قفزات نوعية للسلاح التركي.. ليبيا نموذجا

الخميس 28 مايو 2020 05:23 م

لم يكن سقوط قاعدة "الوطية" الجوية، بيد حكومة "الوفاق" الليبية الأسبوع الماضي، مجرد نصر لحكومة طرابلس المعترف بها دوليا، بل كان أيضا شهادة إجادة على قدرة السلاح التركي في قلب موازين المعركة.

وخلال المعارك التي شهدتها القاعدة الواقعة غربي ليبيا، على مدار الأسابيع الماضية، كان السلاح التركي، في مواجهة مع ترسانة أسلحة روسية وفرنسية وصينية الصنع استخدمتها قوات الجنرال "خليفة حفتر" في المعارك.

وتكبدت قوات "حفتر" خسائر فادحة في قاعدة "الوطية"، تضمنت وحدتين من منظومة "بانتسير" الصاروخية المدفعية المضادة للطائرات، وطائرة مسيرة من نوع "وينج لونج" صينية الصنع، وكميات كبيرة من الذخيرة.

وإلى جانب المكاسب السياسية والعسكرية لسقوط "الوطية" بيد "الوفاق، يعزز هذا الانتصار من سمعة السلاح التركي، كعامل مؤثر في التحول العسكري الذي تشهده الأراضي الليبية.

نظام "ألقا"

وتمتلك الدفاعت التركية، سلاح "ألقا"، محلي الصنع، وهو مضاد للطائرات المسيرة (الدرون)، ويعمل وفق نظام الطاقة الموجهة.

ويعتمد "ألقا" على توجيه الطاقة إلى هدف معين، دون استخدام قذيفة، حيث يقوم بالتشويش على الهدف من على بعد 4 كيلو مترات، والقضاء عليه من مسافة 500 متر.

ويمكن اعتبار "ألقا"، الذي أنتجته شركة "روكيتسان" التركية للصناعات الدفاعية، أحد أسباب النجاح الذي حققته قوات الوفاق في استهداف الطائرات دون طيار، التي زودت بها الإمارات قوات الشرق الليبي.

كذلك يوفر "ألقا" حماية فعالة للوحدات العسكرية الثابتة والمتحركة والقواعد العسكرية والموانئ والسفن، وغيرها من المواقع الحساسة، وهو ما حرم قوات "حفتر" من استهداف تمركزات "الوفاق"، وجعلها فريسة غير سهلة المنال.

مدرعات "كيربي"

ومن أبرز المعدات العسكرية التي عززت بها أنقرة قدرات طرابلس القتالية، مدرعات "كيربي-2" التي وصلت إلى ميناء "طرابلس" البحري، قبل شهور.

وتتميز "كيربي" بقدرتها على مقاومة الألغام والقنابل، وهي مزودة بمناظير تناسب كافة الظروف البيئية المختلفة، ومحطة تحكم بالسلاح عن بعد، ومنظومة إطفاء حرائق.

وتؤمن "كيربي-2" نقل الجنود والمعدات بشكل آمن إلى جبهات القتال، وقد اجتازت كافة اختبارات حلف شمال الأطلسي "الناتو"، عام 2018.

ويمكن استخدام المدرعة التركية، في عمليات مكافحة الإرهاب، وفي الدوريات الحدودية، كذلك تم استخدامها على جبهات القتال كمدرعة إسعاف لنقل الجرحى بسلام.

أجهزة "كورال"

وبرز في معركة "الوطية" كذلك، أجهزة تشويش الرادار  من نوع "كورال"(KORAL)، التي نقلتها تركيا إلى ليبيا، فبراير/شباط الماضي.

ووفق المحلل الأمني، "متين غورجان"، فإن  "كورال" لعبت دورا كبيرا في إخفاق أنظمة الدفاع الجوي "بانتسير" التابعة لـ"حفتر" في التصدي للطائرات التركية.

وإلى جانب "كورال"، هناك أنظمة الدفاع الجوي التركية، قصيرة المدي ذاتية الحركة من طراز "كوركوت"، وهي أنظمة منحت قوات "الوفاق" القدرة على التشويش على الطائرات دون طيار وإسقاطها.

وتقوم الطائرات التركية من نوع "E-7T" المزودة بـ"نظام الإنذار المبكر والتحكم الجوي"، بتوفير المعلومات الاستخبارية حول الأهداف على الأرض، ورصد الطائرات دون طيار التابعة للخصم، الأمر الذي كان نقطة تحول نوعية في إدارة دفة المعركة.

بموازاة ذلك، هناك دعم بحري كانت تقدمه الفرقاطتان التركيتان "جوكسو" و "جوكوفا" لتعزيز الحماية البحرية لقوات حكومة طرابلس، منذ فبراير/شباط الماضي.

الدرون القاتلة

وفق تقارير عسكرية غربية، فإن طائرات "بيرقدار تي بي2" المسيرة القتالية هي من لعبت الدور الأكبر في تحويل دفة المعارك في ليبيا، بحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية.

وبإمكان الطائرات دون طيار التركية حمل اثنتين أو أربع ذخائر دقيقة ذكية يبلغ وزنها 40 كيلو جرامًا من طراز "MAM-L"، وهي قادرة على توجيه ضربات لأهداف أرضية من مسافة تصل إلى سبعة كيلومترات.

وأثبت الدرون التركية فعاليتها في استهداف وتدمير منظومتي دفاع جوي من طراز "بانتسير"، بعد وصولهما إلى قاعدة "الوطية"، ضمن تعزيزات إماراتية لإنقاذ القاعدة الاستراتيجية.

وتعتبر "بانتسير" واحدة من أفضل منظومات الدفاع الجوي حول العالم، وهي مصممة لضرب جميع أنواع الأهداف الجوية على مسافة تصل إلى 20كم، وتدمير الأهداف ذات الارتفاع المنخفض، والمروحيات والطائرات المسيرة، وصواريخ كروز.

وتستطيع "بانتسير" ضرب أربعة أهداف في آن واحد، وهي مسلحة بـ12 صاروخا صغيرا مضاد للطائرات و1400 طلقة مدفعية، لكن تدميرها سريعا من قبل الدرون التركية في سوريا، ثم ليبيا، اعتبر من قبل مراقبين إهانة للسلاح الروسي.

قفزة نوعية

ويبدو أن نتائج معركة "الوطية" سوف تعزز رصيد وسمعة صادرات السلاح التركية في السوق العالمي، بعد ان احتلت تركيا المركز الرابع عشر على قائمة الدول المصدرة للسلاح عالميا في 2018.

وحققت تركيا زيادة في صادراتها من السلاح بنسبة 170% عام 2018 مقارنة بعام 2014، وهو ما يجعل منها واحدة من أكبر ثلاث دول صاعدة في إنتاج وتصدير السلاح.

وخلال عام 2017، جاءت الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المستوردة للسلاح التركي، حيث اشترت أسلحة تركية بـ644 مليونا و29 ألف دولار، تلتها ألمانيا بـ211 مليونا و684 ألف دولار.

وبلغ إجمالي صادرات قطاع صناعة الدفاع والفضاء التركية 18.3 مليار دولار بين عامي 2002 و2018، في حين تصل مبيعاته الإجمالية في ذات الفترة إلى 64.9 مليار دولار، بحسب بيانات تركية رسمية.

في الوقت نفسه، انخفضت واردات تركيا من الأسلحة بين عامي 2015 و2019 بنسبة 48% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وفقا للبيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI).

وتحتل العديد من الشركات التركية أماكن متقدمة ضمن أكبر 100 شركة لصناعة الدفاع عالميا، من أبرزها شركة "وروكيتسان" وشركة الصناعات الجوية التركية، وشركة "أسيلسان".

وتسعى أنقرة إلى استغلال نجاحات أسلحتها في سوريا وليبيا من أجل زيادة مبيعات قطاع الصناعات الدفاعية إلى 26.9 مليار دولار، وزيادة الصادرات إلى 10.2 مليارات دولار، وزيادة معدل الإنتاج المحلي إلى 75%، بحلول عام 2023.

وتزاحم تركيا، دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في صناعة وتصدير السلاح المتطور، خاصة الطائرت المسيرة، ويبدو أنها في طريقها لتجاوز الصين وروسيا وفرنسا، محققة طفرة نوعية في مجال التسليح، بما يحقق لها الاكتفاء الذاتي محليا، جنبا إلى جنب مع مكانة مرموقة على قوائم المصدرين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طرابلس الأسلحة التركية العلاقات الليبية التركية

تركيا: خطواتنا في ليبيا غيرت الموازين ومنعت حربا أهلية