تخفيض التواجد الأمريكي في السعودية يغذي سباق التسلح بالمنطقة

الأربعاء 13 مايو 2020 09:24 م

من المؤكد أن الانسحاب العسكري الأمريكي الأخير من السعودية سيشعل سباق تسلح يختمر بالفعل في الشرق الأوسط، في وقت لا تستطيع فيه المنطقة تحمل تكاليف هذا السباق، مع التداعيات الصحية والاقتصادية المدمرة لوباء الفيروس التاجي "كوفيد-19".

ومن المرجح أن ترى السعودية في الانسحاب، بالرغم من المكالمة الهاتفية المطمئنة على ما يبدو بين العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" والرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، دليلا إضافيا على أنها لا تستطيع الاعتماد في دفاعها بشكل كامل على الولايات المتحدة.

ويشمل الانسحاب الأمريكي منظومتي "باتريوت" المضادة للصواريخ، كان قد تم إرسالهما إلى المملكة العام الماضي لتعزيز دفاعاتها في أعقاب الهجمات الإيرانية المزعومة على منشآت النفط السعودية وناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات.

وجاء الانسحاب في أعقاب الإطلاق الناجح لأول قمر استطلاع عسكري إيراني، لم يقتصر على دفع الجمهورية الإسلامية إلى مجموعة النخبة المكونة من نحو 12 دولة قادرة على إطلاق الأقمار إلى مداراتها، ولكن أيضا يشير إلى قدراتها بالرغم من العقوبات الاقتصادية الأمريكية المعوقة والأزمة الصحية العامة.

وسوف يلعب القمر الصناعي دورا مهما في تقديم المساعدة الاستراتيجية للقوات المسلحة في مهام الاتصالات والملاحة. وقال الجنرال الإيراني "علي جعفر عبادي"، قائد قسم الفضاء بالحرس الثوري: "يجب علينا استخدام هذه الأقمار الصناعية وتقديم الخدمات للقوات المسلحة".

ويشعر الصقور في الولايات المتحدة و(إسرائيل) بالقلق من أن القمر الصناعي سيعزز قدرة الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية، وهي ركيزة لاستراتيجيتها الدفاعية، وكذلك قدرة "حزب الله" اللبناني على تطوير وتخزين الأسلحة الموجهة.

وتم الإعلان عن قرار تخفيض عدد القوات الأمريكية الذي أصدرته إدارة "ترامب" وسط تقديرات بأن تراجع إيران التدريجي عن الاتفاقية الدولية لعام 2015، التي قيدت برنامجها النووي، ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، قد اختصر الوقت الذي ستحتاجه لإنتاج ما يكفي من الأسلحة والوقود عالي الجودة لبناء سلاح نووي.

وكان خطر حدوث سباق تسلح واضحا في تحذير ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في الوقت الذي كان فيه "ترامب" يستعد للانسحاب من الاتفاق النووي، حيث قال إنه "بدون شك إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها بأسرع ما يمكن".

وأشار تقرير الأسبوع الماضي، صادر عن مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية، إلى أن المحادثات مع المملكة بشأن إنشاء برنامج نووي سلمي في السعودية توقفت بسبب إحجام المملكة عن الموافقة على قيود التخصيب وإعادة المعالجة، وتوقيع بروتوكول إضافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي كان سيسمح للوكالة بالحصول على معلومات موسعة حول الأنشطة النووية السعودية ويمكنها من الوصول إلى المرافق.

ويعد تطوير صناعة الدفاع المحلية أحد ركائز خطة "بن سلمان" المتعثرة (رؤية 2030) المصممة لتنويع الاقتصاد السعودي. وضاعفت المملكة هذا الأسبوع ضريبة القيمة المضافة 3 مرات، من 5 إلى 15%، وعلقت إعانات تكلفة المعيشة للموظفين الحكوميين، لمواجهة الأزمة المالية.

وحذر "أنطوني كوردسمان"، المحلل العسكري المتخصص في شؤون الخليج، من أن الخطة السعودية لبناء صناعة دفاعية ليست أفضل طريقة لتنويع اقتصاد المملكة، حتى لو كانت ستخلق بعض الوظائف وتعزز قطاع التكنولوجيا.

وقال: "لا توجد طريقة تقريبا لإضاعة المال بشكل أكثر فاعلية من محاولة إنشاء قاعدة تكنولوجية فعالة أو تمويل جهود تجميع الأسلحة في مجال الصناعة والتكنولوجيا، التي تتطلب الكثير من الإنفاق، وتقدم القليل من الفوائد الواقعية في خلق فرص العمل".

وقال "كوردسمان" إن مثل هذا الجهد "سيشمل مشاكل أخرى، فالاحتياجات المحلية لهذه الأسلحة محدودة، ومن المرجح أن تكون السعودية غير قادرة على المنافسة في بيع هذه الأسلحة في السوق الدولية".

ويعد إطلاق إيران للأقمار الصناعية أحدث لبنة في سباق التسلح من جانب إيران. وتعتبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة لبنات أخرى في هذا المسار.

وكشفت صور الأقمار الصناعية العام الماضي أن السعودية لديها منشأة في عمق الصحراء السعودية مصممة لاختبار وربما تصنيع الصواريخ الباليستية، التي من المحتمل أن تكون قادرة على حمل رؤوس حربية نووية تصل إلى أهداف على بعد آلاف الكيلومترات من نقطة إطلاقها. ويعتقد أن الغرض من المنشأة هو مواجهة برنامج إيران الصاروخي الباليستي المتقدم.

وبالمثل، من المقرر أن تبدأ المملكة العام المقبل في إنتاج طائرات عسكرية بدون طيار تكافئ المركبات الجوية الإيرانية غير المأهولة التي تحمل قنابل ويبلغ مداها 1500 كيلومتر.

ووافقت الصين عام 2017 على بناء منشأة في السعودية لإنتاج الطائرات بدون طيار، وهو أول موقع تصنيع عسكري خارجي للصين.

وقال "أليساندرو أردوينو"، باحث حرب الطائرات بدون طيار في معهد الشرق الأوسط بسنغافورة: "لقد أصبح الشرق الأوسط مسرحا لحرب الطائرات بدون طيار. وأدى انتشارها إلى عهد جديد من الردع بعد فيروس كورونا، وحولت العقيدة العسكرية التقليدية. ومن اليمن إلى ليبيا وسوريا، تقاوم الأطراف المتحاربة الدعوات إلى هدنة، ويشجع ذلك دور الطائرات المسلحة بدون طيار".

ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض يؤكد أنه ليس بوسع أي من هذه الدول في الوقت الحاضر تحمل التكلفة المالية والتكنولوجية غير العادية لمثل هذه المساعي العسكرية عندما تتعرض اقتصاداتها لضربات عالمية بعيدة المدى مثل انهيار أسعار النفط وتفشي وباء صحي عالمي.

علاوة على ذلك، تكافح إيران من أجل التأقلم مع العقوبات الأمريكية في حين تواجه السعودية مشاكل مالية مؤلمة وإصلاحات هيكلية ملحة.

المصدر | جيمس دورسي - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سباق التسلح سباق التسلح النووي الصواريخ الباليستية الطائرات بدون طيار خفض القوات الأمريكية

اتفاق سعودي أمريكي مشترك لإنتاج المنظومات الأرضية