نيويورك تايمز: الضوء الأخضر الأمريكي لضم الضفة الغربية يتحول للأصفر

الجمعة 15 مايو 2020 08:02 م

أثارت زيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى (إسرائيل)، التي استغرقت 8 ساعات يوم الأربعاء، في جولة خاطفة من اللقاءات مع الزعماء الإسرائيليين، سؤالا لم يتطرق أحد لإجابته؛ ما هو الأمر العاجل والحساس، وسط جائحة الفيروس التاجي، الذي اضطر كبير الدبلوماسيين الأمريكيين إلى القيام برحلة لمدة 16 ساعة إلى (إسرائيل) بدلا من إجراء مجرد مكالمة عبر الهاتف؟.

وقال مسؤولون وخبراء إن المفتاح كان في التوقيت، التي جاءت عشية اجتماع حكومة (إسرائيل) الجديدة التي تبدو منقسمة حول ضم نحو 30% من الضفة الغربية المحتلة، التي كان ينتظر أن يستخدمها الفلسطينيون لبناء دولتهم المستقبلية عليها.

وجاء ذلك في الوقت الذي تواجه فيه إدارة "ترامب" ضغوطا متزايدة من القادة العرب في جميع أنحاء الشرق الأوسط لوقف خطط الضم الإسرائيلية.

وبالرغم أن "بومبيو" بذل قصارى جهده لتجنب التطرق العلني للضم، رأى محللون أن الهدف من الرحلة هو تحذير القيادة الإسرائيلية من التحرك بسرعة كبيرة.

والتقى "بومبيو" أولا برئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، الذي وعد خلال حملته بالمضي قدما في الضم بأقرب وقت ممكن. وبعد ذلك مع "بيني جانتس"، رئيس الوزراء البديل في الحكومة الجديدة، الذي شن حملة ضد الضم من جانب واحد.

ودون الإشارة صراحة إلى إمكانية إبطاء "نتنياهو" و"جانتس" لهذه العملية، بدا أن "بومبيو" أشار إلى ذلك بشكل مستتر، قائلا لـ "إسرائيل اليوم"، وهي صحيفة موالية لـ "نتنياهو"، إن الأخير و"جانتس"؛ "يجب أن يجدا الطريق إلى الأمام سويا".

ووافق "جانتس"، قائد الجيش السابق الذي خاض الانتخابات ضد "نتنياهو"، الشهر الماضي على الانضمام إلى حكومة وحدة لمحاربة وباء كورونا.

لكن اتفاقهما على تقاسم السلطة لم يمنح "جانتس" حق النقض "الفيتو" على الضم كما كان مؤيدوه يأملون. وبدلا من ذلك، لا يتجاوز الأمر مجرد استشارة "جانتس".

وإذا كانت الولايات المتحدة قد منحت "نتنياهو" الضوء الأخضر للضم، بموجب خطة "ترامب" للسلام، فقد يكون الضوء قد تغير الآن إلى الأصفر.

وأشار "دينيس روس"، الذي ساعد في التفاوض على خطط سلام سابقة خلال إدارة "كلينتون"، إلى علامات تؤكد على تغير نهج إدارة "ترامب"، بعد سلسلة من المناورات الدبلوماسية التي بدت مصممة للضغط على المسؤولين الفلسطينيين لإجراء محادثات جديدة مع (إسرائيل).

وقال "روس" إن قادة الدول العربية المجاورة يحثون إدارة "ترامب" على وقف موافقتها على ضم الضفة الغربية، بحجة أنها ستلغي الاتفاقات الأمنية الإقليمية، وتخلق تدفقا جديدا من النازحين الفلسطينيين إلى الأردن، وفي النهاية، تحطيم أي أمل في المفاوضات المستقبلية.

وأوضح "روس" أنه يتحدث مع مسؤولين عربا وإسرائيليين، وأن عددا منهم يفكر في الأمر ويقول: "لا تفعلوا ذلك، أو على الأقل لا تتسرعوا في القيام بذلك".

وبدا "بومبيو" نفسه يلمح إلى احتمال أن يؤدي الضم الفوري إلى عرقلة "رؤية إدارة ترامب للسلام"، المعروفة بـ"صفقة القرن".

وردا على سؤال حول الضم، قال "بومبيو" لـ "إسرائيل اليوم": "لم نناقش مسألة الضم فقط، ولكن كيف نتصرف مع مختلف أصحاب المصلحة المعنيين، وكيف يمكن ضمان التحرك بطريقة مناسبة لتحقيق نتيجة تتماشى مع رؤية السلام".

واحتفظ "نتنياهو"، الذي لم يذكر خطة السلام في ظهوره مع "بومبيو"، بالحق في تناول مسألة الضم بعد 1 يوليو/تموز، كما جاء في اتفاق الائتلاف.

وفي واشنطن، قلل مسؤولو إدارة "ترامب" من أهمية ذلك التاريخ، مشيرين إلى أن الضم قد يتأخر. وصرح مسؤول كبير في وزارة الخارجية للصحفيين المسافرين مع "بومبيو" بأن "الأمر سيستغرق بعض الوقت" بالنسبة للحكومة الإسرائيلية لتفعيل خطة السلام التي وضعتها الإدارة الأمريكية.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن (إسرائيل) تدرك جيدا المخاوف التي أثارها الضم مع الدول العربية المجاورة، وأنها يجب أن تتعامل معها بطريقة "ذكية".

وإذا كان "جانتس" و"جابي أشكنازي"، الذي من المقرر أن يصبح وزيرا للخارجية، وهو أيضا قائد سابق للجيش، يتكلمان بقوة ضد الضم لأسباب أمنية، فقد يشكل ذلك مشكلة سياسية لإدارة "ترامب"، على حد قول المحللين.

وقد يُنظر إلى الإدارة على أنها تنحاز إلى اليمين المتطرف في (إسرائيل) بطرق يمكن أن تعرض أمن (إسرائيل) للخطر.

لكن "روس" قال إن إدارة "ترامب" يمكن أن تدعي قدرا من النجاح، مع استرضاء الإنجيليين والناخبين اليهود اليمينيين في الولايات المتحدة، الذين يعد دعمهم لـ "ترامب" حاسما في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، إذا أثمرت حملة الضغط الطويلة ضد الفلسطينيين عن نتائج ملموسة.

وقال "روس" إنه في هذا السيناريو يفترض عودة رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" إلى المفاوضات بمقترح مضاد لخارطة الضم.

وبيّن أن إدارة "ترامب" يمكن أن تقول إن "الجميع ادعى أن هذا لن يحدث وقد حدث؛ لذا فقد نجحنا بطرق لم يحققها الآخرون".

بوجه عام، تبنى معارضو الضم وجهة نظر أكثر خفوتا، محذرين من أنها ستقتل أي فرصة لحل الدولتين، وأنها قد تسبب عنفا يمكن أن يؤدي بسرعة إلى انهيار السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية بموجب اتفاقات أوسلو.

وظهرت بالفعل مؤشرات هذا الأسبوع على تصاعد العنف. ويوم الثلاثاء، تم قتل جندي إسرائيلي عندما أُلقيت صخرة ثقيلة على رأسه من منزل بالقرب من مدينة جنين شمال الضفة الغربية.

ورغم استمرار عملية البحث عن قاتله، تم قتل طفل فلسطيني وهو "زيد قيسية" برصاصة في رأسه في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، بنيران قوات الأمن الإسرائيلية في مخيم "فوار" بالقرب من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية. وقد اجتذبت جنازة الصبي حشدا بالآلاف.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن قضية الضم لم تكن محور التركيز الرئيسي للرحلة؛ فقد ناقش "بومبيو" و"نتنياهو" أيضا قضيتين عاجلتين أخرتين؛ وهما التهديدات الإيرانية والتعامل التجاري مع الصين.

ونسبت التقارير الإسرائيلية هجوما إلكترونيا الشهر الماضي إلى إيران، بالرغم من عدم تقديم أي دليل علني. واستهدف الهجوم إعدادات شبكة المياه الوطنية الإسرائيلية، في وقت كان فيه المواطنون محصورين في منازلهم.

وتداول "بومبيو" و"نتنياهو" أيضا التوترات بشأن الصين، التي أثارت استثماراتها الكبرى في البنية التحتية الإسرائيلية مخاوف لدى المسؤولين الأمريكيين لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وفي ملاحظاتهما العامة الموجزة، بدا "بومبيو" في مرحلة ما يحاول جذب "نتنياهو" إلى حرب الكلمات التي بدأتها إدارة "ترامب" مع الصين حول فيروس كورونا.

وهاجم "بومبيو" و"ترامب" الصين بسبب تعاملها مع تفشي الفيروس، الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة "ووهان" الصينية.

والأسبوع الماضي، قال "بومبيو" إن الصين كان يمكن أن تمنع وفاة مئات الآلاف من الناس في جميع أنحاء العالم، وكان يمكنها إنقاذ العالم من الانزلاق إلى حالة من القلق الاقتصادي العالمي، مضيفا أن "بكين لا تزال ترفض مشاركة المعلومات التي نحتاجها لإبقاء الناس آمنة".

والأربعاء، قال "بومبيو" لـ "نتنياهو": "أنت شريك عظيم. أنت تشارك المعلومات، على عكس بعض البلدان الأخرى التي تحاول تشويش المعلومات وإخفائها".

لكن إشارة "بومبيو" إلى الصين كانت أيضا إشارة خفية إلى جوهر الخلاف بين (إسرائيل) والولايات المتحدة.

وكانت (إسرائيل) قد استعدت واشنطن بالسماح للشركات الصينية بإجراء استثمارات كبيرة في البنية التحتية في الأعوام الأخيرة، بما في ذلك في المواقع الحساسة.

ووقعت شركة مملوكة للحكومة الصينية عقد إيجار لمدة 25 عاما لإدارة الميناء التجاري الإسرائيلي في حيفا، بدءا من عام 2021.

وفي بقعة استراتيجية أخرى بالقرب من قاعدة "بلماخيم" الجوية الإسرائيلية، كانت شركة "هاتشيسون ووتر إنترناشونال"، ومقرها هونج كونج، أحد المتأهلين النهائيين لبناء محطة لتحلية المياه تقول (إسرائيل) إنها ستكون الأكبر في العالم.

وطالب مسؤولو إدارة "ترامب" (إسرائيل) بفحص ومراقبة هذه الاستثمارات بعناية أكبر، مع تحذير وزير الطاقة الأمريكي "دان برويليت"، في زيارة لـ (إسرائيل) العام الماضي، من أن تبادل المعلومات الاستخباراتية يمكن أن يضعف أو يتعرض للخطر.

وبدا أن "نتنياهو" يحاول تلطيف الأجواء، مذكرا "بومبيو" بالمعلومات الاستخبارية التي يتشاركها الطرفان.

وقال "نتنياهو"، في إشارة لا لبس فيها إلى سجل المخابرات الإسرائيلية في تطوير معلومات ذات قيمة للولايات المتحدة، إن "أهم شيء هو في الواقع توليد المعلومات، ومن ثم مشاركة تلك المعلومات".

المصدر | ديفيد هالبفينجر و لارا جاكس/ نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضم الضفة الغربية صفقة القرن مايك بومبيو بنيامين نتنياهو العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

بومبيو ينصح (إسرائيل) بتوخي الحذر بشأن ضم الضفة الغربية

معهد إسرائيلي: خطط ضم الضفة تهدد العلاقات مع مصر

علماء المسلمين: واشنطن تتحمل مسؤولية ضم إسرائيل أراض بالضفة

وزير إسرائيلي يعارض الضم الأحادي لأراض فلسطينية

جانتس يوجه الجيش بالاستعداد لاحتمال ضم أراضي الضفة