سر توتر العلاقات بين الأسد وبوتين

الخميس 14 مايو 2020 07:49 م

هل العلاقة الخاصة بين روسيا ورئيس النظام السوري "بشار الأسد" ممزقة؟.. للوهلة الأولى، توحي بذلك سلسلة من المجازفات الإعلامية الفاضحة حول معاملات ابن عم "الأسد" وإنفاقه العقاري في موسكو، والتي بلغت ذروتها مع تقارير في الصحافة الروسية حول  ضعف "الأسد".

إن خلفية هذه القصة بسيطة.

لم يتلق "بوتين" ورفاقه أي ثمن من "الأسد"، بعد تدخل روسيا عام 2015 في سوريا، والذي أنقذ بالتأكيد عنق الدكتاتور السوري، الذي كان قبل أيام من التدخل على وشك خسارته للبلاد.

بدأ الفساد الروسي في اللحظة التي وصل فيها الجيش الروسي وأقام معسكراً على طول الساحل السوري في اللاذقية، ففي غضون أيام قليلة، سيطر على السوق السوداء اللبنانية للأسلحة من خلال طرح أنواع جديدة من الأسلحة الروسية، مما سمح للجنرالات الفاسدين القريبين من "بوتين" بالتجارة.

على وجه الخصوص، أصبح مسدس "الفايكنج" MP466 للقوات الخاصة موجودا في كل مكان في لبنان، ويكلف 2400 دولارًا أمريكيًا، ويأتي مع علبة كرتون رخيصة و17 مخزن احتياطي.

في أوائل عام 2016، كانت أسواق الأسلحة في البلاد مليئة "بالفايكنج". ثم جاءت بنادق قنص وقاذفات صواريخ. ومن يعرف ما يمكن شراؤه الآن؟ ربما صواريخ أرض جو!

أينما تذهب الآلة العسكرية الروسية، يتبعها كتيبة من العسكريين ورجال الأعمال الفاسدين.

لقد قاموا، إلى جانب "حزب الله"، بتدمير جزء كبير من تنظيمي "النصرة" و"الدولة الإسلامية" وتمكنوا من إنقاذ النظام، ولكن ما الذي حصل عليه رجال الأعمال في المقابل؟

إذا أردنا أن نقرأ بين سطور سلسلة من المقالات في الصحافة الروسية بقلم "شيف بوتين" و"يفغيني بريجوزين"، فمن الواضح أن "بوتين" منزعج للغاية من "الأسد".

كان من المفترض أن يكون مكسب "بوتين" هو الوصول إلى مناطق رئيسية في الاقتصاد. ثم، بالطبع، المكسب الأكبر هو إعادة الإعمار بمجرد استعادة السلام. 

يظهر انزعاج "بوتين" من خلال تقارير الصحافة الروسية التي تصف "الأسد" بأنه "ضعيف" ويغطي على الفساد والبيع غير القانوني للطاقة خارج البلاد.

ولا تتوقف التقارير عن تسمية أسماء من مستويات عليا ممن تمارس الكسب غير المشروع.

لا يمكن اعتبار التقارير عشوائية، فتوقيتها مثالي، وليس من الصعب معرفة أسبابها. 

ترى موسكو أن "الأسد" عض اليد التي تطعمه ويميل أكثر نحو إيران كشريك طويل الأمد، بالرغم أنه أعلن أن طهران سحبت بعض قواتها من سوريا مؤخرًا.

تعتبر إيران شريكا رئيسيا لسوريا منذ عام 1979، ويشير الخبراء إلى أنه في حين أن "الأسد" يعتبر أقل ميلاً لنصائح "بوتين"، إلا أنه أكثر خضوعاً لتوجيه طهران. ويتقاطع هذا مع تصور "بوتين" حول إعادة إعمار سوريا بالمال الدولي مع إعادة انتخاب "الأسد" من قبل الأمم المتحدة.

تتمثل خطة "بوتين" في جعل نظام "الأسد" أكثر مصداقية في جميع أنحاء العالم، لجذب الاستثمارات الدولية، التي سيسيطر عليها الروس.

لكن "الأسد" وطهران ليسا حريصين على الفكرة الجريئة التي قد تنطوي على التنازل عن بعض السلطة لجماعات المعارضة. وهكذا، بينما تتفشى فضيحة عائلة "مخلوف"، تبدو روسيا وكأنها الراعي لحفلة الفضائح.

في الأيام الأخيرة، ذكرت وكالة أنباء تركية أن "بوتين" يعمل بشكل وثيق مع "الأسد" لنقل مقاتلي الميليشيات الموالية للزعيم السوري إلى ليبيا، حيث يأمل الزعيم الروسي في استغلال موقفه القوي في الصراعين.

ولكن هل يستغل "الأسد" هذه الخطوة لإخراج الجنود الروس أيضًا؟

أورد هذا المقال اقتباسا من دبلوماسي روسي أطلق العنان لهجوم لاذع على "الأسد" حيث اتهمه بأنه "منفصل عن الواقع" وجزء كبير من المشكلة بدلاً من الحل.

يسرد المقال فعليًا جميع نقاط الضعف في سوريا، حيث يمكن لـ"بوتين"، بضغطة زر واحدة، أن يتسبب في فوضى حقيقية إذا قام بسحب شريان الحياة من جيش "الأسد".

وإذا لم يكن هذا المقال واضحا بما فيه الكفاية، فإن رجل "بوتين" يوضحها باللغة الإنجليزية البسيطة، في أشد تهديد حتى الآن من الزعيم الروسي حيث قال "ألكسندر أكسينيونوك"، الدبلوماسي الروسي السابق في مقابلة هاتفية مع "بلومبرج": "إذا رفض الأسد قبول دستور جديد، فإن النظام السوري سيعرض نفسه لخطر كبير".

بغض النظر عن ذلك، فإن "الأسد" ينتظر وقتًا طويلاً جدًا ليلتقط تلميحات موسكو.

وفي النهاية قام "الأسد" بقمع عائلة "مخلوف" بما في ذلك "حافظ مخلوف"، الذي يُنظر إليه على أنه أكبر أتباع "الأسد" في الأجهزة الأمنية المتخصصة في التعذيب.

ربما يكون هذا التطهير الأخير بسبب الأزمة المصرفية في لبنان التي أضرت بنظام "الأسد"، أو ربما تكون الحملة القمعية أيضًا رد فعل تجاه موسكو التي فقدت صبرها على الزعيم السوري، والذي يصوره الجهاز الإعلامي التابع لـ"بوتين" باعتباره الآن عقبة أمام أهداف موسكو.

وقالت "لينا الخطيب"، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "تشاتام هاوس"، لـ"فاينانشيال تايمز": "لقد ساعدت روسيا نظام الأسد في التغلب على العقوبات.. إنها تعتبر نفسها الآن ضامنة للدولة السورية، وبالتالي تفعل كل ما في وسعها، عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا، لإبقاء الدولة السورية على قيد الحياة مع الحفاظ على ولائها لموسكو".

ولكن هذا الولاء أصبح الآن موضع تساؤل.

ومع محاولة إيران الانزلاق مرة أخرى إلى الظل، ومع حساب "بوتين" لخسائره في سوريا، فإن هناك الآن مكونات مواجهة حقيقية مثلما أظهرت المقالات الأخيرة في الصحافة الروسية.

يملك "بوتين" العديد من النقاط التي يستطيع اللعب بها، حيث من المرجح أن الفساد الذي كشف من خلال الممتلكات في موسكو ليس سوى غيض من فيض. 

إن اتخاذ تركيا عدوا، يمكن اعتباره تهورًا. ولكن جعل "بوتين" عدوا؟ يعتبر انتحارا. وسيتضح ما مدى "الانفصال عن الواقع" الذي يعيشه الدكتاتور السوري؟

المصدر | مارتن جاي/انسايد أرابيا- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلاديمير بوتين مصير الأسد مستقبل الأسد العلاقات السورية الروسية

إنتليجنس: إسرائيل تستغل الخلاف بين سوريا وروسيا لفصل الأسد عن إيران

قوات نظام الأسد تتبادل الأسرى مع هيئة تحرير الشام في حلب

برلماني إيراني رفيع ينفي تقارير عن اتفاق بشأن استقالة الأسد

خلال لقائه الأسد.. بوتين يمتدح إجراءه حوارا مع المعارضين