث تلقت المنامة حزمة تحفيز بقيمة 10 مليارات دولار من السعودية والإمارات والكويت في 2018.

قد تلجأ البحرين مرة أخرى إلى شركائها الخليجيين للحصول على المساعدة المالية. لكن إذا استمرت الأزمة الحالية، فقد تشعر دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر ثراءً بالحاجة إلى توجيه رؤوس أموالها إلى الداخل لدرء المخاطر المحلية للتراجع الاقتصادي المستمر.

من غير المتوقع كيف ستستوعب عُمان تآكل ميزانيتها والمخاطر التي يشكلها "كورونا". وقد تسبب اعتماد مسقط على الصين، وتعطل السياحة، وانهيار أسعار الطاقة، وخفض إنتاج النفط في إحداث خطر كبير على الحكومة التي تعتمد على النفط والغاز بنسبة 70% من إيراداتها.

بصرف النظر عن الإصلاحات المحلية وخفض الإنفاق، فإن خيارات عُمان لجمع الأموال الخارجية محدودة.

إن الخيار الوحيد هو البحث عن الائتمان. في عام 2019، قُدِّر أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في عُمان قد وصلت إلى أكثر من 60%، بينما كان الدين الخارجي يُقدر بـ92% من الناتج المحلي الإجمالي. مع احتياطيات رأس المال المتوترة والتمويل العام غير المستقر، فإن رغبة المستثمرين في تحمل المزيد من الديون العُمانية منخفضة؛ مما يجعل الوصول إلى سوق السندات خيارا مكلفا.

لا توفر صناديق الثروة السيادية التي تستخدمها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لزيادة رأس المال سوى القليل من الدعم للسلطنة. يعد صافي الأصول الأجنبية في عُمان من بين أدنى دول مجلس التعاون الخليجي، في حين تقدر احتياطياتها من النقد الأجنبي وأصول صندوق الثروة السيادية بنحو نصف الناتج المحلي الإجمالي الوطني. علاوة على ذلك، من المحتمل أن تؤدي هذه الصدمة الاقتصادية الدولية غير العادية إلى انخفاض قيمة الأصول على مستوى العالم.

  • تأمين القروض

أفادت بعض تقارير الشهر الماضي بأن عُمان تجري محادثات مع بنوك محلية ودولية لتأمين القروض. يمكن أن تسعى مسقط للحصول على قروض من منظمات مثل صندوق النقد الدولي، لكن قد يكون من الصعب الحصول على موارد من المؤسسات المالية العالمية، نظرًا للطلب الدولي على المساعدة حيث تسعى العديد من الدول للتعافي من الأضرار الاقتصادية للوباء.

والسؤال العالق هو ما إذا كانت عُمان ستسعى للحصول على مساعدة اقتصادية من دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة. تمر عُمان بعصر جديد بعد وفاة السلطان "قابوس بن سعيد" قبل 4 أشهر، ولا تزال متيقظة لأي تعدي خاصة من أبوظبي والرياض قد يعرض للخطر موقعها المحايد.

ومع ذلك، فقد قبلت عُمان الإغاثة الاقتصادية من جيرانها الأغنياء في السنوات الأخيرة، بما في ذلك في عام 2011، عندما عرضت الكويت وقطر والسعودية والإمارات مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار.

ومع ذلك، هناك اختلافات سياقية أساسية بين اليوم وأوائل 2010، عندما كان الربيع العربي يجتاح المنطقة. بعد ذلك، بلغ متوسط ​​أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل، وهو أعلى بشكل كبير من الأسعار المنهارة اليوم.

ثانياً، كان تكاتف دول مجلس التعاون الخليجي الست أكثر مما هي عليه اليوم.

ثالثا، وربما الأهم من ذلك، خشي جيران عُمان من امتداد الربيع العربي. ونتيجة لذلك؛ دفعت مخاوفهم بشأن الاستقرار السياسي والأمني إلى اتخاذ تدابير مالية صارمة للتخفيف من عدم الاستقرار الإقليمي.

أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي الست اليوم أضعف اقتصاديا مما كانت عليه في عام 2011. ونظرا لأن البلدان في جميع أنحاء العالم تركز الآن داخليا على التحديات الاقتصادية المحلية الخاصة بها، فمن غير المؤكد ما إذا كانت دول الخليج العربي الأكثر ثراءً ستستمر في رؤية مصالحها من خلال منطقة إقليمية أوسع أو ستواصل تقديم المساعدة الاقتصادية للحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

  • الخطوط السياسية

في البيئة الأمنية الإقليمية الحالية لخلاف دول مجلس التعاون الخليجي، من المحتمل أن يأتي الاعتماد على أي حزب بشروط سياسية مرفقة. بالنسبة للسعودية والإمارات، فإن إدخال مسقط إلى مدارها سيشكل نقطة انعطاف في النظام السياسي الإقليمي ويعزز نفوذهما.

ومع ذلك، فإن للبلدين مصالح متضاربة مع عمان في عدة مجالات، من الاختلافات الاجتماعية الدينية إلى الرؤى المتباينة للبنية الأمنية في المنطقة، بما في ذلك الخلافات حول اليمن، والانخراط مع إيران، والنزاع داخل دول مجلس التعاون.

إذا اختارت عُمان طلب المساعدة الاقتصادية من داخل دول مجلس التعاون، فسيكون الترتيب الأقل مخاطرة مع الكويت، القادرة على تقديم المساعدة، لكنها محايدة بالمثل في نهجها تجاه شؤون الخليج.

عادة ما تأتي المساعدة المالية الكويتية مع قيود أقل، خاصة بالمقارنة مع السعودية والإمارات. لكن الكويت في وضع غير مريح بهدف الحفاظ على الحياد وتجنب التورط في المنافسة الإقليمية.

قد تكون قطر خيارا لعُمان. نمت العلاقات التجارية بين البلدين منذ اندلاع نزاع مجلس التعاون عام 2017، في حين كثفت عُمان جهود الوساطة لحل النزاع عند تولت رئاسة مجلس التعاون أواخر عام 2018. ومع ذلك، من المرجح أن ترى السعودية والإمارات مثل هذه الخطوة على أنها استفزاز من السلطنة. في الوقت نفسه، من المرجح أن عُمان تريد إبقاء خطوط اتصالاتها مفتوحة مع القوى الإقليمية، لحماية سيادتها.

كان الحفاظ على الحياد حجر الزاوية في السياسة الخارجية الإقليمية لعُمان في ظل حكم السلطان "قابوس بن سعيد"، وكسبت البلاد سمعة كوسيط فعال ودولة مستقرة.

وتعهد السلطان الجديد "هيثم بن طارق" بمواصلة إرث "قابوس" كاستراتيجية أساسية لحماية سيادة عُمان والحفاظ عليها. من غير المحتمل أن يكون اللجوء إلى دول مجلس التعاون المجاورة للحصول على المساعدة الاقتصادية هو الخيار الأول لسلطنة عُمان، ولكنه الملاذ الأخير وفقط إذا لزم الأمر.

المصدر | دانية ظافر/ميدل ايست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا خسائر كورونا تداعيات كورونا سلطنة عمان سلطنة عمان اقتصاد