واشنطن بوست: هل يقضي كورونا على ربط عملات الخليج بالدولار؟

الأحد 17 مايو 2020 07:21 م

بالرغم أن سعر الصرف الثابت (الذي استمر لعقود داخل دول الخليج) كان غالباً ما يتعرض لضغوط في حال تدهور أسواق النفط، لكنه استطاع تجاوز كافة الأزمات السابق.

وتبدو هذه المرة مختلفة حيث وصلت أسعار الطاقة إلى أدنى مستوياتها تاريخيًا، كما أدى تفشى الفيروس التاجي إلى ركود يضغط على الميزانيات الحكومية بشكل لم يسبق له مثيل.

فهل سيواجه سعر الصرف اختباره الأقسى مع كون بعض عملات الخليج تحت ضغط من المضاربين؟

مع شروع السعودية في حرب أسعار النفط في مارس/آذار من خلال زيادة إنتاج النفط الخام، راهن التجار على أن عملات المنطقة ستضعف في غضون عام، ولكن مثل هذا السيناريو ممكن فقط إذا تخلت دول الخليج عن سعر الصرف الثابت أو ربط عملاتها.

لم تصمد أنظمة ربط العملات في آسيا خلال أزمة العملة أواخر التسعينات، عندما أجبر المضاربون دولًا مثل تايلاند وكوريا الجنوبية على فك ارتباط عملتها بالدولار.

يقتصر ربط العملات الآن إلى حد كبير على منتجي النفط الرئيسيين في الشرق الأوسط، والذين يبدون غير مستعدين للتخلي عن ذلك الربط.

تربط الكويت الدينار بسلة من العملات يعتَقَد أن الدولار الأمريكي يهيمن عليها، بينما ترتبط عملات دول الخليج الأخرى بالدولار فقط.

ومع تسعير النفط والغاز بالدولار، ساعد هذا الربط على حماية تلك البلاد من تقلبات أسواق الطاقة وسمح للبنوك المركزية بتجميع احتياطيات العملات الأجنبية في أوقات الرخاء.

وبالطبع تتعلق متانة الربط إلى حد كبير بحجم احتياطيات النقد الأجنبي للدول والأصول الأجنبية التي تحتفظ بها صناديق الثروة السيادية.

لماذا القلق الآن؟

لا تزال معظم دول الخليج تعتمد بشكل كبير على الهيدروكربونات في ميزانياتها (يمثل النفط ثلثي الإيرادات السعودية و90% من الإيرادات الكويتية) لذا فإن انهيار أسعار النفط وضع اقتصادات المنطقة تحت ضغط كبير.

ومع انهيار سعر خام "برنت" بأكثر من النصف في مارس/آذار، استنفدت السعودية 27 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية خلال ذلك الشهر فقط، ما يمثل انخفاضا  بأكثر من 5% خلال شهر واحد.

نجا نظام ربط العملات الخليجية بالدولار من اختبارات حرجة سابقا، بما في ذلك سنوات متتالية من انخفاض أسعار النفط في التسعينات، وفترة ضعف الدولار قبل الأزمة المالية في عام 2008 وانهيار أسعار النفط في عام 2014.

هرع المضاربون في ذلك الوقت لتحدي الربط، بعقود مستقبلية تمتد لـ12 شهرًا والتي يستخدمها المستثمرون للمراهنة على كسر ربط العملات أو التحوط في حالة حدوث ذلك، فتراجع الريال السعودي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 3.85 للدولار في عام 2016 (سعر الربط هو 3.75).

بدلاً من اختيار تخفيض قيمة الريال، خفضت المملكة الإنفاق والإعانات وتحولت إلى أسواق الديون لتمويل عجز ميزانيتها، وهي ذات الاستراتيجية التي قد تتبناها جيرانها.

كان التقدم في تنويع الإيرادات بعيدًا عن النفط متباينًا في دول الخليج كما الحال مع محاولات كبح جماح الإنفاق، فقفز الدين الحكومي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 2014.

ستشهد السعودية عجزها السابع على التوالي هذا العام، كما أن الإمارات في طريقها نحو عجز قياسي، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

يشير كل ذلك إلى الحاجة إلى إجراءات اقتصادية جذرية لمكافحة الأزمة المزدوجة من أسعار النفط المتدهورة والركود العالمي.

يشار إلى أن السعودية ضاعفت في مايو/أيار ضريبة القيمة المضافة 3 أضعاف وخفضت مخصصات الدولة.

العملات الأكثر هشاشة

تمتلك السعودية والإمارات والكويت وقطر جميعها القوة المتمثلة في شكل احتياطيات عملة كبيرة للدفاع عن ربط عملاتها.

قالت "مؤسسة النقد العربي السعودي" في وقت سابق هذا الشهر إن احتياطياتها من النقد الأجنبي تغطي 43 شهرا من الواردات، وأكدت من جديد التزامها بالحفاظ على الربط.

ويبدو أن عُمان والبحرين هما الأكثر ضعفا فيما يخص ربط العملات، نظرا لماليتهما العامة غير المستقرة واحتياطياتهما الضعيفة.

وفقًا لصندوق النقد الدولي، تحتاج البحرين إلى سعر نفط يبلغ 95.6 دولار للبرميل لموازنة ميزانيتها، بينما تحتاج عُمان إلى سعر 86.8 دولار، و لكن البحرين على الأقل لديها حزمة إنقاذ بقيمة 10 مليارات دولار من جيرانها الأغنياء.

وربما تكون عمان هي الحلقة الأضعف، فهي تفتقر إلى حد ائتماني داعم من حلفائها الإقليميين وقد تدفع أيضًا الثمن السياسي لمقاومتها الانحياز في النزاعات الإقليمية أو دعم السياسات الخارجية للسعودية.

بصفتها أكبر منتج للنفط من خارج "أوبك" في الشرق الأوسط، تواجه عُمان عامها السابع على التوالي من عجز الموازنة، حيث من المقرر أن يصل هذا العام إلى 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان 9.7% في عام 2019، وفقًا لـ"ستاندرد آند بورز".

وربما يكون الخوف من تأثير الدومينو في مصلحة عُمان، حيث قالت "ستاندرد آند بورز" إنها تتوقع من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى أن تنقذ عُمان إذا هددت ضغوط السيولة الخارجية الكبيرة ربط عملتها لأن أي تأثير معدي قد يضر بالمنطقة ككل.

​​​​​​​

ما هو ضرر كسر ربط العملات؟

لن يقتصر الأمر على تحفيز المضاربين لتحدي ربط العملات الأخرى، بل إن أي تخفيض لقيمة العملة من شأنه أن يزيد من خطر سيطرة التضخم من خلال ارتفاع تكاليف الاستيراد، ما يقلل من القدرة الشرائية للناس ويؤدي إلى تآكل الدخول الحقيقية.

كما أنه سيقلل من قيمة المدخرات المحلية وقد يدفع تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج مع قيام المواطنين بنقل أموالهم إلى الخارج لحماية قيمتها.

وبالنظر إلى أن النفط والغاز المسعرين بالدولار لا يزالان الصادرات المسيطرة، فمن غير المرجح أن تستفيد اقتصادات المنطقة من الأسعار المنخفضة لعملاتها.

تشمل الخيارات المتاحة للدول بعد كسر ربط العملات الانتقال إلى سعر صرف عائم مُدار أو الانتقال - بالنسبة لأولئك المرتبطين بالدولار فقط - إلى ربط مقابل سلة عملات متعددة، كما فعلت الكويت في عام 2007.

المصدر | عبير أبو عمر ونيتي إسماعيل | واشنطن بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب أسعار النفط فيروس كورونا البترودولار تداعيات كورونا

الصباح: جائحة كورونا هزت اقتصاد العالم والكويت جزء منه

أثر انخفاض أسعار النفط وكوفيد-19 على الاقتصاديات العربية

نيويورك تايمز: رفاهية السعودية وأحلامها الكبيرة تصطدم بالحائط

أكثر من 184 ألف إصابة و863 وفاة بكورونا في دول الخليج

فورين أفيرز: هكذا يبدو مستقبل الدولار بعد كورونا

3 عملات خليجية تتصدر قائمة الأقوى حول العالم